إن الشريف الرضي « رحمه الله » لم يصرح باسم عمر بن الخطاب، بل الموجود فيه هكذا: «ومن كلام له « عليه السلام» : لله بلاء فلان، فقد قوّم الأود إلخ . . » . وإنما اجتهد بعض الناس في تطبيق هذا الكلام على عمر . . والظاهر: أنهم أخطأوا في اجتهادهم هذا.
ان نهج البلاغة قد ظلم في علي عليه الصلاة والسلام . . تماماً كما ظلم علي عليه السلام في نهج البلاغة . . فأما ظلم نهج البلاغة في علي عليه السلام ؛ فلأن أعداء علي عليه السلام ، والحاقدين عليه ، قد طعنوا في هذا الكتاب وأثاروا الشبهات حوله ، سعياً في إبطال آثار أمير المؤمنين عليه السلام ، والتعتيم على مناقبه الجليلة ، وآثاره الفريدة والنبيلة .
إن هناك العديد من التآليف في مصادر ما ورد في نهج البلاغة من خطب ورسائل . . ووصايا وكلمات قصار . . ويكفي أن نذكر منها كتاب مصادر نهج البلاغة في مجلداته الأربعة ، تأليف العلامة السيد عبد الزهراء الخطيب [رحمه الله] . . وقد وثق فيه متون نهج البلاغة . . فشكر الله سعي مؤلفه ، وجزاه على هذا العمل خير جزاء وأوفاه . .
و صار أمير المؤمنين عليه السلام يدافع عن قدسية القرآن و عظمته، و تحقيق مفاهيمه و تطبيق حدوده طيلة حياته ـ كما أخبر بذلك الصادق الأمين صلى الله عليه و آله بقوله: (أنا أُقاتل على تنزيل القرآن، و علي يقاتل على تأويله) ... و قد أبان القرآن الكريم مقام علي عليه السلام و فضله و عظم شأنه في عشرات الآيات كـ آية المباهلة، و آية المودة، و آية التطهير، و سورة ( هل أتى ) و غيرها.
ذُكر في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : و ما أقول في رجل تحبه أهل الذمة على تكذيبهم بالنبوة، و تعظمه الفلاسفة على معاندتهم لأهل الملة، و تصور ملوك الفرنج و الروم صورته في بيعها و بيوت عباداتها، و تصور ملوك الترك و الديلم صورته على أسيافها، و ما أقول في رجل أقرَّ له أعداؤه و خصومه بالفضل، و لم يمكنهم جحد مناقبه و لا كتمان فضائله، فقد علمت أنه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام في شرق الأرض و غربها، و اجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره و التحريف عليه و وضع المعايب و المثالب له، و لعنوه على جميع المنابر، و توعدوا مادحيه بل حبسوهم و قتلوهم ، و منعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة أو يرفع له ذكراً، ح
إن كتاب نهج البلاغة هو مجموع ما اختاره السيد الشريف الرضي 1 ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) و انتخبه من كلام الإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) في الخطب و المواعظ و الحِكَم و غيرها . من هو أول من جَمع خُطب الإمام ؟ لم يكن السيد الشريف الرضي هو أول من جمع بعض خطب الإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) بل ان هناك آخرين ممن تقدموا عليه بعشرات السنين سبقوه إلى ذلك و بادروا إلى جمع كلامه ( عليه السَّلام ) ، ثم توالى تدوين كلام الإمام ( عليه السَّلام ) و خطبه حتى جاء دور الشريف الرضي ( رحمه الله ) في النصف الأخير من القرن الرابع الهجري ، فجمع ( رحمه الله ) ما اختاره من كلام الإمام ( عليه السَّلام ) و لم يجمع جميع كلامه ( عليه السَّلام ) . ثم إن السيد الرضي لم يذكر من كل خطبة إلا القليل المختار منها و لم يذكرها بالكامل .
كتاب " نهج البلاغة " هو مجموع ما اختاره السيد الشريف الرضي ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) و انتخبه من كلام الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) في الخطب و المواعظ و الحِكَم و غيرها . و هذه النسخة توافق طبعة الشيخ صبحي الصالح ، بيروت / لبنان .