السائل:
العمر:
المستوى الدراسي:
الدولة:
المدينة:
ما حكم بيع المخدرات لغاية نبيلة كالقضاء على الفقر و تقوية صفوف المسلمين ؟
السوال:
ما حكم بيع المخدرات لغاية نبيلة كالقضاء على الفقر و تقوية صفوف المسلمين ؟
الجواب:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، و بعد :
تصوّر الغايات النبيلة لبيع المخدرات إنما هو خطأ فضيع ، و تأويل مستنكر ، بل هو من تسويلات الشيطان ، حيث أن الله عز و جل لا يُطاع من حيث يُعصى .
و كيف يمكن لذي لُبٍّ أن يزعم إمكانية معالجة السيء بسيءٍ مثله بل بأسوءٍ منه ، خاصة و أن حجم الويلات و المآسي التي لحقت بالشباب و عوائلهم و مجتمعاتهم في العالم بسبب المخدرات و تعاطيها لم يعُد خافياً على أحد في العصر الحاضر ، و الجميع صار يعرف بأن المخدرات تُعدُّ من الأسباب الرئيسية لإنتشار الكثير من الجرائم التي تؤدي الى الخسائر البشرية و المادية و الأخلاقية التي تعاني منها بلدان العالم كافة .
قال الله عز و جل : { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا } ، ( سورة الكهف : 103 و 104 ) .
هذا و يبدو أن بعض المُخطئين ممن عاصر بعض أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ممن كان يظن أنه قد اكتشف طريقة جديدة لمعالجة الفقر و الحرمان أوقعه الشيطان في مثل هذا الخطأ فحذره الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) من النتيجة الخطيرة التي سينتهي إليها .
ففِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَسْتَرْآبَادِيِ ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَيَّارٍ ، عَنْ أَبَوَيْهِمَا ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيِّ ، عَنْ آبَائِهِ عَنِ الصَّادِقِ ( عليه السلام ) ـ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ـ .
قَالَ : " إِنَّ مَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ وَ أُعْجِبَ بِرَأْيِهِ كَانَ كَرَجُلٍ سَمِعْتُ غُثَاءَ الْعَامَّةِ تُعَظِّمُهُ وَ تَصِفُهُ ، فَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْرِفُنِي ، فَرَأَيْتُهُ قَدْ أَحْدَقَ بِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ غُثَاءِ الْعَامَّةِ ، فَمَا زَالَ يُرَاوِغُهُمْ حَتَّى فَارَقَهُمْ ، وَ لَمْ يَقِرَّ ، فَتَبِعْتُهُ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَرَّ بِخَبَّازٍ فَتَغَفَّلَهُ فَأَخَذَ مِنْ دُكَّانِهِ رَغِيفَيْنِ مُسَارَقَةً ، فَتَعَجَّبْتُ مِنْهُ ! ثُمَّ قُلْتُ فِي نَفْسِي لَعَلَّهُ مُعَامَلَةٌ .
ثُمَّ مَرَّ بَعْدَهُ بِصَاحِبِ رُمَّانٍ فَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى تَغَفَّلَهُ وَ أَخَذَ مِنْ عِنْدِهِ رُمَّانَتَيْنِ مُسَارَقَةً ، فَتَعَجَّبْتُ مِنْهُ ! ثُمَّ قُلْتُ فِي نَفْسِي لَعَلَّهُ مُعَامَلَةٌ ، ثُمَّ أَقُولُ وَ مَا حَاجَتُهُ إِذاً إِلَى الْمُسَارَقَةِ !؟
ثُمَّ لَمْ أَزَلْ أَتْبَعُهُ حَتَّى مَرَّ بِمَرِيضٍ فَوَضَعَ الرَّغِيفَيْنِ وَ الرُّمَّانَتَيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ " .
ثُمَّ ذَكَرَ ـ أي الإمام الصادق ( عليه السلام ) ـ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ فِعْلِهِ ؟
فَقَالَ لَهُ : لَعَلَّكَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ؟
قُلْتُ : " بَلَى " .
فَقَالَ لِي : فَمَا يَنْفَعُكَ شَرَفُ أَصْلِكَ مَعَ جَهْلِكَ ؟!
فَقُلْتُ : " وَ مَا الَّذِي جَهِلْتُ مِنْهُ " ؟
قَالَ : قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : { مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها } ، وَ إِنِّي لَمَّا سَرَقْتُ الرَّغِيفَيْنِ كَانَتْ سَيِّئَتَيْنِ ، وَ لَمَّا سَرَقْتُ الرُّمَّانَتَيْنِ كَانَتْ سَيِّئَتَيْنِ ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ سَيِّئَاتٍ ، فَلَمَّا تَصَدَّقْتُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا كَانَ لِي أَرْبَعُونَ حَسَنَةً ، فَانْتَقَصَ مِنْ أَرْبَعِينَ حَسَنَةً أَرْبَعُ سَيِّئَاتٍ وَ بَقِيَ لِي سِتٌّ وَ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً .
فَقُلْتُ لَهُ : " ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ ، أَنْتَ الْجَاهِلُ بِكِتَابِ اللَّهِ ، أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ : { إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } ، إِنَّكَ لَمَّا سَرَقْتَ رَغِيفَيْنِ كَانَتْ سَيِّئَتَيْنِ ، وَ لَمَّا سَرَقْتَ رُمَّانَتَيْنِ كَانَتْ أَيْضاً سَيِّئَتَيْنِ ، وَ لَمَّا دَفَعْتَهُمَا إِلَى غَيْرِ صَاحِبِهِمَا بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِمَا كُنْتَ إِنَّمَا أَنْتَ أَضَفْتَ أَرْبَعَ سَيِّئَاتٍ إِلَى أَرْبَعِ سَيِّئَاتٍ ، وَ لَمْ تُضِفْ أَرْبَعِينَ حَسَنَةً إِلَى أَرْبَعِ سَيِّئَاتٍ ، فَجَعَلَ يُلَاحِظُنِي فَانْصَرَفْتُ وَ تَرَكْتُهُ " .
قَالَ الصَّادِقُ ( عليه السلام ) : " بِمِثْلِ هَذَا التَّأْوِيلِ الْقَبِيحِ الْمُسْتَكْرَهِ يَضِلُّونَ وَ يُضِلُّونَ " ، ( وسائل الشيعة : 9 / 467 ) .