حقول مرتبطة:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
دلالات حديث الثقلين
يدل حديث الثقلين على أمور في غاية الأهمسة لكل مسلم نذكر منها:
- الدلالة الأولى: وجوب التمسك بالقرآن الكريم والعترة الطاهرة
- الدلالة الثانية: انحصار النجاة بالتمسك بالعترة وبالكتاب
- الدلالة الثالثة: عصمة العترة النبوية من المعاصي والأخطاء والاشتباه
- الدلالة الرابعة: أنهم أعلم الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله
- الدلالة الخامسة: أنهم بحكم الله تعالى أئمة هذه الأمة
- الدلالة السادسة: أن إمامتهم مستمرة إلى يوم القيامة
- الدلالة السابعة: أنهم أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله
الدلالة الأولى: وجوب التمسك بالقرآن الكريم والعترة الطاهرة
وذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله جعل التمسك بهما عاصماً من الضلالة، ومن كان التمسك به عاصماً من الضلالة فالتمسك به واجب، والمراد بالتمسك بأهل البيت عليهم السلام وجوب تلقي الإسلام والقرآن منهم، وإطاعتهم والعمل بأوامرهم ونواهيهم، والاقتداء إلى الله تعالى بهم، وهذا ما فهمه علماء السنة قبل الشيعة إلاّ أصحاب الزيغ الذين لا يعبأ بهم!.
قال المناوي: (وفي هذا مع قوله إني تارك فيكم تلويح بل تصريح بأنهما كتوأمين خلفهما ووصى أمته بحسن معاملتهما وإيثار حقهما على أنفسهم والاستمساك بهما في الدين) 1.
وقال التفتازاني: (ألا يرى أنه (ص) قرنهم بكتاب الله في كون التمسك بهما منقذاً من الضلالة، ولا معنى للتمسك بالكتاب إلاّ الأخذ بما فيه من العلم والهداية فكذا العترة) 2.
وقال الملا علي القارىء: (والمراد بالأخذ بهم التمسك بمحبتهم ومحافظة حرمتهم والعمل بروايتهم والاعتماد على مقالتهم) 3.
وقال الشيخ محمد أمين: (فحملنا قوله: أذكركم الله، على مبالغة التثليث فيه على التذكير بالتمسك بهم والردع عن عدم الاعتداد بأقوالهم وأعمالهم وأحوالهم وفتياهم وعدم الأخذ بمذهبهم).
وقال: (فنظرنا فإذا هو – حديث الثقلين – مصرح بالتمسك بهم وبأن اتباعهم كاتباع القرآن على الحق الواضح، وبأن ذلك أمر محتم من الله تعالى لهم، ولا يطرأ عليهم في ذلك ما يخالفه حتى الورود على الحوض، وإذا فيه حث بالتمسك فيهما بعد الحث على وجه أبلغ) 4.
وقال ابن الملك: (التمسك بالكتاب العمل بما فيه وهو الإئتمار بأوامر الله والانتهاء بنواهيه ومعنى التمسك بالعترة محبتهم والاهتداء بهداهم وسيرتهم) 5.
وقال الحافظ السقاف: (والمراد بالأخذ بآل البيت والتمسك بهم هو محبتهم والمحافظة على حرمتهم والتأدب معهم والاقتداء بهديهم وسيرتهم، والعمل بروايتهم والاعتماد على رأيهم ومقالتهم واجتهادهم وتقديمهم في ذلك على غيرهم) 6.
الدلالة الثانية: انحصار النجاة بالتمسك بالعترة وبالكتاب
وهو صريح حديث الثقلين، فلا نجاة لأحد من الأمة إلاّ بالتمسك بالعترة الطاهرة وبالكتاب العزيز دون غيرهما، والفرقة الناجية هي الفرقة المطيعة لربها تعالى ونبيها صلى الله عليه وآله والمتمسكة بهما معاً.
فلو كان ترك التمسك بهما أو التمسك بغيرهما عاصماً من الضلالة للزم أن يذكره النبي صلى الله عليه وآله، لكنه حصر النجاة من الضلال فيهما فقط! فدل ذلك على أن كل طريق غير هذا الطريق فهو ضلال!.
الدلالة الثالثة: عصمة العترة النبوية من المعاصي والأخطاء والاشتباه
ويدل حديث الثقلين على ذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله أوجب التمسك بهم، ومن يحتمل معصيته وخطؤه واشتباهه يستحيل أن يأمر الله تعالى بالتمسك به، فلو لم يكونوا معصومين لجاز أن يكون المتمسك بهم ضالاً، وربما أن الأمر النبوي بالتمسك بهم مطلقاً بدون قيد دل على هداية من تمسك بهم مطلقاً، ومن كان التمسك به هداية دائماً فهو معصوم.
هذا، مضافاً إلى أن النبي صلى الله عليه وآله قد صرّح في حديث الثقلين بعدم افتراقهم عن القرآن الكريم في قوله: (ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض) وتجويز المعاصي والأخطاء والاشتباه عليهم يعني تجويز افتراقهم عن القرآن.
قال توفيق أبو علم بعد نقله حديث الثقلين:
(وحديث الثقلين من أوثق الأحاديث النبوية وأكثرها ذيوعاً، وقد اهتم العلماء به اهتماماً بالغاً لأنه يحمل جانباً مهماً من جوانب العقيدة الإسلامية، كما أنه من أظهر الأدلة التي تستند إليها الشيعة في حصر الإمامة في أهل البيت وفي عصمتهم من الأخطاء والأهواء , إن النبي (ص) قرنهم بكتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلا يفترق أحدهما عن الآخر، ومن الطبيعي أن صدور أيّة مخالفة لأحكام الدين تعتبر افتراقاً عن الكتاب العزيز، وقد صرّح النبي (ص) بعدم افتراقهما حتى يردا عليّ الحوض، فدلالته على العصمة ظاهرة جلية، وقد كرر النبي (ص) هذا الحديث في مواقف كثيرة لأنه يهدف إلى صيانة الأمة والمحافظة على استقامتها وعدم انحرافها في المجالات العقائدية وغيرها إن تمسكت بأهل البيت ولم تتقدم عليهم ولم تتأخر عنهم) 7.
الدلالة الرابعة: أنهم أعلم الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله
ويدل حديث الثقلين على أنهم أعلم الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله، حيث جعلهم صلى الله عليه وآله عِدْلَ القرآن، وأنهم لا يفترقون عنه ولا يضلون لا هم ولا المتمسك بهم، وذلك يفيد أن عندهم من العصمة والتسديد الرباني والعلوم ما ليس عند غيرهم، فهم أعلم بالكتاب والسنة من غيرهم، وهم السابقون بالخيرات وهم ورثة الكتاب الذين قال الله تعالى عنهم: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴾ 8.
قال السمهودي: (والحاصل أنه لما كان كل من القرآن العظيم والعترة الطاهرة معدناً للعلوم الدينية والأسرار والحكم النفسية الشرعية وكنوز دقائقها أطلق (ص) عليهما " الثقلين " ويرشد لذلك حثه في بعض الطرق السابقة على الاقتداء والتمسك والتعلم من أهل بيته) 9.
وقال أيضاً: (وأحق من يتمسك به منهم إمامهم وعالمهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه في فضله وعلمه ودقائق مستنبطاته وفهمه وحسن شيمه ورسوخ قدمه) 10.
وقال ابن حجر الهيثمي: (ثقلين، لأن الثقل كل نفيس خطير مصون، وهذان كذلك إذ كل منهما معدن للعلوم اللدنية والأسرار والحكم العلية والأحكام الشرعية) 11.
وقال أيضاً: (ثم أحق من يتمسك به منهم إمامهم وعالمهم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لما قدمناه من مزيد علمه ودقائق مستنيطاته) 12.
الدلالة الخامسة: أنهم بحكم الله تعالى أئمة هذه الأمة
ويدل أيضاً على إمامتهم عليهم السلام لأن من وجب التمسك به لضمان الهداية والعصمة من الضلالة كان معصوماً، ولا بد أن يكون عالماً بالشريعة تمام العلم في عقائدها وأحكامها، وهذا بلاشك هو المستحق لمنصب الإمامة وخلافة الرسول صلى الله عليه وآله وليس من يفتقد هذه الصفات.
الدلالة السادسة: أن إمامتهم مستمرة إلى يوم القيامة
وأن الزمان لا يخلو من واحد من العترة الطاهرة ممن يجب التمسك بهم، وهذا ما فهمه العديد من علماء السنة من هذا الحديث الشريف.
قال السمهودي: (إن ذلك يفهم وجود من يكون أهلاً للتمسك من أهل البيت والعترة الطاهرة في كل زمان وجدوا فيه إلى قيام الساعة حتى يتوجه الحث المذكور على التمسك به، كما أن الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا كما سيأتي أماناً لأهل الأرض فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض) 13.
وقال ابن حجر: (وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة، كما أن الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض كما يأتي) 14.
وقال أبو بكر العلوي الشافعي: (قال العلماء: والذين وقع الحث على التمسك بهم من أهل البيت النبوي والعترة الطاهرة هم العلماء بكتاب الله عز وجل منهم إذ لا يحث (ص) على التمسك إلاّ بهم، وهم الذين لا يقع بينهم وبين الكتاب افتراق حتى يردوا الحوض، ولهذا قال: لا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، واختصوا بمزيد الحث على غيرهم من العلماء كما تضمنته الأحاديث السابقة، وذلك مستلزم لوجود من يكون أهلاً للتمسك به منهم كما أن الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا أماناً للأمة كما سيأتي، فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض) 15.
الدلالة السابعة: أنهم أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله
ودلالته على أفضليتهم عليهم السلام على غيرهم من بقية الأمة ظاهرة جلية واضحة من خلال هذا الحديث الشريف لمن تدبره وفهم معناه، وكذلك الكثير من الأحاديث النبوية الصادرة في حقهم عليهم السلام16.
- 1. فيض القدير 2 / 174.
- 2. شرح المقاصد 2 / 221.
- 3. تحفة الأحوذي 10 / 196.
- 4. دراسة اللبيب: 232.
- 5. المرقاة في شرح المشكاة 5 / 600.
- 6. صحيح شرح العقيدة الطحاوية ص 654.
- 7. أهل البيت: 78.
- 8. القران الكريم: سورة فاطر (35)، الآية: 32، الصفحة: 438.
- 9. جواهر العقدين: 243.
- 10. جواهر العقدين: 245.
- 11. الصواعق المحرقة 2 / 442.
- 12. المصدر السابق.
- 13. جواهر العقدين: 244.
- 14. الصواعق المحرقة 2 / 422.
- 15. رشفة الصادي 72-73.
- 16. نقلا عن كتاب الرد النفيس على أباطيل عثمان الخميس، تأليف الشيخ حسن عبد الله العجمي.