مجموع الأصوات: 33
نشر قبل 3 سنوات
القراءات: 3605

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

لماذا ذم القرآن الكريم الانسان؟

في حديث القرآن الكريم عن الإنسان بهذا المسمى رسما ومبنى، ويعنى به نوع الإنسان، هناك جانب لافت للغاية يستحق التأمل والنظر، وهو ذلك الجانب الذي يتصل بتوجيه النقد والذم للإنسان، والتعريف به من خلال ربطه بمجموعة من الصفات السلبية، والشديدة السلبية.
واللافت أكثر في هذا الجانب، هو تكرار هذا الموقف النقدي والذمي للإنسان في آيات عدة، مكية ومدنية، وفي سور قصيرة وطويلة، وفي حالات ومناسبات مختلفة ومتنوعة، وبطريقة تصور وكأن الإنسان يتعرض في القرآن إلى النقد والذم، أو كأن القرآن يحمل موقفا نقديا في نظرته للإنسان.
وقبل مناقشة هذا الموقف النقدي وتحليله وتفسيره، والكشف عن طبيعته وأبعاده، نحن بحاجة إلى الإشارة لقسم من هذه الآيات حتى تتضح الصورة وتتحدد، ومن هذه الآيات:﴿ ... وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا 1،﴿ ... إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ 2،﴿ ... وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا 3،﴿ ... وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا 4،﴿ ... وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا 5
والملاحظ في هذه الآيات والآيات الأخرى التي وردت فيها كلمة الإنسان، أن القرآن استعمل كلمة الإنسان في جانب الذم والقدح أكثر من أي جانب آخر، وهذا ما يلفت الانتباه أيضا.
والسؤال الذي يطرح في هذا الشأن، هل يفهم من هذه الآيات المذكورة، أن القرآن يحمل طابعا سلبيا في رؤيته للإنسان؟ وهل أنه يدعو لنزعة تشاؤمية عن الإنسان؟
أليست هذه الرؤية النقدية والذمية المتكاثرة، تولد مثل هذه النزعة التشاؤمية عن الإنسان، النزعة التي تميل إلى تغليب الجانب السلبي والجانب التشاؤمي في النظر إلى الإنسان، وتنحو بعيدا عن الجانب الإيجابي والجانب التفاؤلي!
ولو توقف أمام هذه الآيات أصحاب النزعات المغرضة من المستشرقين السابقين، وغير المستشرقين من المعاصرين، لكان من السهل على هؤلاء التوصل إلى مثل هذه النزعة التشاؤمية عن الإنسان، ولوجدوا في هذا الموقف فرصتهم في التشهير بهذه النزعة التشاؤمية، والمغالات فيها، ظنا منهم أنها تنتقص من رؤية القرآن تجاه الإنسان.
فهل يمكن تصويب هذا الرأي، والتسليم به، واعتبار أن القرآن يحمل طابعا سلبيا عن الإنسان، ويدعو لنزعة تشاؤمية في النظر للإنسان!
أم أن هذا الرأي قابل للنقد والتشكيك، وأن المسألة برمتها ليست بهذه الصورة، وبعيدة كل البعد عن المنحى التشاؤمي، ولا تمت له بصلة، بل إن المسألة هي بخلاف ذلك، وعلى النقيض منها تماما!  فما هي حقيقة الرؤية والصورة إذن؟6