الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

النبي صلى الله عليه و آله و سلم قبل البعثة

تدلّ الشواهد التاريخية بالاِضافة إلى البراهين العقلية، على أنّه ص كان موَمناً باللّه وموحّداً إيّاه قبل البعثة، فلم يعبد وثناً قط، ولم يسجد لصنم أبداً. وقد أجمع الموَرّخون على أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يخلو بحراء أشهراً كلّ عام يعبد اللّه تعالى فيه، فقد ذكر الاِمام علي (عليه السلام) : «ولقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري» 1 .

حتى وافاه جبرائيل (عليه السلام) بالرسالة في هذا المكان وفي تلك الحال، وقد صرح بهذا أيضاً أصحاب الصحاح الستة، وجاء في الاَخبار أنّ الرسول «صلى الله عليه وآله وسلم» حجّ قبل البعثة عدّة حجّات، وكان يأتي بمناسكها على وجه صحيح بعيداً عن أعين قريش، فقال الاِمام الصادق (عليه السلام) : «حجّ رسول اللّه عشر حجّات مستتراً في كلّها» 2.

وكلّ تلك الوقائع أصدق دليل على إيمانه وتوحيده، وهو النبي الخاتم والاَفضل من جميع الاَنبياء والمرسلين بنصّ القرآن الكريم. وجاء عن «العلاّمة المجلسي»، أنّه قد وردت أخبار كثيرة أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يطوف ويعبد اللّه في حراء، ويرعى الآداب المنقولة من التسمية والتحميد عند الاَكل وغيره،

فكيف يمكن للّه تعالى أن يهمل أفضل أنبيائه أربعين سنة بغير عبادة 3 والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان موَمناً موحّداً عابداً للّه ساجداً قائماً بالفرائض العقلية والشرعية، مجتنباً عن المحرمات، عالماً بالكتاب وموَمناً به إجمالاً،وراجياً لنزوله إليه، إلى أن بعثه اللّه لاِنقاذ البشرية عن الجهل وسوقها إلى الكمال.

فكان (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل الخلق وأكملهم خلقاً وخُلقاً وعقلاً، وأنّه كان يعمل حسب ما يُلهَم سواء كان مطابقاً لشرع ماقبله أم مخالفاً، وأنّ هاديه وقائده، منذ صباه إلى أن بُعِث هو نفس هاديه بعد البعثة 4.

  • 1. نهج البلاغة: الخطبة 192.
  • 2. وسائل الشيعة:8|88.
  • 3. بحار الاَنوار:18|280
  • 4. المصدر: كتاب السّيرة المحمديّة، دراسة تحليليَّة للسيرة المحمّدية على ضوء الكتاب والسُّنّة و التاريخ الصحيح للشيخ جعفر السبحاني.