حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
لماذا بايع علي ابو بكر و عمر و عثمان حال كون الخلافة من حقه؟
نص الشبهة:
بما أنّ عليّاً (عليه السلام) يعلم أنّ الله قد جعله خليفة، فلماذا بايع أبا بكر وعمر وعثمان، فإذا لم تكن له القدرة فهذا يعني أنّه ليس إماماً؛ لأنّ الإمام يجب أن تتوفّر فيه القدرة والقوّة على الحكم، وأمّا إذا كان مقتدراً ولم يستفد من قدرته فمعنى ذلك الخيانة؟
الجواب:
أوّلاً: لا يوجد في أيّ مصدر تأريخي يركن له أنّ عليّاً (عليه السلام) قام بمبايعة عمر وعثمان، لأنّ خلافة عمر تمّت بتنصيب أبي بكر، فهو كان خليفة أبي بكر، وعندما نصب أبو بكر عمر للخلافة حضر عنده جمع من أكابر الصحابة فقالوا له: أتخلّف علينا فظّاً غليظاً، لو قد ولينا كان أفظّ وأغلظ، فماذا تقول لربّك إذا لقيته وقد استخلفت علينا عمر؟ 1؛ فهذا يدل على أنّ أكابر الصحابة لم يبايعوه فضلاً عن عليّ ( عليه السلام).
وكذلك بالنسبة إلى خلافة عثمان فقد كانت عن طريق عبد الرحمن بن عوف الذي لعب دوراً بارزاً فيها وذلك بإضفاء طابع الشرعيّة والرسميّة عليها بمهارة عالية كما تذكر ذلك كتب التاريخ، فانتهى الأمر إلى نصب عثمان بالخلافة عن طريق ابن عوف ولم يستدع الأمر مبايعة عليّ (عليه السلام) من الأصل، فكيف للسائل أن يحكم بمبايعة عليّ لهذين الشخصين؟
أمّا ما ذكر من بيعة عليّ (عليه السلام) لأبي بكر فلم تكن بيعةً في نظر الشيعة. وأمّا في نظر السنّة فإنّ عليّاً كان قد بايع بعد ستّة أشهر، أي بعد وفاة فاطمة بنت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
وهنا نطرح سؤالاً: لماذا يتخلّف عليّ عن أداء أمر مشروع كالخلافة وهو ـ في نظر السنّة ـ إن لم يكن وصيّ رسول الله ، فهو على الأقلّ صحابي عادل ، فما هي علّة تأخّره عن البيعة طيلة هذه المدّة ؟ ثمّ لماذا امتنعت بنت النبيّ وكريمته ( عليها السلام) عن مبايعة أبي بكر إلى آخر لحظة من حياتها، مع أنّ أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «من مات ولم يكن في عنقه بيعة فقد مات ميتةً جاهليّة» 2.
ولنترك ذلك ولنخوض في أمر آخر وهو الذي ذكره صاحب الكتاب في قوله: «إذا لم يكن مقتدراً فهو ليس إماماً»، حيث تصوّر أنّ الإمامة مقام انتخابي لا يصل إليه المرء إلاّ بالقوّة المتمثّلة في انتخاب الناس، والصحيح أنّ الإمامة عند الشيعة منصب إلهي، لا يتوقف على انتخاب الناس أو بيعتهم، كما هي إمامة عليّ (عليه السلام) وإمامة أولاده من بعده.
أضف إلى ذلك: أنّه لو كانت القوّة والقدرة دليلاً على استحقاق الخلافة لكانت نبوّة الأنبياء ووصاية أوصيائهم غير مشروعة، لأنّها مفتقرة للقوّة والقدرة، لأنّهم تعرّضوا للقتل والتنكيل والتعذيب على أيدي حكّام زمانهم، ممّا يدلّ على عدم امتلاكهم لأدنى قوّة أو قدرة، فهل يكون ما يدّعونه من نبوّة ووصاية أمراً غير مشروع؟! 3.