نشر قبل 20 سنة
مجموع الأصوات: 63
القراءات: 13802

السائل: 

صادق صاحب

العمر: 

37

المستوى الدراسي: 

الدولة: 

المدينة: 

مبدأ التقليد لدى الشيعة .

السوال: 

بسم الله الرحمن الرحيم سادتي الاعزاء المشرفين على الموقع المبارك أنني بحاجة الى الاجابة على السؤال التالي وهو خاص بالتقليد (( ماهو التاريخ المحدد لظهور مبدأ التقليد لدى الشيعة الامامية وماهو السند العقلي والنقلي لذلك )) جزاكم الله خير والسلام عليكم ورحمة الله ؟

الجواب: 

قال العلامة المُحقق الدكتور الشيخ عبد الهادي الفضلي ( حفظه الله ) في كتابه التقليد : . . . ان التقليد الشرعي هو التقليد العرفي المتمثل برجوع غير العالم إلى العالم ، مع فارق أن التقليد الشرعي يلتمس فيه الحجة لما يترتب عليها من تنجيز وتعذير .
واعني بهذا أن العامي عندما يثبت لديه أن هذا الفقيه العالم بالأحكام الشرعية قد توفرت فيه الشروط التي تصحح الرجوع إليه واخذ الأحكام الشرعية منه ، وان فتواه حجة تنجز التكليف في حقه ، أي تجعله جاهز للامتثال ، وتعطيه المجال للاعتذار أمام اللّه تعالى عند عدم إصابة الفتوى للواقع المطلوب ، فانه يرجع إليه وبتاثير من هذه المشروعية التي آمن بها .
وجاء هذا لان التقليد العرفي ظاهرة بشرية عامة قامت عليها سيرة الناس (سيرة العقلاء) في جميع شؤونهم الحياتية ، حيث يرجع غير العالم في كل مجال من مجالات الحياة الى العالم .
وجاء المشرع الاسلامي ، واقر هذه الظاهرة في مجال الامتثالات الشرعية فانبثق منها مظهر من مظاهر سيرة المتشرعة (المسلمين) حيث يرجع العامي الى المجتهد .
وتاريخ المسلمين المتشرعين (وهم المسلمون الملتزمون بالتشريع الاسلامي) أقوى شاهد على ذلك .
فقد بدا التقليد الشرعي ، بوصفه ظاهرة شرعية اجتماعية ، في عهد رسول اللّه ( صلى الله عليه و آله ) ، وبتخطيط منه ( صلى الله عليه و آله ) ثم بتطبيقه من قبل المسلمين بمرأى ومسمع منه ( صلى الله عليه و آله ) وتحت إشرافه و بإرشاده .
وتمثل هذا في الأشخاص الذين كان ينتدبهم ( صلى الله عليه و آله ) للقيام بمهمة تعليم الأحكام الشرعية في البلدان و الأماكن التي اسلم أهلها في عصره .
ومن هذا بَعْثِه ( صلى الله عليه و آله ) مصعب‏ بن عمير إلى المدينة المنورة ، و معاذبن جبل إلى اليمن .
فقد كان المسلمون ، في هذه ألاماكن النائية عن مقر النبي ( صلى الله عليه و آله ) ، يتعلمون الأحكام من هؤلاء الصحابة المنتدبين لهم و المبعوثين إليهم ، ويعملون وفق ما يتعلمون منهم .
وكانوا ( اعني المسلمين ) عندما يحتاجون إلى معرفة حكم شرعي للعمل به يسالون هؤلاء و يجيبونهم و يعملون وفق ما يفتونهم به .
و هذا هو عين التقليد المقصود هنا .
في إجابة السؤال التالي : " متى وجب التقليد على المسلمين ؟ "
و هل كان المسلمون ، أيام الأئمة ، مقلدين خصوصا أولئك الذين
كانوا في مناطق بعيدة عن الأئمة ؟ .
قال أستاذنا السيد الخوئي : " التقليد كان موجودا في زمان الرسول ( صلى الله عليه و آله ) وزمان الأئمة لان معنى التقليد هو اخذ الجاهل بفهم العالم ، ومن الواضح أن كل احد في ذلك الزمان لم يتمكن من الوصول إلى ‏الرسول الأكرم أو احد الأئمة و اخذ معالم دينه منه مباشرة ، واللّه العالم‏ " .
كانت هذه هي البداية الأولى لنشوء ظاهرة التقليد الشرعي ، والمظهر الأول لانبثاق سيرة المتشرعة في هذا المجال‏ من أحضان سيرة العقلاء .
ثم استمر التقليد يتبلور مفهومه بتبلور مفهوم الاجتهاد ممثلين لهذه السيرة المتشرعية التي أشرت اليها .
يقول شيخ الطائفة ابو جعفر محمدبن الحسن الطوسي في كتابه " عدة الأصول‏ " : " اني وجدت عامة الطائفة ( يعني الإمامية ) من عهد أمير المؤمنين إلى زماننا هذا ( القرن الخامس الهجري ) يرجعون إلى علمائها و يستفتونهم في الأحكام و العبادات ، و يفتيهم العلماء فيها ، و يسوغون لهم العمل بما يفتون به‏ " .
و ما سمعنا أحدا منهم قال لمستفتٍ : لا يجوز لك الاستفتاء ، و لا العمل به ، بل ينبغي أن تنظر كما نظرت ، و تعلم كما علمت ، و لا
أنكر عليه العمل بما يفتونهم .
وقد كان منهم الخلق العظيم عاصروا الأئمة ، و لم يحك عن واحد من الأئمة النكير على هؤلاء ، و لا إيجاب القول بخلافه ، بل كانوا يصوبونهم في ذلك ، فمن خالف في ذلك كان مخالفا لما هو المعلوم خلافه .