أكثر المدارس السلوكية في العالم اعتبرت أن معيار الأخلاق هو محاربة الأنا ومتعلقاتها من العجب والأنانية. فالفعل الأخلاقي بنظرها هو الذي لا يكون الهدف منه ذات الإنسان ونفسه، أما الأخلاق فهي التي تدمر جدار "الأنا"؛ هذا الجدار الذي يقف سداً منيعاً بين الإنسان والآخرين. ومن بين جميع المدارس نجد اثنتين أو ثلاثة تقول بضرورة تنمية الذات.
المراقبة هي أن يقوم الواحد منا بجردة حساب بشكل دوري لأفعاله وأقواله وينظر في مقدار الموافق منها والمخالف لأوامر الله ونواهيه، فإن كانت كلها موافقة فهذا دليل خير وعافية واستقامة، وإن كان بعضها مخالفاً فهذا نذير للإنسان وعليه أن يعمل على إصلاح هذا البعض المخالف من خلال معالجته للأسباب التي أدت إليه، لأن الإهمال والغفلة ونسيان الاعتناء بمراقبة النفس قد يجر إلى ما لا تحمد عقباه، في الدنيا والآخرة.
التوبةُ النصوح تتقوَّم بأمورٍ ثلاثة: الندمُ الشديد على ما ارتُكبَ من ذنبٍ، وعقدُ العزمِ الأكيد على عدم العَوْد إلى الذنب، والثالث الاستغفار. ومن كمال التوبة الغُسل وصلاة ركعات لله تعالى دون تحديد العدد والاستغفار بعدها.
في الحياة الدنيا خطان متوازيان: خط الطيبات وخط الخبائث. وليس أمام الإنسان إلّا الانخراط في أحد الخطين شاء أم أبى، فإما أن يحيا حياة الطيبات فيسعد، وإما أن يغرق في الخبائث فيشقى في حياته.
تـصنف الكلمات بميزان الكلام على كفتـين، فإما تكون الكلمة طيبة وتقع بكـفة "طاهرة" وتمثل نزعة الخير، مثل الحب والسلام والكرم والابتسامة والعطاء، وكل ما هو إيجابي محبب للعقل، أو تكون الكلمة سيئة وتقع بكفة "عاهرة" وتمثل نزعة الشر، مثل القتل والاغتصاب والحسد والكراهية والاحتلال والإقصاء، وكل ما هو سلبي ومنبوذ من قبل العقـل.
أكدت تعاليم الإسلام وإرشاداته الأخلاقية على أهمية التحلي بالأدب، لأنه يؤدي إلى كمال الإنسان ورقيه، فالأدب هو زينة العقل، يقول رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله: «حُسنُ الأدبِ زِينةُ العقلِ».
نجد في معظم النصوص الشرعية الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وعن أهل بيته (عليهم السلام) عدم الفرق في أصول التربية ما بين ذكر وأنثى، وعلى سبيل المثال ما ورد عن الرسول (صلى الله عليه وآله): (رحم الله والدين أعانا ولدهما على برهما) أو ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): (يحفظ الأبناء بصلاح آبائهم).
في آيات الذكر، وفي أحاديث السنة الشريفة نقرأ كثيراً عن الأبرار وعن البِرِّ، وهناك تقابل في الآيات الكريمة بين (الأبرار) و(الفجّار) فالابرار في جنات، أما الفجّار ففي نار جهنم:﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ﴾1.
فما هو البِرّ؟ وكيف يصبح البعض أبراراً؟ وبأية وسيلة؟
إن الحر العاملي له باب في كتاب الوسائل بعنوان: “باب استحباب تكرار التوبة والاستغفار، كل يوم وليلة من غير ذنب، ووجوبه مع الذنب”. فإذن، إن الاستغفار على قسمين: الاستغفار بعد كل ذنب، وهو هنا واجب. والاستغفار من غير ذنب، وهو مستحب.
أني حرمت من لذة العبادة لله جل وعلا وذلك لاستهانتي بالصلاة!.. وأعظم ذنب أني أظن أن الله تعالى طردني ونحاني وأبعدني عن حبه، لما فعلت أنا في نفسي من سوء فعلي وإساءتي ودوام تفريطي وجهالتي!.. فهل من رجوع؟.. وهل من توبة؟.. وهل من قرب إلى الله تعالى؟.. وأنا أعلم حتى وإن رجعت أني سأكون بعيدا عن العشق الإلهي إلا أن يرضى الله تعالى عني، وذلك أملي!..
يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ... ﴾1حيث تتحدّث هذه الآية عن قضية مهمّة أوجدها الإسلام كرابطةٍ بين المؤمنين به والملتزمين خطّه ونهجه في الحياة الدنيا، وهذه الأخوّة هي لا شكّ تعبير عن وحدة الهدف والمصير والمسار والسلوك تجاه القضايا والأحداث الّتي تمسّ المسلمين كمجموعة فتعرض عليهم أخوّتهم الإسلامية التضامن مع بعضهم البعض ومساعدة من يحتاج منهم للمساعدة.
ذكرنا في البحث السابق أن إحدى صفات أهل النار التفرقة والاختلاف والتنازع فيما بينهم. أما أهل الجنة فإن القرآن الكريم يصفهم بالأخوة: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾1. ففي الجنة لا يسمع الكلام العابث واللغو، والفرح يملأ قلوب الجميع والسرور عام لأن الأخوة هي الحاكمة على الجميع.
ويجدر بنا هنا ان نتساءل عن معنى التقوى إذا كان يختلف عن الإيمان. فمعنى الإيمان واضح، إذ هو الاعتراف بالله الواحد الأحد الصمد الذي أوجد الكون، وهو رب الكون ومدبره، وبيده مقادير كل شيء. وأيضاً: الاعتراف بالرسل والرسالات من قبل هذا الرب، والعودة اليه في يوم الحساب لتلقي جزاء ما عملناه في الحياة. هذا هو الإيمان بايجاز، ولكن: ما هي التقوى؟ وكيف نتقيه ﴿ ... حَقَّ تُقَاتِهِ ... ﴾1؟
أنّ الله عزّ وجلّ يدعو المسلمين والمؤمنين إلى التعاون فيما بينهم على أمور البر والخير والإحسان لما فيه صالح المجتمع الإسلامي وتماسكه وترابطه وانشداد فئاته المختلفة على كلّ المستويات إلى بعضها البعض بحيث تصبح كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والرعاية.
التعاليم الدينية التي تحث على العطاء والإنفاق والبذل كثيرة جداً، فالأعمال الخيرية من أفضل الأعمال التي تقرب الإنسان إلى الله عز وجل، كما توجب له الأجر والثواب الجزيل، فقد روي عن رسول الله قوله: «مَنْ قَضَى لِأَخِيهِ الْمُؤْمِنِ حَاجَةً كَانَ كَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ دَهْرَهُ».
يُولّي الإسلام أهمية كبرى للإخوة والوحدة، ويؤكد أن روح الأخوة والوحدة إذا لم تَسُدْ في الجبهات، وإذا لم يتم التعاون بين الأفراد فإنّ الهزيمة ستكون متيقّنة. وكما تقدم مفصلاًّ فيما سبق، فإن تحقق الوعد الإلهي بالنصر: مشروط بثلاثة شروط، أحدها عدم وقوع الفرقة والاختلاف والنزاع في الجبهة... وما دام هذا الشرط غير متوفر فإن النصر الإلهي لن يتحقق أيضاً.