الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

انتشار الظلم والفساد مؤشر للفرج

تؤكد الروايات عن الرسول(ص) وآل بيته(ع) على حصول فساد كبير وانحراف خطير مع اقتراب الزمان من آخره، وقرب ظهور الإمام المهدي(عج).‏
ففي الحديث عن رسول الله(ص):"كيف بكم إذا فسدت نساؤكم، وفسق شبابكم، ولم تأمروا بالمعروف، ولم تنهوا عن المنكر.‏
فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟‏
فقال:نعم وأشر من ذلك، فكيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف.‏
فقيل له:يا رسول الله ويكون ذلك؟‏
فقال: نعم، وشر من ذلك، فكيف بكم إذا رأيتهم المعروف منكراً والمنكر معروفاً"1.‏
وقال(ص) في حديث آخر:"ألا إنَّ رحى الإسلام دائرة، فدوروا مع الكتاب(القرآن) حيث دار. ألا إنَّ الكتاب والسلطان سيفترقان فلا تفارقوا الكتاب. ألا إنَّه سيكون أمراء يقضوا لكم، فإن اطعتموهم أضلوكم، وإن عصيتموهم قتلوكم.‏
فقيل: يا رسول الله فكيف نصنع؟‏
قال(ص):كما صنع أصحاب عيسى بن مريم(ع)، نُشروا بالمناشير، وحُملوا على الخُشب(أي صلبوا)، موتٌ في طاعة الله خيرٌ من حياة في معصية الله"2.‏
فإذا فسد السلطان في حكمه، وظلمَ الناس في أعمالهم وحقوقهم وممتلكاتهم، وضاعت البلاد بسبب الخيانة والفساد، وتمَّ تشجيع الانحراف بأشكاله المختلفة، وتسلَّط الاستكبار على المستضعفين، وانتشرت الحروب الطاغية على الأرض، فحلَّ الفساد على جميع المستويات، حتى وصل الأمر إلى حياة الناس الفردية والاجتماعية، فضاعت الحرمات وزالت الحدود والضوابط، فهذا يعني أن البشرية تتجه نحو خرابها ودمارها.‏
ومع مراقبتنا للتطورات الحاصلة في زماننا نجد أن الانحراف والطغيان يزدادان بشكل كبير وسريع، وأن محاولات جر العالم من خلال النظام العالمي الجديد والسيطرة الأمريكية إلى منظومة الثقافة المنحلة والمائعة، والسلوك المشين، وتعميم الرذائل، ما يهبط بالإنسانية إلى أدنى مستوياتها.‏
وبهذا نكون أمام ما نبَّهنا إليه رسول الله(ص):"يأتي على الناس زمان همهم بطونهم، وشرفهم متاعهم، وقبلتهم نساؤهم، ودينهم دراهمهم ودنانيرهم، أولئك شر الخلق، لا خَلاقَ لهم عند الله"3.‏
وهل يعني ذلك أن تنتهي البشرية إلى شقائها الأبدي؟‏
وهل يؤدي ذلك إلى إخماد صوت العدالة، وإلغاء مقولة الصلاح الإنساني؟‏
كلا، فإن هذه التطورات المتلاحقة والسريعة نذير وصول الفساد إلى أقصى مداه، بحيث يتآكل وينحدر ويُصاب بانتكاسات كبيرة، وهذا ما يتأكد من خلال أمور عدة، أبرزها:‏
1- الهلاك الطبيعي للأمم الكافرة بأنبيائها، والشقية بأعمالها وأدائها، والعاصية لربها، فالسنَّة الإلهية قائمة على سقوط الظالمين وخسرانهم في الدنيا قبل الآخرة. قال تعالى:﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ 4.‏
2-حفظُ الله تعالى لدين الإسلام كتاباً وحضوراً، قال تعالى:﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ 5، ولا يتوقف الحفظ على حفظ صورة الكتاب من خلال أبدية القرآن الكريم وحفظه من التحريف، بل يتعداه إلى حفظ مسيرة الإسلام لتعلو عبر التاريخ مهما كان الصعوبات والعقبات، قال تعالى:﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ 6.‏3- الوعد الإلهي بظهور الإمام المهدي(عج) لينشر العدل ويحكم بالإسلام على مستوى الكرة الأرضية، ويكسر شوكة الكفر والانحراف، ويحطم طواغيت الأرض. قال رسول الله(ص):"كائن في أمتي ما كان في بني إسرائيل، حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة، وان الثاني عشر من ولدي يغيب حتى لا يُرى، ويأتي على أمتي بزمن لا يبقى من الإسلام إلاَّ اسمه، ولا يبقى من القرآن إلاَّ رسمه، فحينئذ يأذن الله تبارك وتعالى له بالخروج، فيُظهر الله الإسلام به ويجدده، طوبى لمن أحبهم وتبعهم، والويل لمن أبغضهم وخالفهم، وطوبى لمن تمسك بهداهم"7.‏فإذا راقبنا بدقة ما يجري على الساحة العالمية اليوم، نجد بروز الثلة المؤمنة التي بدأت بالانتشار على مستوى العالم الإسلامي، ببركة حركة الإمام الخميني(قده)، الذي نهض بهده الأمة وأعاد لها اعتبارها، وبسبب ما عاناه الناس من الأفكار المنحرفة والضالة والممارسات الخاطئة والظالمة، فكان ملجأهم دين الله تعالى، الذي يلائم فطرتهم، ويشعرهم بإنسانيتهم، ويحقق لهم آمالهم، ويطمئنهم إلى آخرتهم.‏إنَّ انتشار الظلم والفساد مؤشر إلى نهايتهما، وكلما كان استعدادنا أكبر لنكون من جند الإمام المهدي(عج) كلما عجَّلنا بالظهور لتحطيم الطغيان على مستوى البشرية جمعاء. ومع البلاء الكبير الذي يسببه الانحراف، يجب أن لا يثنينا أي شيء عن عزمنا للطاعة والجهاد والثبات والانتظار، فإن الفرج قريب بإذن الله تعالى8 9.‏

  • 1. تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي-ج6 ص177.‏
  • 2. معجم أحاديث الإمام المهدي(عج) للشيخ على الكوراني -ج1 ص 31.‏
  • 3. يوم الخلاص لكامل سليمان عن منتخب الأثر ص 438.‏
  • 4. القران الكريم: سورة الإسراء (17)، الآية: 16، الصفحة: 283.
  • 5. القران الكريم: سورة الحجر (15)، الآية: 9، الصفحة: 262.
  • 6. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 139، الصفحة: 67.
  • 7. ينابيع المودة للقندوري-ج3 ص283.‏
  • 8. مقالة افتتاحية مجلة بقية الله-العدد153/شهر حزيران‏
  • 9. المصدر : موقع سماحة الشيخ نعيم قاسم حفظه الله.