نشر قبل 9 سنوات
مجموع الأصوات: 77
القراءات: 19106

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

ما معنى النمرقة الوسطى ؟

المعنى اللغوي

النُّمْرُقُ‏: الوسادة، و الجمع نمارق.
قال الله تعالى: ﴿ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ ﴾ 1، أي وسائد يتصل بعضها ببعض.
قال الفراهيدي 2 : " النُّمْرُقُ‏: الوسادة، و يقال‏ نُمْرُقَةٌ، النرمق فارسية معربة، ليس في كلام العرب كلمة صدرها (نر) نونها أصلية" 3 .

من هم النمرقة الوسطى ؟

قَالَ الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: "نَحْنُ النُّمْرُقَةُ الْوُسْطَى بِهَا يَلْحَقُ التَّالِي وَ إِلَيْهَا يَرْجِعُ الْغَالِي" 4 .
وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ 5 ، عَنْ أَبِيهِ 6 : أَنَّ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَفَدَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): "هَلْ فِي بِلَادِكَ قَوْمٌ قَدْ شَهَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْخَيْرِ لَا يُعْرَفُونَ إِلَّا بِهِ"؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: "فَهَلْ فِي بِلَادِكَ قَوْمٌ قَدْ شَهَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِالشَّرِّ لَا يُعْرَفُونَ إِلَّا بِهِ"؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: "فَهَلْ فِي بِلَادِكَ قَوْمٌ يَجْتَرِحُونَ السَّيِّئَاتِ وَ يَكْتَسِبُونَ الْحَسَنَاتِ"؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: "تِلْكَ خِيَارُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، تِلْكَ النُّمْرُقَةُ الْوُسْطَى، يَرْجِعُ إِلَيْهِمُ الْغَالِي، وَ يَنْتَهِي إِلَيْهِمُ الْمُقَصِّرُ" 7 .
و رُوِيَ عن الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام أنهُ قَالَ: "يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ، شِيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ، كُونُوا النُّمْرُقَةَ الْوُسْطَى‏، يَرْجِعُ إِلَيْكُمُ الْغَالِي، وَ يَلْحَقُ بِكُمُ التَّالِي" 8 .
و مما تقدم يتضح بأن المقصود بالنمرقة الوسطى هم المتمسكون بالصراط المستقيم المتمثل بنهج أهل البيت عليهم السلام الخالي عن الافراط و التفريط، و الخالي عن الغلو و التقصير، فهو الملاك في معرفة الوسطية و الاعتدال، و هو النهج الذي يرتضيه أهل البيت عليهم السلام لشيعتهم، حيث أنهم أرادوا لهم أن يكونوا في تعاملهم مع الناس كالوسادة التي تتوسط بين شخصين من حيث الاعتماد عليها و الرجوع لها و الاتكاء عليها مرة بعد أخرى، دون أي ملل و تعب، مما يرمز الى أهمية الدور الحساس و الايجابي لهذه الوسادة و لمن يقوم بهذا الدور و يختار هذا الاسلوب و النمط في التعامل مع الناس بصبر و حكمة و صدق و إخلاص بهدف الإفادة و الهداية و الارشاد، من خلال التعايش السلمي و العلاقات الاجتماعية السلمية، لكن ضمن الحدود التي رسمها أهل البيت عليهم السلام.
وَ فِي الدُّعَاءِ : "اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا فَمَرَقُوا، وَ لَا مِنَ الَّذِينَ تَأَخَّرُوا فَمُحِقُوا، وَ اجْعَلْنَا مِنَ النُّمْرُقَةِ الْأَوْسَطِ" 9 .
وَ في المناجاة الشعبانية المعروفة التي كَانَ الإمام عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السَّلام يَدْعُو بها عِنْدَ كُلِّ زَوَالٍ مِنْ أَيَّامِ شَعْبَانَ وَ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْهُ وَ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وآله بِهَذِهِ الصَّلَوَاتِ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ، وَ مَوْضِعَ الرِّسَالَةِ، وَ مُخْتَلَفِ الْمَلَائِكَةِ، وَ مَعْدِنِ الْعِلْمِ، وَ أَهْلِ بَيْتِ الْوَحْيِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدِ الْفُلْكِ الْجَارِيَةِ فِي اللُّجَجِ الْغَامِرَةِ، يَأْمَنُ مَنْ رَكِبَهَا وَ يَغْرَقُ مَنْ تَرَكَهَا، الْمُتَقَدِّمُ‏ لَهُمْ‏ مَارِقٌ، وَ الْمُتَأَخِّرُ عَنْهُمْ زَاهِقٌ، وَ اللَّازِمُ لَهُمْ لَاحِقٌ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدِ الْكَهْفِ الْحَصِينِ، وَ غِيَاثِ الْمُضْطَرِّ الْمُسْتَكِينِ، وَ مَلْجَإِ الْهَارِبِينَ، وَ عِصْمَةِ الْمُعْتَصِمِينَ..." 10 .
و قال العلامة الطريحي: و في حديث الأئمة عليهم السلام: "نحن النمرقة الوسطى، بنا يلحق التالي و إلينا يرجع الغالي" استعار عليه السلام لفظ النمرقة بصفة الوسطى له و لأهل بيته باعتبار كونهم أئمة العدل يستند الخلق إليهم في تدبير معاشهم و معادهم.
و من حق الإمام العادل أن يلحق به التالي المفرط المقصر في الدين و يرجع إليه الغالي المفرط المتجاوز في طلبه حد العدل، كما يستند إلى النمرقة المتوسطة مَنْ على جانبيها 11 .
نعم هذا هو نهج أهل البيت عليهم السلام، و هكذا يجب أن يكون شيعتهم لا يبخلون على أحد ممن خالفهم بالافادة و الهداية، اللهم اجعلنا منهم.

  • 1. القران الكريم: سورة الغاشية (88)، الآية: 15، الصفحة: 592.
  • 2. هو الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري، المولود سنة: 100 هجرية بالبصرة، عالم لغوي معروف، له كتاب في اللغة يُسمَّى "العين".
  • 3. العين : 5/265، الطبعة الثانية ، سنة : 1410 هجرية ، دار الهجرة ، قم / إيران .
  • 4. نهج البلاغة: 488، طبعة صبحي الصالح.
  • 5. أي الامام جعفر بن محمد الصادق، سادس أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
  • 6. أي الامام محمد بن علي الباقر، خامس أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
  • 7. الأمالي (للطوسي) : 648، للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المولود بخراسان سنة : 385 هجرية، و المتوفى بالنجف الأشرف سنة: 460 هجرية، طبعة دار الثقافة، سنة: 1414 هجرية، قم/إيران.
  • 8. الكافي: 2 / 75، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .
  • 9. بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 25/320، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية .
  • 10. مصباح المتهجد و سلاح المتعبد: 2 / 282، للشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المولود بخراسان سنة: 385 هجرية، و المتوفى بالنجف الأشرف سنة: 460 هجرية، طبعة مؤسسة فقه الشيعة، بيروت/لبنان، سنة: 1411 هجرية.
  • 11. مجمع البحرين: 5 / 242، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي، المولود سنة: 979 هجرية بالنجف الأشرف/العراق، و المتوفى سنة: 1087 هجرية بالرماحية، و المدفون بالنجف، الطبعة الثانية سنة: 1365 شمسية، مكتبة المرتضوي، طهران/إيران.