حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
تأسيس حقل دراسات المرأة في المجال العربي
في عام 1998م أعلنت مجموعة من النساء الأكاديميات المسلمات، عن تأسيس حقل علمي يعنى بدراسات المرأة المسلمة، عرفت هذه المجموعة بجماعة كرسي الدكتورة زهيرة عابدين لدراسات المرأة في جامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية بالولايات المتحدة الأمريكية، وكان في طليعة هؤلاء النسوة، الدكتورة منى أبو الفضل رئيسة جمعية دراسات المرأة والحضارة بالقاهرة.
وقد شرحت هذه المجموعة النسائية، أبعاد رؤيتها لهذا الحقل العلمي والأكاديمي في كتاب أصدرته عام 2002م، بعنوان: (المرأة العربية والمجتمع في قرن)، وهو كتاب تحليل وببليوغرافيا للخطاب العربي حول المرأة في القرن العشرين، أشرفت عليه وقدمت له الدكتورة منى أبو الفضل، وأنجزت تحريره الدكتورة أماني صالح بالتعاون مع زينب أبو المجد وهند مصطفى، وصدر الكتاب عن دار الفكر بدمشق.
ويعد هذا الكتاب واحداً من أهم الأعمال الفكرية في مجال الحديث عن قضايا المرأة وتحليل الخطابات العربية المعاصرة حول المرأة، ولعله من أهم المؤلفات التوثيقية والتوصيفية والمسحية، كما يعد كتاباً مرجعياً في مجاله، بحيث يحتاج الرجوع إليه كل من يريد الحديث أو الكتابة عن المرأة وقضاياها، ويفترض من الكتابات التي تناولت الحديث عن قضايا المرأة ولم ترجع لهذا الكتاب، أن تشعر بالنقص الذي لا يمكن أن يعوض إلا بالعودة إليه، وسوف تشعر بالحاجة إليه حتى تلك الكتابات التي صدرت قبل تاريخ صدور هذا الكتاب.
والكتاب وإن غلب عليه الطابع التوثيقي والمسحي إلا أنه اكبر من ذلك، فقد ارتبط بحقل علمي يتصل بمجال دراسات المرأة، الأمر الذي أخرج الكتاب من كونه كتاباً فنياً وتوثيقياً يصنف على مجال الرصد والتوثيق، إلى كتاب يرتبط بمشروع فكري وعلمي.
وقد تضمن الكتاب دراسة تحليلية شرحت خلفيات وأبعاد هذا العمل، ابتداء من تحديد العناصر الإجرائية، مروراً بالحديث عن استراتيجية البحث، وانتهاء بتحليل مراحل الاتجاهات العامة لخطاب المرأة في ثلاث مراحل، هي مرحلة ما يسمى بعصر النهضة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، الذي شهد إرهاصات بروز وعي جديد حول المرأة، كما ظهر في كتابات رفاعة الطهطاوي وعلي مبارك وغيرهما.
ومرحلة وسيطة تمتد ما بين عام 1956م إلى عام 1974م، وهي مرحلة ما بعد الاستقلال والنضال من اجل التنمية والقضاء على التخلف، وأخيراً المرحلة المعاصرة الممتدة حسب خطة الكتاب مع إعلان عام وعقد المرأة في 1975م، وحتى نهاية القرن العشرين مع انبعاث ظاهرة العولمة، التي تأثرت منها كافة الميادين بما في ذلك قضايا المرأة.
لهذا فقد اعتبرت الدكتورة منى أبو الفضل إن العمل على هذه الببليوغرافيا يكتسب أهميته من أنه أحد مقتضيات تشكيل حقل دراسات المرأة، فكل حقل جديد يقتضي رسم خارطة للخطاب القائم، تؤدي دورها في التعريف بالحقل، من حيث مصادره وتطوره ومدارسه ومناهجه وقضاياه.
كما ترى الدكتورة منى أبو الفضل، أن هذه الببليوغرافيا تؤسس للبنية المنهجية والتحتية لدراسة حقل المرأة، وكيف أن عملهن على تصنيف هذا الثبت الببليوغرافي، وما وقعنا عليه من زخم هائل في الخطاب العام حول إشكالية المرأة، قد كشف لهن عن ضرورة علمية هامة، هي إقامة حقل للتخصص الأكاديمي، هو حقل دراسات المرأة.
وإذا كانت الأكاديميا الغربية قد سبقت في تأسيس مثل هذا الحقل في العلوم الاجتماعية أو العلوم البينية، إلا أن تأسيسه في المجال العربي والإسلامي يعد حديثاً، وهذا التأسيس في الاكاديميا العربية أو الإسلامية لا يراد أن يفهم منه حسب قول الدكتورة منى أبو الفضل أن العاملين في هذا الحقل هن مجرد ناقلين لحقل تبلور في الجامعات الغربية، وإنما لديهن الأسباب والمقومات الدافعة لذلك، والتي يكشفها هذا الفيض الهائل غير المنتهي من الأدبيات عن المرأة، والذي ازداد انهماره في الربع الأخير من القرن العشرين.
فقد اكتشفت هذه المجموعة أن ما عندنا من تراكم في المادة المتاحة على مدى قرن ونصف من الزمان، يستوجب التعامل المنهجي والنظر في بناء حقل يتخصص في هذا المجال، إلى جانب ما هو موجود من مصادر في تراثنا عن المرأة يستدعي التنقيب عنها، والعمل على تخريجها1.
- 1. الموقع الرسمي للأستاذ زكي الميلاد و نقلا عن صحيفة عكاظ ـ الخميس 3 شعبان 1428هـ / 16 أغسطس 2007م، العدد 14964.