حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
الخشية من خطر التاثير السلبي للتدقيق في تفاصيل سيرة اهل البيت
نص الشبهة:
ألا يخشى أن تؤدي كثرة التدقيق في مسائل السيرة ونفي بعضها إلى تقليل ولاء أتباع أهل البيت عليهم السلام، والتأثير سلبا على الاعتقادات الأخرى؟ فيكون فتح هذا الباب سيئا لأجل هذه الأثر السيء؟
الجواب:
نحن نعتقد خلاف ذلك للأمور التالية:
1 ـ لأننا مأمورون بالمعرفة والوعي في كل قضايانا العقيدية، وقد رأينا أن الذين ساروا على غير بصيرة ومن دون معرفة كيف انتهى بهم الحال إلى مشاكل في الرؤية والعمل.
" ومن ذلك ما يقوله أمير المؤمنين (عليه السلام) في إحدى وصاياه لكميل بن زياد:
(يا كميل: ما من حركة إلاّ وأنت محتاج فيها إلى معرفة)، ويحذر المعصومون (عليهم السلام) من السير دونما بصيرة، لأن ذلك إضافة إلى أنه تبديد للجهد والطاقة و لا يوصل المرء إلى الهدف إطلاقاً بل يبعده عنه. يقول الإمام الصادق (عليه السلام):
(العامل على غير بصيرة كالسائر على غير طريق فلا تزده سرعة السير إلاّ بعداً) 1 ويجعل الإمام الصادق (عليه السلام) مقياس التفاضل بين العاملين، المعرفة، والبصيرة التي تجعل أعمال المؤمن ضمن الإطار الصحيح، فليست كثرة الصلاة والعبادة الخالية عن الوعي دليلاً على أفضلية المؤمن، إنما البصيرة الرسالية التي تعطي كل عمل أبعاده الكاملة في شخصية المؤمن.. فعن ابن أبي عمير عن الصادق (عليه السلام) قال:
" بعضكم أكثر صلاة من بعض وبعضكم اكثر حجاً من بعض، وبعضكم أكثر صدقة وبعضكم أكثر صياماً من بعض. و أفضلكم أفضل معرفة "
2 ـ نحن نعتقد أن هناك ارتباطا وثيقا بين المعرفة العلمية، وبين قوة الاعتقاد وديمومة الولاء لأنه يكون في هذه الحالة ثابتا لا يتأثر بعواصف التشكيك 2، ولا بحملات الآخرين، وإنما لسان حال المؤمن﴿ ... هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ... ﴾ 3 ، لهذا كان ايمان العلماء بالغيب وما يرتبط به أقوى من إيمان غيرهم، وكان﴿ ... إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ... ﴾ 4.
3 ـ بل هناك ارتباط بين مقدار الثواب والمنزلة الالهية، وبين الوعي والمعرفة، فصلاة العالم العارف تختلف عن صلاة غيره 5 وزيارة المعصومين عليهم السلام مطلوبة لكن زيارة الزائر إذا كان (عارفا بحقهم) أفضل.
ثم إننا نعتقد أن الكثير مما هو في السيرة ثابت ومحقق، وينبغي الاعتناء به، ولكن هناك بعض القضايا مما لا تعد من الأساسيات، لا ثبوت لها، وهذه لا يؤثر قبولها وردها كثيرا في ميزان الولاء والاعتقاد. حيث أنها لا تتصل في الغالب بأمور عقيدية وإنما هي تفاصيل في السيرة.
ولو كان المذكور صحيحا، أن التحقيق والبحث والمعرفة تؤثر سلبا على الولاء والاعتقاد السليم لرأينا أئمتنا ينهون عن التعلم والتعرف والحال أنهم يأمرون به. ولرأينا علماءنا يجتنبونه والحال أنهم يحققون فيه.
بل بالعكس نعتقد أن الانسان كلما ازداد بصيرة، ازداد بمقدارها اعتقادا وولاء 6.
- 1. الأحاديث من تحف العقول.
- 2. للتفصيل يراجع كتاب التشكيك.. كيف واجهه أهل البيت.. للمؤلف.
- 3. القران الكريم: سورة يوسف (12)، الآية: 108، الصفحة: 248.
- 4. القران الكريم: سورة فاطر (35)، الآية: 28، الصفحة: 437.
- 5. في الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام (من أتى الصلاة عارفا بحقها غفر له). وفي الحديث عن الإمام الكاظم عليه السلام (ما أتى الحسين آت عارفا بحقه إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) يراجع ميزان الحكمة.
- 6. من قضايا النهضة الحسينية، (أسئلة و حوارات)، الجزء الثاني.