حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
أمريكا تضع عتبة الإمام الرضا في مشهد على قائمة العقوبات
لقد بلغ الانحدار الأمريكي أن تعاقب مرقداً دينياً يُجْمِع المسلمون بكل مذاهبهم على قداسته، ولكن تضليل العصبية المذهبية يجعل البعض يظن أنه مرقد يخص الشيعة وحدهم.
بداية أقول: إن عتبة الإمام الرضا لها أوقاف من الأراضي والمزارع منذ مئات السنين، وهناك ألوف من العائلات الفقيرة من مختلف المذاهب تستفيد من هذه العتبة، كما كان له إسهامات إنسانية كبيرة في مواجهة الكوارث الطبيعية.
وأما أن أهل السنة معنيون بالإمام الرضا عليه السلام وبمرقده الشريف، فإنهم مجمعون على إمامته وجلالته (وشذوذ ابن تيمية في ذلك لا يبطل إجماعاً):
أولاً إمامته العلمية عند أهل السنة:
قال ابن حجر الهيتمي في کتاب الصواعق المحرقة: "ولما دخل نيسابور كما في تاريخها وشق سوقها، وعليه مظلة لا يرى من ورائها، تعرض له الحافظان أبو زرعة الرازي ومحمد بن أسلم الطوسي ومعهما من طلبة العلم والحديث ما لا يحصى، فتضرعا إليه أن يُريَهم وجهه ويرويَ لهم حديثاً عن آبائه، فاستوقف البغلة وأمر غلمانه بكف المظلة، وأقر عيون تلك الخلائق برؤية طلعته المباركة، فكانت له ذؤابتان مُدَلِّيَتان على عاتقه، والناس بين صارخٍ وباكٍ ومتمرغٍ في التراب ومُقَبِّلٍ لحافر بغلته، فصاحت العلماء: معاشر الناس أنصتوا. فأنصتوا واستملى منه الحافظان المذكوران فقال: حدثني أبي موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه زين العابدين عن أبيه الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قال: حدثني حبيبي وقرة عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «حدثني جبريل قال: سمعت رب العزة يقول: لا إله إلا الله حصني، فمن قالها دخل حصني، ومن دخل حصني أمن من عذابي» ثم أرخى الستر وسار فعُدَّ أهلُ المحابر والدوى الذين كانوا يكتبون فأنافوا على عشرين ألفاً؛ وفي رواية أن الحديث المروي «الإيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان» ولعلهما واقعتان. قال أحمد: لو قرأت هذا الإسناد على مجنون لبرئ من جُنَّتِه".
وقال العَجْلوني في كشف الخَفاء: "وفي مسند الفردوس لما دخل علي بن موسى الرضا لنيسابور على بغلة شهباء فخرج علماء البلد في طلبه منهم يحيى بن يحيى وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حرب ومحمد بن رافع، فتعلقوا بلجام دابته".
قال يوسف بن إسماعيل النبهاني في جامع كرامات الأولياء: "أحد أکابر الأئمة ومصابيح الأمة، من أهل بيت النبوة ومعادن العلم والعرفان والکرم والفتوة. کان عظيم القدر مشهور الذکر".
ثانياً تعظيم أهل السنة لمرقده الشريف:
قال ابن حِبَّان في كتاب الثِّقات: "وقبره بسناباذ خارج النوقان مشهور يزار بجنب قبر الرشيد قد زرته مراراً كثيرة، وما حلَّتْ بي شدةٌ في وقت مُقامي بطوس فزرتُ قبر علي بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله إزالتها عني إلا أستجيب لي وزالت عني تلك الشدة، وهذا شيء جربته مراراً فوجدته كذلك، أماتنا الله على محبة المصطفى وأهل بيته صلى الله عليه وسلم، عليه وعليهم أجمعين".
قال الإمام الحاكم في تاريخ نيسابور: "أمير المؤمنين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم... وقال الرضا: رضي الله عنه: من زارني على بعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطن حتى أخلصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يميناً وشِمالاً، وعند الصراط، وعند الميزان".
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: "وكان من العلم والدين والسؤدد بمكان... وقد كان علي الرضا كبير الشأن أهلاً للخلافة... ولعلي بن موسى مشهد بطوس يقصدونه بالزيارة".
وقال عند ترجمته لوالده الإمام موسى الكاظم: "ولولده علي بن موسى مشهد عظيم بطوس"
في تاريخ نيسابور للإمام الحاكم وفي تهذيب التهذيب لابن حجر: "(...) وسمعت أبا بكر محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى يقول: خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة وعديله أبي علي الثقفي مع جماعة من مشائخنا، وهم إذ ذاك متوافرون إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضا بطوس، قال: فرأيت من تعظيمه -يعني بن خزيمة- لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ما تحيرنا فيه".
نختم بأبيات لأبي نواس نقلها ابن خلکان في وَفَيَات الأعيان أنه قال في الإمام الرضا عليه السلام:
مُطَهَّرون نَقِيّاتٌ جيوبُهُمُ تجري الصلاة عليهم أينما ذُكروا
فأنتمُ الملأُ الأعلى و عندكمُ علم الكتاب وما جاءت به السور
(مؤسف أن يدرك أبو نواس من فضل الإمام الرضا عليه السلام ما جهله أو أنكره ابن تيمية)