حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
أفضل من أهل كل زمان
لا تخلو الأرض من الحجة، التي تتمثل بالمعصوم، نبياً كان أم إماماً، والإمام لا يخلوة من حالتين، إمَّا ظاهراً أو مستوراً، وبذلك تبقى الحجة في الأرض على العباد، ليعبدوا الله تعالى حق عبادته، وتكتمل شروط المساءلة يوم القيامة. عن الإمام الصادق(ع):"ولم تخلُ الأرض منذ خلق الله آدم(ع) من حجة الله فيها، ظاهر مشهور، أو غائب مستور، ولا تخلو- إلى أن تقوم الساعة - من حجة لله فيها، ولولا ذلك لم يعبد الله" 1.
حجتنا في زماننا هو الإمام المهدي(عج) في غيبته الكبرى، وهي غيبة لا نستطيع التواصل المباشر معه أو رؤيته إلاَّ في حال إرادته لذلك، لكنَّه لا يفارقنا، ويحضر المواسم كموسم الحج، حيث يرى المؤمنين ولا يرونه، فعن أبي عبد الله(ع):"للقائم غيبتان، يشهد إحداها المواسم، يرى الناس ولا يرونه" 2. إنَّ عدم رؤية المؤمنين له لا يعني عدم وجوده، فقد اخبرتنا الروايات بحضوره بطريقة مختلفة عن حضور احدنا في حياته اليومية، أي أنه يكون غائباً عنا لكنَّه يرانا، حيث يريد ، وحيث يحضر، فعن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول:"يفقد الناس إمامهم، يشهد الموسم، فيراهم ولا يرونه" 3. وقد أكد أحد سفراء الإمام المهدي(عج)محمد بن عثمان العمري(رض) بقوله:"والله إنَّ صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كل سنة، يرى الناس، ويعرفهم ، ويرونه، ولا يعرفونه" 4.
هل يمكن الاستفادة من هذا الغياب؟
لقد أجاب الإمام الصادق(ع)(أحد أصحابه) سليمان عندما سأله: فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ فقال(ع):"كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب" 1. فآثار الفائدة لا تقتصر على المشاهدة، بل تعم جوانب كثيرة، منها: الاطمئنان إلى وجود الإمام الذي يكون على يديه الفرج، ما يعطي الأمل الدائم لنصر دين الله تعالى، والتعلق بالقائد الذي يحقق السكينة النفسية عند اتباعه بحضوره ووجوده لقيادتهم في يوم ما، وتسديده للمؤمنين بأشكال مختلفة لا نعلمها ولا ندركها ولكننا نلمس نتائجها...
ولا يخفى أن نموذج المؤمنين في زمن الغيبة، أفضل بشكل عام من نموذجهم في أزمان حضور المعصوم، لأنَّ الغيبة تستبطن امتحاناً إضافياً في عدم الارتواء بالبركات والتوجيهات المباشرة لحضور المعصوم. ومن صبر على هذا الامتحان، وقدَّم أفضل ما عنده مضحياً بالمال والنفس في سبيل الله، حصل على ميزة التضحية في غياب بعض محفزاتها، ومن يعطي من المؤمنين المجاهدين في زمان الغيبة إنما يساهم أيضاً في مراكمة عطاءات المجاهدين لتعجيل الظهور، وهذه ميزة إضافية. ولولا تمايز هؤلاء المجاهدين لما تصدُّوا للكفر والنفاق والظلم واستمروا حاملين لراية الإسلام المحمدي الأصيل. يروي أبو خالد الكابلي قائلاً: دخلت على سيدي ومولاي علي بن الحسين زين العابدين(عم)، فقلت له: يا ابن رسول الله، أخبرني بالذين فرض الله عزَّ وجل طاعتهم ومودَّتهم، وأوجب على عباده الاقتداء بهم بعد رسول الله(ص)...ومما قاله له (ع):"...ثم تمتد الغيبة بولي الله عزَّ وجل، الثاني عشر من أوصياء رسول الله(ص) والأئمة من بعده. يا أبا خالد، إنَّ أهل زمان غيبته، القائلين بإمامته، والمنتظرين لظهوره، أفضل من أهل كل زمان، لأنَّ الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله(ص) بالسيف، أولئك المخلصون حقاً، وشيعتنا صدقاً، والدعاة إلى دين الله عزَّ وجل سراً وجهراً" 5.
لقد شاهدنا بأم العين شباب حزب الله يخوضون اللجج، ويواجهون الكفر العالمي، ويقدمون الملاحم الاسطورية في ميدان الجهاد في سبيل الله، ويثبتون حين تزلزلت الكثير من الأقدام، ولولا إيمانهم بالله تعالى ومنهج الرسول(ص) وآل البيت(عم)، وانتظارهم لظهور القائم(عج) لما أبلوا هذا البلاء، وقدموا هذه التضحيات، إنهم رجال الله حقاً وصدقاً، وكذا المجاهدات المؤمنات من أخواتنا وأمهاتنا وبناتنا الصابرات المحتسبات على خط الإمام المهدي(عج)، فهنيئاً لمن تشرف بولاية صاحب العصر والزمان(عج)، فهو في جهاده أفضل من أهل كل زمان 6.