حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
الاهتمام بالصحة الجسدية في الإسلام
لقد أولى الإسلام في تشريعاته اهتماماً بالغاً نراه جلياً في مجموعة كبيرة من الآيات والروايات، وتتضمن ارشادات بالغة الأهمية وتستطيع أن تحافظ على صحة الجسد إذا التزم بها المسلم وطبقها في نظامه الغذائي، وهذه الإرشادات تنقسم إلى قسمين:
الأوّل- ارشادات لسلامة الجسد.
الثاني- ارشادات لطهارة الروح.
أمّا القسم الأول فيمكننا أن نستفيد من القواعد الصحية التالية:
1- الأكل والشرب باعتدال يعني من دون الوصول إلى حدود التخمة والشبع الزائد عن الحاجة، ويدل على ذلك قوله تعالى ﴿ ... وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ... ﴾ 1.
2- أن يأكل الإنسان حين يشعر بالجوع والعطش، وإذا أكل فلا يملأ بطنه من الطعام والشرب، والعديد من الأحاديث أشارت إلى ذلك، ومفادها لا تأكل حتى تجوع، وإذا أكلت لا تشبع، بل يستحب أن تقوم عن الطعام وأنت تشتهيه.
3- أن يلتزم المسلم بمبدأ الحمية في الطعام، فكل طعام أو شراب يمكن أن يؤدي إلى حصول أمراض أو أوجاع عليه أن يتجنبها لأنها تسبب له الضرر في البدن، ولذا ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء، فعندما يلتزم المسلم بنظام الحمية الغذائية وأهم عناصرها الاقتصاد في الأكل والشرب وعدم تناول ما يؤذي الجسد ويجعله سقيماً سوف يتمتع بصحة جيدة وعافية تامة، ويكون مرتاحاً من الكثير من الأمراض التي يتسبب بها عدم اتباع نظام الحمية الغذائية.
4- عدم تناول الطعام حاراً وساخناً: فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه و آله كما ينقل أمير المؤمنين عليه السلام عنه، حيث قال: أقروا الحار حتى يبرد، فإن رسول الله صلى الله عليه و آله قرِّب إليه طعام حار فقال "أقروه حتى يبرد...ما كان الله ليطعمنا النار والبركة في البارد.
5- عدم ترك العشاء: فالعشاء له مدخلية كما ورد في الأحاديث في صحة الجسد، لذا ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أصل خراب البدن ترك العشاء ولا بد أن نلفت النظر أن العشاء لا يعني أن نأكل في منتصف الليل، والمراد بالعشاء هنا أول الليل بحيث يكون هناك وقت لهضم الطعام قبل الخلود إلى النوم والراحة.
أما القسم الثاني فيمكن أن نلحظ الأمور المهمة التالية:
1- أن يكون الإنسان عند الأكل على طهارة من الغسل والوضوء، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه و آله يا علي: إن الوضوء قبل الطعام وبعده شفاء في الجسد، ويمن في الرزق.
2- أن يكون الأكل من المال الحلال الطيب كما قال تعالى ﴿ وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ 2 لأن الطعام إذا كان من المال الحرام فسوف يفسد الروح والجسد معاً لأن الحرام له آثاره التكوينية على الإنسان، والإسلام يريد لأرواحنا وأجسادنا أن تكون طاهرة ظاهراً وباطناً.
3- التسمية باسم الله عند ابتداء الأكل، والحمد له بعد الانتهاء، وهذا ما يجعل الطعام مباركاً روحياً وإيمانياً، فيصبح الأكل والشرب نوعاً قريباً من العبادة، لأن الإنسان عندما يذكر اسم الله قبل الأكل فهو نوع من الشكر لله على نعمة الطعام والشراب، والحمد لله بعد الفراغ منه هو شكر آخر لله سبحانه، وعندما يمتزج الطعام المادي بالبعد الروحي وهو التسمية والحمد لله يصبح الطعام مفيداً ونافعاً للروح والجسد، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه و آله قال للإمام علي عليه السلام: يا علي إذا أكلت فقل: بسم الله ، وإذا فرغت فقل ...الحمد لله... وفي حديث آخر: إذا وضعت المائدة....فإذا قال العبد بسم الله قالت الملائكة: بارك الله في طعامكم، ثم يقولون للشيطان، أخرج يا فاسق لا سلطان لك عليهم، فإذا فرغوا وقالوا: الحمد لله رب العالمين" قالت الملائكة: قوم أنعم الله عليهم فأدوا شكر ربهم... .
لذا نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الملتزمين بآداب الطعام والشراب لتصبح أجسادنا نقية من الحرام، وأرواحنا طاهرة من الذنوب والآثام.
والحمد لله رب العالمين. 3
- 1. القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 31، الصفحة: 154.
- 2. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 88، الصفحة: 122.
- 3. نُشرت هذه المقالة على الموقع الالكتروني الرسمي لسماحة الشيخ محمد توفيق المقداد بتاريخ: الأربعاء, 01 تشرين2/نوفمبر 2017.