نشر قبل 3 سنوات
مجموع الأصوات: 53
القراءات: 11190

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

من هو معاوية بن أبي سفيان ؟

هو أبو عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي الأموي القرشي ، ولد قبل البعثة النبوية المباركة بسنوات ، ثم أسلم يوم فتح مكه كسائر الطلقاء 1 بعدما عفا عنهم الرسول صلى الله عليه و آله.
أبوه : أبو سفيان بن حرب ، و كان من أشد المناوئين الألداء لرسول الله صلى الله عليه و آله ، و قد لعب دورا بارزاً في تأليب المشركين على النبي و المسلمين في الحروب التي أقامتها المشركون في بدر و أحد و الخندق للقضاء على الإسلام ، و مارس حقده و عداءه حتى بعد اسلامه الظاهري تجاه الرسول و عترته الطاهرة .
أمه : هند بنت عتبة المعروفة بآكلة الأكباد ، لأنها أمرت غلامها وحشي ببقر بطن سيد الشهداء حمزة عم النبي صلى الله عليه و آله و أخرجت كبده فلاكتها فسميت بآكلت الأكباد .
قال ابن إسحاق حدثني صالح بن كيسان قال خرجت هند و النسوة معها يمثلن بالقتلى يجد عن الآذان و الأنف حتى اتخذت هند من ذلك حزما و قلائد و أعطت حزمها و قلائدها أي اللاتي كن عليها لوحشي جزاء له على قتل حمزة ، و بقرت عن كبد حمزة فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها 2.
لقد نشأ معاوية و تربى على معاداة الإسلام و الرسول صلى الله عليه و آله و عترته الطاهرة مستلهماً هذا العداء الدفين من أبويه ، فلم يُعرف له موقف مشرف حتى بعد إسلامه الظاهري ، و مواقفه تثبت ذلك .

معاوية أول حكام بني أمية

كانت نفس معاوية بن أبي سفيان تواقة إلى الحكم و السلطان و التربُّع على كرسي الخلافة و أخذ زمام أمور الأمة الإسلامية بيده حتى يتمكن من الوصول إلى أهدافه و ملذاته الدنيوية، و لكنه في نفس الوقت لم يكن ساذجاً بل كان معروفاً بالدهاء و السياسة، فكان يعرف جيداً بأن وصوله إلى مبتغاه يحتاج إلى تخطيط دقيق و صبر كثير ، و كان معاوية يعرف جيداً بأنه إن أراد الوصول إلى هذه النتيجة فلا بد له أن يتستَّر بعباءة الدين و عليه أن يخفي نواياه و كذلك أعماله التي لا تنسجم مع الدين الإسلامي و تعاليمه و أحكامه، فكان حريصاً على التظاهر بالالتزام الديني و الحرص على مصلحة الأمة الإسلامية.
و لقد إعترف معاوية بأنه كان يخطط للوصول إلى الحكم و الأمارة ، و كشف عن نواياه عندما أحسن بأنه تمكن من ذلك بعد صلحه مع الامام الحسن بن علي عليه السلام فخطب في الناس و قال فيما قال : "إِنِّي وَ اللَّهِ مَا قَاتَلْتُكُمْ لِتُصَلُّوا وَ لَا لِتَصُومُوا وَ لَا لِتَحِجُّوا وَ لَا لِتُزَكُّوا، إِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَ لَكِنِّي قَاتَلْتُكُمْ لِأَتَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ ..." 3.
قال المطرّف بن المغيرة بن شعبة : دخلت مع أبي على معاوية ـ و كان أبي يأتيه فيتحدث معه ثم ينصرف إلي ، فيذكر معاوية و عقله ، و يُعجب بما يرى منه ـ إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء ، و رأيته مغتماً فانتظرته ساعة ، و ظننت أنه لأمر حدث فينا .
فقلت : ما لي أراك مغتماً منذ الليلة ؟
فقال : يا بني جئتُ من عند أكفر الناس و أخبثهم 4!
قلت : و ما ذاك ؟!
قال : قلت له و قد خلوت به : إنك قد بلغت سناً يا أمير المؤمنين ، فلو أظهرت عدلا و بسطت خيراً ، فإنك قد كبرت ، و لو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم ، فوالله ما عندهم اليوم شي تخافه ، و إن ذلك مما يبقى لك ذكره و ثوابه .
فقال : هيهات هيهات ، أي ذكر أرجو بقاءه ! مَلكَ أخو تيم فعدل ، و فعل ما فعل ، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره ، إلاّ أن يقول قائل : أبو بكر ، ثم ملك أخو عدي ، فاجتهد و شمّر عشر سنين ، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره ، إلاّ أن يقول قائل : عمر ، و إن ابن أبي كبشة 5 ليُصاح به كل يوم خمس مرات " أشهد أن محمداً رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] ، فأيُّ عمل يبقى و أيُّ ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك ، لا والله إلاّ دفناً دفناً !! " 6.

و نحن نقول أيضا آمين آمين !!

لمَّا تهادن الإمام الحسن بن علي عليه السلام مع معاوية بن أبي سفيان ، تَوَثَّقَ 7 عليه السلام لِنَفْسِهِ مِنْ مُعَاوِيَةَ لِتَوْكِيدِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ ، وَ الْإِعْذَارِ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَ عِنْدَ كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ تَرْكَ سَبِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام ، وَ الْعُدُولَ عَنِ الْقُنُوتِ عَلَيْهِ فِي الصَّلَوَاتِ ، وَ أَنْ يُؤَمِّنَ شِيعَتَهُ وَ لَا يَتَعَرَّضَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ بِسُوءٍ ، وَ يُوصِلَ إِلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ .
وَ أَجَابَهُ مُعَاوِيَةُ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ ، وَ عَاهَدَ عَلَيْهِ ، وَ حَلَفَ لَهُ بِالْوَفَاءِ لَهُ ، فَلَمَّا اسْتَتَمَّتِ الْهُدْنَةُ عَلَى ذَلِكَ ، سَارَ مُعَاوِيَةُ حَتَّى نَزَلَ بِالنُّخَيْلَةِ ، وَ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ ضُحَى النَّهَارِ ، فَخَطَبَهُمْ ، وَ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ : إِنِّي وَ اللَّهِ مَا قَاتَلْتُكُمْ لِتُصَلُّوا ، وَ لَا لِتَصُومُوا ، وَ لَا لِتَحِجُّوا ، وَ لَا لِتُزَكُّوا ، إِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ ذَلِكَ ، وَ لَكِنِّي قَاتَلْتُكُمْ لِأَتَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ ، وَ قَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ ذَلِكَ وَ أَنْتُمْ لَهُ كَارِهُونَ .
أَلَا وَ إِنِّي كُنْتُ مَنَّيْتُ الْحَسَنَ وَ أَعْطَيْتُهُ أَشْيَاءَ وَ جَمِيعُهَا تَحْتَ قَدَمَيَّ لَا أَفِي بِشَيْ‏ءٍ مِنْهَا لَهُ .
ثُمَّ سَارَ حَتَّى دَخَلَ الْكُوفَةَ ، فَأَقَامَ بِهَا أَيَّاماً ، فَلَمَّا اسْتَتَمَّتِ الْبَيْعَةُ لَهُ مِنْ أَهْلِهَا ، صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَ النَّاسَ ، وَ ذَكَرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام وَ نَالَ مِنْهُ ، وَ نَالَ مِنَ الْحَسَنِ عليه السلام مَا نَالَ ، وَ كَانَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ عليهما السلام حَاضِرَيْنِ ، فَقَامَ الْحُسَيْنُ عليه السلام لِيَرُدَّ عَلَيْهِ ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ الْحَسَنُ عليه السلام فَأَجْلَسَهُ .
ثُمَّ قَامَ فَقَالَ : " أَيُّهَا الذَّاكِرُ عَلِيّاً ، أَنَا الْحَسَنُ وَ أَبِي عَلِيٌّ ، وَ أَنْتَ مُعَاوِيَةُ وَ أَبُوكَ صَخْرٌ ، وَ أُمِّي فَاطِمَةُ وَ أُمُّكَ هِنْدٌ ، وَ جَدِّي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله وَ جَدُّكَ حَرْبٌ ، وَ جَدَّتِي خَدِيجَةُ وَ جَدَّتُكَ قَتِيلَةُ ، فَلَعَنَ اللَّهُ أَخْمَلَنَا ذِكْراً ، وَ أَلْأَمَنَا حَسَباً ، وَ شَرَّنَا قَدَماً ، وَ أَقْدَمَنَا كُفْراً وَ نِفَاقاً " .
فَقَالَتْ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ : آمِينَ آمِينَ 3.
مات معاوية في الشام في شهر رجب سنة ستين للهجرة.

  • 1. الطُلَقاء : جمع طَليق و هو الاسير الذي خلي سبيله و أطلق سراحه ، و الطلقاء أو مسلمة الفتح هم مجموعة من المخالفين لرسول الله صلى الله عليه و آله و المعادين للاسلام الذين لم يسلموا طوعاً بل استسلموا بعد أن وقعوا في قبضة الإسلام يوم فتح مكه ، فعفا عنهم الرسول صلى الله عليه و آله و لم يقتلهم و لم يأسرهم بل حررهم و أطلق سراحهم و قال لهم : " اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ ".
  • 2. فتح الباري : 7 / 272 ، لأبن حجر .
  • 3. a. b. بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 44 / 48 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية .
  • 4. يقصد معاوية بن أبي سفيان .
  • 5. يقصد به رسول الله صلى الله عليه و آله .
  • 6. الصحوة ، لصباح علي البياتي : 403 ، نقلاً عن الموفقيات : 577.
  • 7. أي أخذ المواثيق من معاوية على ما تهادنا عليه .