والوجدان لدى وفرة من الناس مصدر من مصادر التدليل ، وقوة من قوى الحكم على الأشياء بالخطأ أو الصواب .
ويغلو بعضهم فيرى أن الدين حكر على الوجدان! .
هذه المنطقة على الخصوص دون غيرها من آفاق النفس الإنسانية هي مولده الحقيقي ومقره الدائم على ما يرى هؤلاء . ويجني الجاني في رأيهم على الدين إذا أراد أن ينقله إلى الفكر أو يتطلبه منه أو يستعين به على إثباته .
وهي دون ريب فكرة غريبة عن هذي البلاد وعن هذا الدين .
فكرة بلاد استعصى عليها أن توفق دينها مع العقل . وعز عليها أن تتبع عقلها بلا دين ، فأفردت لكل منهما منطقة من النفس ، وطمعت أن تحل المعضلة بهذا التقسيم .
أما أن العقل قد يرى من حقه أن يتمرد على هذه الحدود فيجمع الأسلاك والأشواك ويقتحم منطقة الدين ، وأن الدين قد يثأر لقداسته وحرمته من هذه الجرأة فيهاجم العقل .
وأما أن الإنسان يعيش ما يعيش قلق النفس مزدوج الشخصية يحمل في أغوار نفسه خصمين متناحرين لا ينتهي خصامهما ولا يهدأ تناحرهما ، ويتنازع قياده طول دهره قلب مؤمن وعقل ملحد! .