حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
النبي اولى بالمسلمين من انفسهم
وزَّع رسول الله غنائم حُنين تبعاً لمصالح مُعيَّنة على المُهاجرين فقط، ولم يُعط الأنصار سَهماً واحداً.
ولمَّا كان الأنصار قد بذلوا جهوداً عظيمة، في رُفعة لواء الإسلام، وخدمات جليلة في نُصرة هذا الدين؛ فقد غَضب بعضهم مِن هذا التصرُّف، وحملوه على التحقير والإهانة، فبلغ الخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأمر بأنْ يُجمع الأنصار في مكان ما، وأن لا يشترك معهم غيرهم في ذلك المجلس، ثمَّ حضر هو وعلي ( عليهما السلام )، وجلسا في وسط الأنصار، ثمَّ قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم: أُريد أنْ أسألكم عن بعض الأمور فأجيبوني عليها.
قال الأنصار: سَلْ، يا رسول الله.
قال لهم: ألم تكونوا في ضَلال مُبين، وهداكم الله بيَّ؟
قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: ألم تكونوا على شَفا حُفرة مِن الهلاك والنار، والله أنقذكم بيَّ؟
قالوا: بلى.
قال: ألم يكن بعضكم عدوَّ بعض، فألَّف الله بين قلوبكم على يديَّ؟
قالوا: بلى.
فسكت لحظة، ثمَّ قال لهم: لماذا لا تُجيبونني بأعمالكم؟
قالوا: ما نقول؟!
قال: أما لو شِئتم لقُلتم: وأنت قد جئتنا طريداً فآويناك، وجئتنا خائفاً فآمنَّاك، وجئتنا مُكَذَّباً فصدَّقناك.
هذه الكلمات الصادرة عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) أفهمت الأنصار أنه لا يُنكَر فضلهم، ولا يُنسى جهودهم، ولم يكن ما صدر منه تِجاههم صادراً عن احتقار أو إهانة.
ولذلك فقد أثَّر فيهم هذا الكلام تأثيراً بالغاً، وارتفعت أصواتهم بالبُكاء، ثمَّ قالوا له: هذه أموالنا بين يديك، فإنَّ شِئت فاقسمها على قومك، وبهذا أظهروا ندمهم على غضبهم واستغفروه.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): اللَّهمَّ اغفر للأنصار، و لأبناء الأنصار، ولأبناء أبناء الأنصار 1.
- 1. القَصص التربويَّة عند الشيخ محمَّد تقي فلسفي، للطيف الراشدي، دار الكتاب الاسلامي، الطبعة الاولى 2004 م.