حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
الشيخ الصدوق و العقيدة الاثني عشرية
نص الشبهة:
قال: «ولم تكن النظرية الاثنا عشرية مستقرة في العقل الامامي حتى منتصف القرن الرابع الهجري.. حيث أبدى الشيخ محمد بن علي الصدوق شكه بتحديد الائمة في اثني عشر إماماً فقط.
وقال: (لسنا مستعبدين في ذلك إلا بالاقرار باثني عشر إماماً، واعتقاد كون ما يذكره الثاني عشر بعده) إكمال الدين » ص 77 (الشورى العدد العاشر ص 12).
الجواب:
ان قول الشيخ الصدوق هذا لا يدل على ما فهمه صاحب النشرة من عدم استقرار النظرية الإمامية الاثني عشرية حتى منتصف القرن الرابع لان كلام الصدوق هذا كان يتناول فترة ما بعد ظهور الثاني عشر (عليه السلام) ولم يكن نظره إلى فترة القرن الرابع الهجري!!
الرد على الشبهة
أقول:
أولا: قوله: (ولم تكن النظرية الاثنا عشرية مستقرة في العقل الامامي حتى منتصف القرن الرابع الهجري..) مر الكلام في بيان خطأ ذلك في الفصل الاول و سيأتي المزيد من البحث في الفصل السابع.
ثانيا: ان ما اسنده إلى الصدوق من شك في غير محله بل افتراء عليه..
إذ ان كلامه (رحمه الله) يدل على عكس ما ذكره عنه واليك أيها القارىء الكريم نص كلام الشيخ الصدوق.
قال: «قالت الزيدية لا يجوز أن يكون من قول الأنبياء ان الأئمة اثنا عشر لان الحجة باقية على هذه الأمة إلى يوم القيامة، و الإثنا عشر بعد محمد (صلى الله عليه وآله) قد مضى منهم أحد عشر، وقد زعمت الإمامية ان الأرض لا تخلو من حجة.
فيقال لهم: ان عدد الأئمة (عليهم السلام) اثنا عشر والثاني عشر هو الذي يملا الأرض قسطاً وعدلاً، ثم يكون بعده ما يذكره من كون إمام بعده أو قيام القيامة ولسنا مستعبدين في ذلك إلا بالإقرار باثني عشر إماماً واعتقاد كون ما يذكره الثاني عشر (عليه السلام) بعده.
ويقال للزيدية: أفيكذب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قوله (ان الائمة اثنا عشر)؟
فان قالوا: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يقل هذا القول..
قيل لهم: ان جاز لكم دفع هذا الخبر مع شهرته واستفاضته وتلقي طبقات الإمامية إياه بالقبول فما أنكرتم ممن يقول: ان قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) (من كنت مولاه) ليس من قول الرسول (صلى الله عليه وآله)؟» 1.
وقول الصدوق «لسنا مستعبدين في ذلك إلا بالإقرار باثني عشر إماماً واعتقاد كون ما يذكره الثاني عشر بعده يؤكد عقيدته باثني عشر اماماً من أهل البيت أولهم علي (عليه السلام) وثاني عشرهم المهدي (عليه السلام) ثم تكون غيبته على مرحلتين إحداهما صغرى دامت تسعا وستين سنة والاخرى كبرى لا يعلم مداها إلا الله تعالى. ثم يبدي الصدوق تردده عن الحالة بعد ظهور المهدي (عليه السلام) واستتباب أمره هل سيعهد إلى إمام من بعده أو يكون يوم القيامة ثم يجيب عن ذلك: أننا مستعبدون بالاقرار والتسليم لما يذكره الثاني عشر بعد ظهور».
ومنشأ تردد الصدوق فيما يجري بعد ظهور المهدي (عليه السلام) من أمر الإمامة هو الرواية التي أوردها الطوسي في كتابه الغيبة 2 انه سيكون بعد الاثني عشر إماماً اثنا عشر مهدياً وهي رواية وحيدة وضعيفة السند بل إمارات الوضع ظاهرة عليها وهي معارضة من قبل الروايات التي تجعل من عهد ظهور المهدي وظهور عيسى (عليه السلام) آخر شوط من الحياة الدنيا.
وتوجد أيضا روايتان أخريان في المهديين الإثني عشر:
الأولى: رواها الشيخ الصدوق: عن الدقاق، عن الاسدي، عن النخعي عن النوفلي، عن علي بن أبى حمزة، عن ابي بصير قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سمعت من أبيك انه قال يكون بعد القائم اثني عشر مهديا؟ قال: إنما قال: اثنا عشر مهديا ولم يقل اثنا عشر إماما، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا 3.
الثانية: رواها الشيخ الطوسي: عن محمد الحميري، عن أبيه، عن محمد بن عبد الحميد ومحمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل انه قال: يا أبا حمزة ان منا بعد القائم احد عشر مهديا من ولد الحسين (عليه السلام) 4.
وقد أورد الشيخ الحر العاملي صاحب وسائل الشيعة الروايتين الانفتي الذكر إضافة إلى ما رواه صاحب المصباح من دعاء الرضا (عليه السلام) هذا مضافا إلى الرواية التي أوردناها في صدر البحث فيكون المجموع أربع روايات وقد علق على الرواية الأخيرة بقوله إنها من طرق العامة، ثم علق عليها جميعا بقوله: وأما أحاديث الإثني عشر (أي بعد المهدي (عليه السلام)) فلا يخفى أنها غير موجبة للقطع أو اليقين لندورها وقلتها وكثرة معارضتها 5... وقد تواترت الأحاديث بان الأئمة الاثنا عشر وان دولتهم ممدودة إلى يوم القيامة وان الثاني عشر خاتم الأوصياء والأئمة والخلف وان الأئمة من ولد الحسين إلى يوم القيامة ونحو ذلك من العبارات فلو كان يجب علينا الإقرار بإمامة اثني عشر بعدهم لوصلت إلينا نصوص متواترة تقاوم تلك النصوص ينظر في الجمع بينهما 6. 7.
الخلاصة
ان صاحب النشرة قد فهم من كلام الشيخ الصدوق ما لم يُرِده الصدوق، ولا تساعده على فهمه الخاطىء هذا ولو قرينة ضعيفة في أي كتاب من كتب الصدوق المطبوعة الكثيرة الميسرة لكل باحث، هذا مضافاً إلى ان الصدوق كان بصدد رد شبهة الزيدية على حديث الإثني عشر الذين كانوا يشككون في صدوره عن النبي (صلى الله عليه وآله) 8.
- 1. إكمال الدين ص 77 ـ 78. و سيأتي نظير ذلك من كلامه في الفصل الثالث.
- 2. ص150. قال اخبرنا جماعة، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري عن علي بن سنان الموصلي العدل، عن علي بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن الخليل عن جعفر بن أحمد المصري، عن عمه الحسن بن علي، عن أبيه، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد (عليه السلام).
- 3. إكمال الدين ج 2 / 27، البحار ج 53 / 145.
- 4. غيبة الشيخ الطوسي / 478 ط مؤسسة المعارف الإسلامية.
- 5. يريد رحمه الله الروايات التي تقول ان المهدي (عليه السلام) يموت قبل يوم القيامة بأربعين يوما.
- 6. الايقاظ من الهجعة للحر العاملي ص 401.
- 7. وقد ذكر العلامة المجلسي في البحار وجهين في تأويل تلك الروايات كما اورد الحر العاملي في كتابه ستة تأويلات.
- 8. كتاب: شبهات و ردود ـ الرد على الشبهات التي أثارها أحمد الكاتب حول العقيدة الإثني عشرية: الفصل الثالث.