الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

المستقبل للمذهب الاثني عشري

حين نحسن العرض للمذهب الاثني عشري سوف يلتحق بهذا المذهب العظيم حتى أولئك الذين يوجهون الضربات الوحشية له؛ لأنّهم إنّما يحاربون هذا المذهب بسبب عدم إدراكهم وفهمهم لحقائق وخصائص هذا المذهب العظيم، وعزل أنفسهم ـ من حيث لا يعلمون ـ عن هذا المذهب بشتى التمويهات والأكاذيب عن هذا المذهب.


ولكن الذي لا شك فيه أنّ إخواننا الوهابيين إذا فهموا الخصائص الذاتية العظيمة للمذهب الاثني عشري، فسوف يلتحقون بهذا المذهب ويكونون من دعاته.
إنّ الوهابيين يعجبون كيف استطاع المذهب الاثني عشري أنْ يفرضَ نفسه على أكثر مناطق العالم، على الرغم من كثرة أعدائه، وانتشارهم في كل مكان على وجه الأرض، واستخدامهم لشتى الخطط والأساليب في سبيل محاربته!
لكن سرّ ذلك الانتشار يكمن في القوة الذاتية والفكرية للمذهب الاثني عشري، وفي الاعتدال في فهم حقائق الإسلام ودرك مقاصده.
وإنّ الوهابيين يرون أنّ المذهب الاثني عشري بقوته الذاتية هو الذي يلتحق به المئات من أهل السنَّة، والعشرات من الوهابيين، ويرونهم يعلنون حرباً على خصوم هذا المذهب، بعد أن كانوا من أشدِّ أعداء (الاثني عشريين)!
ويشاهد الوهابيون أنّ المذهب الاثني عشري يأخذ عليهم كبار علمائهم ومفكريهم في كلِّ بلدٍ، حتى إنّه ما بقيت منطقة عربية أو غير عربية إلاّ ودخل فيها المذهب الاثنا عشري، بحيث أصبح الوهابيون على يقين بأنّ (المذهب الاثني عشري) هو الذي سوف يمثِّل أكثرية (المسلمين) في العالم الإسلامي، لا سيما أنّهم يرون أنّه دخل إلى مناطق ما كانوا يتوقعون دخوله إليها! ومن هنا فاخواننا الوهابيون لا يشكون أنّ المستقبل (للمذهب الاثني عشري)، وفي هذا يقول العالم الوهابي الدكتور (علي السالوس) ـ حفظه الله ـ في كتابه (الشيعة الاثنا عشرية في الأُصول والفروع):
(والشيعة الإمامية الجعفرية الاثنا عشرية أكبر الفرق الإسلامية المعاصرة) 1.
يقول هذا الكلام على رغم الخصومة الشديدة التي يحملها لهذا المذهب؛ بسبب أنّه لم يدرك حقائقه وخصائصه.
ونحن نستيقن أنّ الوهابيين عائدون إلى المذهب الاثني عشري، وأن المستقبل لهذا المذهب، ولكن لن يتحقق ذلك إلاّ إذا عرضنا هذا المذهب بطريقة تتناسب مع سنخية العقل الوهابي.
وهكذا؛ جاءت كتابات الوهابيين تشهد أنّ المستقبل للمذهب الاثني عشري.
وفي موضع آخر يذكر الكاتب الوهابي الشيخ (ربيع بن محمد السعودي) ـ حفظه الله ـ في كتابه (الشيعة الإمامية في ميزان الإسلام) 2 بما يؤكّد أنّ المستقبل لهذا المذهب ويقول:
(ففي زيارة لمصر بعد انقطاع عنها دام أربع سنوات بل خمس، وبعد أنْ استقر بي المقامُ في القاهرة، بدأتُ أحسّ باتجاه جديد).
وهو يعني التحوّل من المذهب السنّي والمذهب الوهابي إلى المذهب الاثني عشري.
إلى أن يقول:
(ومما زاد عجبي من هذا الأمر أنّ إخواناً لنا ومنهم أبنا أحد العلماء الكبار المشهورين في مصر، ومنهم طلاب علم طالما جلسوا معنا في حلقات العلم، ومنهم بعضُ الإخوان الذين كنا نحسنُ الظنَّ بهم؛ سلكوا هذا الدرب! (يعني: أصبحوا من الاثني عشريين) وهذا الاتجاه الجديد هو التشيع) 3.
لو كان أخونا الشيخ (ربيع بن محمد السعودي) يدرك الخصائص الذاتية العظيمة للمذهب الاثني عشري لما عَجِب وانبهر حين رأى كبار أهل التسنن والوهابيين يدخلون في المذهب الاثني عشري أفواجاً!
ومن أجل هذا الشيخ وأمثاله كتبنا هذا الكتاب حتى يدركوا الأسباب التي جعلت الكثير من الوهابيين يدخلون في هذا المذهب، وحتى يدركوا أنّ مسألة التقريب بين الاثني عشرية والوهابية، هي مسألة ممكنة وليست مستحيلة كما يحسبون.
والآن نأتي إلى بشارةٍ من العالم الوهابي الذائع الصيت الشيخ الدكتور (ناصر القفاري) ـ حفظه الله ـ، وهذه البشارة تبين أنّ المستقبل للمذهب الاثني عشري، وفيها يقول الشيخ ناصر القفاري:
(وقد تشيع الكثير (يعني الكثير من أهل السنَّة ومن الوهابيين) ـ إلى أن يقول ـ ومن يطالع كتاب (عنوان المجد في تاريخ البصرة ونجد) يهوله الأمر حيث يجدُ قبائل بأكملها قد تشيعت).
ثم يصف الاثني عشرية بأنها: (هي الطائفة الشيعية الكبرى في عالم اليوم) 4.
وكلَّما نقرأ كتابات إخواننا الوهابيين نزداد يقيناً بأنّ المستقبل للمذهب الاثني عشري؛ لأنّهم يتابعون حركة الانتشار السريعة لهذا المذهب في وسط الوهابيين وغيرهم من المسلمين.
وفي هذه الحقيقة (حقيقة أنّ المستقبل للمذهب الاثني عشري) يقول أخونا العزيز الشيخ (عبد الله الغُنيمان) ـ حفظه الله ـ المدرس بقسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية في المملكة العربية السعودية، يقول في كتابه (مختصر السنة) الذي اختصره من كتاب (منهاج السنّة) للإمام ابن تيمية:
(حيث أطل الرفض (يعني الاثني عشرية لأن الشيخ عبد الله غنيم يخلط بين الرافضة وبين الاثني عشرية) على كلِّ بلدٍ من بلاد الإسلام).
إنّ الوهابيين على يقين بأنّ المذهب (الاثني عشر) هو الذي سوف يجذبُ إليه كل أهل السنَّة وكل الوهابيين في المستقبل القريب.
ويحمل إلينا العالم الوهابي الشيخ (محمد بن عبد الرحمن المغراوي) ـ حفظه الله ـ بشارة عظيمة في كتابه (من سبَّ الصحابة ومعاوية فأُمه هاوية)، تبين انتشار المذهب الاثني عشري في بلاد المغرب، ويقول (بعد أنْ يبين انتشار المذهب الاثني عشري في مشرق العالم الإسلامي):
(... فخفت على الشباب في بلاد المغرب...) 5، ثم يبين دخول هذا المذهب.
ولو كان أخونا الشيخ (محمد عبد الرحمن المغرواي) يعلم الخصائص الذاتية العظيمة للمذهب الاثني عشري لما خاف من انتشار هذا المذهب في المغرب العربي.
إنّه حين يتعرّف الوهابي على (الاثني عشريين) سوف يستيقن أنّهم ملائكة الرحمة، وفرسان الحق.. وفي هذا ينقل إلينا أخونا الشيخ الوهابي (مجدي محمد علي محمد) ـ حفظه الله ـ في كتابه (انتصار الحق مناظرة علمية مع بعض الشيعة الإمامية) 6، ينقل الينا هذه العبارة:
(... جاءني شاب من أهل السنَّة حيران، وسبب حيرته أنّه قد امتدت إليه أيدي الشيعة...).
إلى أن يقول في شأن هذا الشاب:
(... حتى ظن المسكين أنّهم (يعني: الاثني عشريين) ملائكة الرحمة وفرسان الحقِّ..) 7.
وهكذا... وهكذا.. هنالك المئات من عبارات الوهابيين التي تؤكد أنّ المستقبل القريب للمذهب الاثني عشري.
ولكن يبقى أمرٌ واحد يجب أن يكون في الحسبان وهو: إنّ الوهابيين ليسوا خصوماً لهذا المذهب العظيم، لأنّهم حين يعرفونه لا يترددون في اتباعه، ولكن يجب علينا أن ننزل إلى مستوى العقل الوهابي عند عرض الخصائص الذاتية العظيمة والعميقة للمذهب الاثني عشري؛ حتى نرفعهم إلى مستوى العقل الاثني عشري.
وينبغي الالتفات إلى شيء هام وهو: إنّ الحوار مع العقل الوهابي يجب أن يبدأ ـ أولاً ـ بحديث الثقلين وتبيين وتوضيح مطالبه، ومن الخطأ البدء معه برد الشبهات التي يطرحها والإجابة عنها ما لم نبحث حديث الثقلين مسبقاً.
وإقناع العقل الوهابي بطرح حديث الثقلين والبحث حوله قبل طرح الشبهات يحتاج منّا إلى جهد كبير وصبر جميل.
والله ينصر دين الحق ويظهره على الدين كله ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ... 8.
وصدق الله العظيم 9.

  • 1. ج 1، ص 21.
  • 2. ورغم أن الكتاب طبع في مؤسسة تحارب المذهب الاثني عشري، لكنه لا يستطيع إنكار حقيقة أنّ المستقبل للمذهب الاثني عشري. طبع هذا الكتاب في مكتبة العلم بمدينة جدة ـ السعودية.
  • 3. انظر مقدمة كتابه المذكور.
  • 4. انظر مقدمة كتابه (أُصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية) المجلّد الأول، الطبعة السعودية.
  • 5. سلسلة العقائد السلفية (من سبَّ الصحابة ومعاوية فأُمه هاوية)، تأليف الشيخ الفاضل محمد بن عبد الرحمن المغراوي، مقدمة الكتاب: ص 4. مكتبة التراث الإسلامي القاهرة.
  • 6. والكتاب طُبع في دارٍ وهابية، دار طيبة في الرياض ـ السعودية.
  • 7. انظر الكتاب الذي ذكرناه: ص 11 ـ 14.
  • 8. القران الكريم: سورة الصف (61)، الآية: 9، الصفحة: 552.
  • 9. من کتاب: المنهج الجديد والصحيح في الحوار مع الوهابيين (محاولة للتقريب بين الاثنى عشريّة والوهابيّة)، للدكتور عصام علي يحيى العماد.