حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
النهي عن الخوض في القضاء والقدر وأسباب ذلك
النهي عن الخوض في القضاء والقدر
1 ـ قال الإمام علي(عليه السلام) لمن سأله عن القضاء والقدر: " ... بحر عميق فلا تلجه .. طريق مظلم فلا تَسلُكه ... سرُّ اللّه فلا تكلّفه ..."1.
2 ـ قال الإمام علي(عليه السلام) بعد أن قيل له: أنبئنا عن القدر: "سرّ اللّه فلا تفتّشوه"2.
3 ـ قال الإمام علي(عليه السلام) في القدر: "ألا إنّ القدر سرّ من أسرار اللّه ، وحرز من حرز اللّه ، مرفوع في حجاب اللّه ، مطوي عن خلق اللّه ، مختوم بخاتم اللّه ، سابق في علم اللّه ، وضع اللّه عن العباد علمه ورفعه فوق شهاداتهم ..."3.
4 ـ قال الإمام علي(عليه السلام) لقوم رآهم يخوضون في أمر القدر وغيره في بعض المساجد وقد ارتفعت أصواتهم :
"يا معاشر المتكلّمين ألم تعلموا أنّ للّه عباداً قد أسكتتهم خشيته من غير عي ولا بكم، وأ نّهم هم الفصحاء البلغاء الألباء ..."4.
أسباب النهي عن الخوض في القضاء والقدر :
الرأي الأوّل :
إنّ هذا النهي خاص بضعيفي العلم الذين يفسدهم الخوض في القضاء والقدر، وليس هذا النهي عاماً لكافة المكلّفين 5.
سبب النهي :
إنّ الخوض في هذه المسألة يثير في نفوس ضعيفي العلم جملة من الشبهات التي تؤدّي بهم إلى التيه والانحراف والوقوع في أودية الضلال .
توضيح ذلك :
1 ـ تعتبر مسألة القضاء والقدر من المسائل الشائكة التي يحيطها الغموض النظري ، ولها من الألغاز ما لا يمكن حلّها بسهولة، ولهذا ينبغي لذوي المستويات العلمية الضعيفة أن يحذروا من التعمّق فيها خشية الوقوع والتورّط في بعض المنزلقات الفكرية .
2 ـ إنّ تحذير النصوص الروائية من الخوض في غمار مبحث القضاء والقدر يعود إلى العمق الذي ينطوي عليه هذا المبحث ، وهو الأمر الذي يملي على الإنسان عدم الخوض في هذا المبحث إلاّ بعد التسلّح بأقصى حالة من الدقّة والحذر عند دراسة هذا البحث .
3 ـ إنّ مسألة القضاء والقدر فيها الكثير من دقائق الأُمور ، فمن استطاع فهمها بصورة لائقة فبها ونعمت ، وإلاّ فيجب على الإنسان في هذه الحالة أن يترك التكلُّف في فهمها والتدقيق فيها ليصون نفسه من الوقوع في فساد العقيدة .
4 ـ إنّ الذي يجد نفسه في مأمن من الوقوع في المحذور، فلا إشكال في عدم شمول النهي الوارد في الأخبار له ، لأ نّه يستطيع الخوض في هذا المبحث ليتمكّن من الوصول إلى معرفة الحقّ، ومن ثمّ المبادرة إلى تعليم غيره والرد على من أراد الطعن بعقيدة الإسلام .
الرأي الثاني :
إنّ النهي عن الكلام في القضاء والقدر ناظر إلى "النهي عن الكلام فيما خلق اللّه تعالى، وعن علله وأسبابه وعما أمر به وتعبّد ، وعن القول في علل ذلك إذا كان طلب علل الخلق والأمر محظوراً، لأنّ اللّه تعالى سترها عن أكثر خلقه"6.
بعبارة أُخرى :
إنّ المقصود من النهي عن الخوض في القضاء والقدر هو النهي عن الخوض لمعرفة الأسرار والعلل الغيبية المرتبطة بالخلق والتشريع الإلهي .
سبب النهي :
إنّ العقول مهما بلغت في نضجها وإدراكها فهي عاجزة عن إدراك الأبعاد الغيبية المرتبطة بشؤون الخلق والتشريع، ولهذا يؤدّي تكلّفها في هذا المجال إلى ازدياد حيرتها بحيث يدفعها ذلك إلى التيه والانحراف .
النتيجة :
ينبغي للعباد أن يكتفوا بما جاء في الشريعة الإلهية حول علل الخلق وحكمة التشريع، وأن يقتصر تفكيرهم في هذا المجال على الحدود التي بيّنها اللّه تعالى لهم .
الرأي الثالث :
إنّ النهي والتحذير ناظر إلى التفتيش عن المقدّرات، واتّباع السبل غير المشروعة من قبيل "الكهانة" و"تحضير الأرواح" و"الاتّصال بالجن" من أجل اكتشاف ما ستره اللّه على عباده من قضائه وقدره 7.
بعبارة أُخرى :
إنّ المقصود من النهي عن الخوض في القضاء والقدر لا يعني النهي عن البحث حول حقيقة معناهما، بل يعني ذلك المبادرة العملية عن طريق السبل غير المشروعة إلى اكتشاف ما سيكون في المستقبل من أُمور تتحقق بقضاء اللّه تعالى وقدره .
سبب النهي :
أوّلا ـ تكلّف الاطلاع على ما ستره اللّه تعالى، يعني التجسّس في الحريم الإلهي، وهو أمر محرّم ولا ينبغي الخوض فيه .
ثانياً ـ إنّ هذا الطريق كما وصفه الإمام علي (عليه السلام)8:
1 ـ سرّ من أسرار اللّه .
2 ـ ستر من ستر اللّه .
3 ـ حرز من حرز اللّه .
4 ـ مرفوع في حجاب اللّه .
5 ـ مطوي عن خلق اللّه .
6 ـ مختوم بخاتم اللّه .
7 ـ سابق في علم اللّه .
8 ـ وضع اللّه عن العباد علمه .
9 ـ بحر زاخر موّاج خالص للّه تعالى .
10 ـ عمقه ما بين السماء والأرض .
11 ـ عرضه ما بين المشرق والمغرب .
12 ـ أسود كالليل الدامس .
13 ـ كثير الحيّات والحيتان .
14 ـ يعلو مرّة ويسفل أُخرى .
15 ـ في قعره شمس تضيئ .
ثمّ قال (عليه السلام): "لا ينبغي أن يطّلع عليها إلاّ الواحد الفرد ، فمن تطلّع عليها فقد ضادّ اللّه في حكمه ، ونازعه في سلطانه ، وكشف عن سرّه وستره وباء بغضب من اللّه ، ومأواه جهنم وبئس المصير"9 10.
- 1. التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 60: باب القضاء والقدر و ... ، ح3، ص355 .
- 2. بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج5، كتاب العدل والمعاد، باب 3: القضاء والقدر و... ، ج70، ص123.
- 3. المصدر السابق: ح23 ، ص97 .
- 4. المصدر السابق: ج3 ، كتاب التوحيد، باب9، ح30، ص265 .
- 5. انظر: تصحيح اعتقادات الإمامية، الشيخ المفيد : مبحث تفسير أخبار القضاء والقدر ، ص57 .
- 6. تصحيح اعتقادات الإمامية، الشيخ المفيد: مبحث تفسير اخبار القضاء والقدر ص57 .
- 7. راجع : بحار الأنوار ، العلاّمة المجلسي : ج5 ، كتاب العدل والمعاد ، باب 3 ، ح23، ص97 .
- 8. انظر: الاعتقادات، الشيخ الصدوق: ب7، ص15 ـ 16 .
- 9. الاعتقادات، الشيخ الصدوق: ب7، ص15 ـ 16 .
- 10. المصدر: كتاب العـدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) لـشيخ علاء الحسّون.