مجموع الأصوات: 47
نشر قبل سنة واحدة
القراءات: 1663

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

اثار الالتزام بالاسلام

 قال الله تعالى في محكم كتابه: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ 1.
تعتبر هذه الآية الكريمة التي يطرحها القرآن بصيغة الإستفهام من الآيات الدالّة على المواصفات الإجمالية للمؤمن المسلم الذي يلتزم حدود الشريعة في أوامرها ونواهيها وكلّ توجيهاتها الأخلاقية، وتعتبر أنّ مثل هذا الإنسان عندما يكون على سيرة الحرص والإلتزام بالتعاليم هو الذي يحقّ له أن يدعو نفسه بالمسلم لأنّه ممّن يطابق فعله قوله وعقيدته.
وعليه فتدلّ هذه الآية على ضرورة أن يكون المسلم ممّن يعكس حقيقة إنتمائه لهذا الدين بالقول والفعل ليكون بذلك ممّن يدعون إلى الله بكلّ هذا الجو الإيماني الذي يعيش فيه لأنّ العقيدة كفكرٍ وقوانين قد لا تجد الآذان الصاغية عندما تدعو إليه من دون النماذج التطبيقية التي تعكس كلّ مفردات الشريعة سلوكاً متّزنا فيأخذ منها ما يجعله دائما من المحافظين على سلامة العقيدة من خلال التزامه التصرّف المطابق لها.
ولكي يحسن المسلم التصرّف في الدعوة إلى الله لا بدّ من دراسة الواقع الذي يعيش فيه ليفهمه جيداً لأنّ هذا الفهم هو المدخل السليم للوصول إلى القلوب والعقول المطلوب تصحيح مسارها عبر نشر تعاليم الإسلام بينها لأنّ الدعوة إلى الله لا يمكن أن تحقّق النتائج المرجوّة منها من دون هذه الدراسة التي تحدّد كيفية العرض وكميته ونوعيته بنحوٍ يتناسب مع حجم الواقع القائم بحيث يؤدّي كلّ هذا الجو إلى تحقيق الإختراقات للواقع وجعل الإسلام ينطلق في الأوساط.
ولاشكّ إنّ هذه التطبيق الواعي والصادق والملتزم بما حددته الشريعة من الضوابط والذي يتجاوز المصلحة الذاتية والأنانية الضيّقة هو من أعظم الأساليب أثرا إيجابيا في حياة الناس، بل يمكن أن نعتبر أنّ الإنسان الذي يستطيع أن يصل بسلوكه إلى هذه الحدود ويكون من الذين يصدق عليهم قوله تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ... 2، إذ إنّ مثل هذا السلوك الرائع هو أسلوبٌ من أساليب الحكمة الدالّ على العقلانية وترجيح المصلحة العامّة على المنفعة الجزئية الخاصة.
ويخبرنا تاريخنا الإسلامي عن الكثير من أمثال هؤلاء الذين وصل الإسلام من خلالهم إلى أقاصي العالم حيث كان سلوكهم واتزانهم والتزامهم من الأساليب الرئيسية في نشر لواء هذا الدين عاليا خفّاقا في مختلف بقاع الأرض شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً.
وهذا الأسلوب هو خير ما نتمسّك به في مواجهة كلّ القوى التي تريد أن تنشر الدعايات السيّئة والمغرضة والمغايرة للواقع عن هذا الدين وتصوّره أنّه يريد من أتباعه أن ينشروه بالقوّة والمنع والكبت الفكري، بل واستعمال القوّة لإكراه الناس على الدخول فيه رغماً عنهم.
ولاشكّ بأنّ هذه الدعايات التي ينشرها الأعداء قد لا نستطيع مواجهتها ونمنع تأثيراتها السلبية بالكامل عن مجتمعاتنا والآخرين أيضا بالذي نملكه من وسائل إعلامنا الذي لا يرقى في قوّته وشانته وانتشاره إلى مستوى ما يملكه الآخرون في هذا المجال.
لكن الإنتشار الإسلامي الواسع في كلّ العالم حالياً يمكن أن يكون خير معينٍ لنا على توضيح الصورة الصحيحة عن هذا الدين وتنقية مفاهيمه من كلّ هذا الجو الظالم الذي يُراد جعله جزءا من عقيدتنا وسلوكنا سواء بأقلام ودعوات المأجورين من أبناء هذه الأمّة الذين يروجون للأفكار المعادية عبر تشويه صورة هذا الدين عبر وصفه بالإرهاب الفكري أو المادي أو عبر الأعداء الذين يسخّرون كلّ طاقاتهم في هذا المجال وفي هذا العصر بالذات من أجل منع امتداد النهضة الإسلامية إلى قلوب المسلمين والكثير من الشعوب المستضعفة في العالم أيضا.
من هذا كلّه يمكن القول بأنّنا نملك سلاحاً قوياً وفعّالا في مواجهة كلّ تلك الدعوات الباطلة، وهو أن نكون من المصاديق الحقيقية للآية المتصدّرة، التي عندما نلتزم بتفاصيل ما توحي به وتشير إليه من المواصفات الإجمالية يمكن أن نكون قادرين على اختراق هذه الحواجز التي يصطنعها الأعداء وأزلامهم وأبواقهم في بلادنا وخارجها وأن نثبت أنّ هذا الدين قادرٌ على استمالة العقول والقلوب وتفعيل كلّ القابليات الإنسانية لكي تتحوّل إلى أعمالٍ صالحة وخيّرة تعطي للإنسانية ما يسند سيرها ويدعمه نحو الوصول إلى الحياة الأحسن والأفضل
والحمد لله ربّ العالمين3.