الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
الأدلة المبطلة للجبر والمثبتة للاختيار
الأدلة المبطلة للجبر
1 ـ بطلان الشرايع والتكليف:
إنّ من وظائف الأنبياء إرشاد الناس إلى التكاليف الإلهية ، ولا يمكن أداء هذه التكاليف إلاّ إذا كان الإنسان قادراً على فعل الشيء وتركه ، ولهذا يكون مجيئ الأنبياء وإتيانهم بالشرائع والتكاليف دليلا على نفي الجبر عن ساحة أفعال وسلوك الإنسان ، لأنّ القول بالجبر يؤدّي إلى القول ببطلان الشرائع والتكليف .
2 ـ سقوط الثواب والعقاب:
لا يصح إثابة شخص أو معاقبته على فعل ليس من صُنعه ، فإذا كان الإنسان مجبوراً في أفعاله وليس له دور في الفعل الذي يصدر عنه ، فكيف يمكن إثابته على طاعة لم يفعلها ، أو معاقبته على معصية لم يرتكبها .
3 ـ التساوي بين المحسن والمسيئ:
لو كان الإنسان مجبراً في أفعاله لم يكن للمحسن ميزة على المسيء، ولم يكن فرقٌ بين المؤمن والكافر، بل سيكونان متساويين لأ نّهما ليسا إلاّ أداة تعكس ما أُجبرا عليه ، فلهذا لا يصح بعد ذلك مدح أو ذم أحد على أفعاله .
4 ـ عبثية الترغيب والتخويف:
إنّ ترغيب العباد على الأعمال الصالحة وتخويفهم من تركها لا داعي له فيما لو كان الإنسان مجبوراً في أفعاله ، لأنّ الترغيب والترهيب لا ينفعان إلاّ إذا كان الإنسان مختاراً وقادراً على فعل أو عدم فعل ما يؤمر به أو يُنهى عنه .
5 ـ عبثية مساعي المربّين:
إنّ القول بالجبر يؤدّي إلى أن تكون مساعي المربّين لإصلاح المجتمعات وحثّهم الناس على الفضيلة والأخلاق أمراً عبثياً لا فائدة منه، فتذهب جهود هؤلاء أدراج الرياح نتيجة عدم امتلاك الناس القدرة والاختيار على تغيير سلوكهم وأفعالهم .
6 ـ نسبة الظلم إلى اللّه تعالى:
يلزم القول بالجبر أن يكون اللّه تعالى ظالماً ـ والعياذ باللّه ـ نتيجة جبره للعباد على المعصية ثمّ معاقبته إياهم إزاء المعاصي التي أجبرهم عليها، كما سينسب ظلم العباد بعضهم لبعض إلى اللّه فيما لو قلنا بأنّ اللّه تعالى هو الفاعل وليس للإنسان أي دور وأثر في صدور أفعاله ، لأنّ فاعل الظلم يسمّى ظالماً .
7 ـ احتجاج العاصي على اللّه تعالى:
لو كان الإنسان مجبوراً في أفعاله، فإنّ العاصي سيكون من حقّه الاحتجاج على اللّه تعالى حينما يريد اللّه تعالى معاقبته على معاصيه ، لأ نّه سيقول: كنت مجبوراً على فعل المعاصي، فكيف تعذّبني على أمر لم يكن لي الاختيار في فعله ؟ في حين لا يصح احتجاج الإنسان على اللّه تعالى .
الأدلة المثبتة للاختيار
1 ـ يجد كلّ إنسان من صميم ذاته أ نّه قادر على فعل بعض الأعمال أو تركها حسب ما يراه من مصلحة أو مفسدة أو نفع أو ضرر .
2 ـ يفرّق كلّ إنسان عاقل بين الفعل الاختياري الذي يصدر عنه كتحريك يده ، وبين أفعاله الاضطرارية كحركة يد المرتعش وحركة الدم في العروق وعملية الهضم وإفرازات الغدد وغيرها من الأفعال التي لا اختيار له في صدورها 1.
ردّ القرآن الكريم على القائلين بالجبر
1 ـ﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾ 2
توضيح :
قال الذين أشركوا: إنّ اللّه تعالى أجبرنا على الشرك ، ولو شاء اللّه ما أشركنا، فردّ اللّه تعالى على مقولتهم هذه ، وبيّن بأنّ هذه المقولة غير مبتنية على الأسس العلمية ، وإنّما هي ناشئة من الظنون غير المعتبرة والادّعاءات الكاذبة .
2 ـ﴿ وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَٰنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾ 3
توضيح :
هذه الآية تشبه الآية السابقة، وقد بيّنت بأنّ الذين أشركوا باللّه تعالى ، ثمّ قالوا بأنّ اللّه أجبرهم على ما فعلوا ولو شاء اللّه ما أشركوا ، فإنّهم ذهبوا إلى هذا القول نتيجة جهلهم بالواقع ونتيجة قولهم الكذب على اللّه تعالى .
3 ـ إنّ إبليس أوّل من قال بالجبر، فقال كما جاء في القرآن الكريم حكاية عنه:
﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ 4
وكان هذا الأمر من جملة أسباب طرده عن رحمة اللّه تعالى .
بعض الآيات القرآنية النافية للجبر والمثبتة للاختيار :
إنّ القرآن الكريم مليء بالآيات البيّنات الدالة على نفي الجبر عن أفعال الإنسان وإثبات الاختيار له في سلوكه وتصرفاته، منها 5:
الصنف الأوّل :
الآيات الدالة على إضافة الفعل إلى العبد ونسبته إليه ، وأ نّه يمتلك الاختيار فيما يفعله من خير أو شر ، منها:
1 ـ﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ﴾ 6
2 ـ﴿ ... إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ... ﴾ 7
3 ـ﴿ ... قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ﴾ 8
4 ـ﴿ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ 9
5 ـ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾ 10
6 ـ﴿ ... كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾ 11
7 ـ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ 12
8 ـ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ... ﴾ 13
الصنف الثاني :
الآيات الدالة على نسبة أفعال العباد إليهم، ونفي الظلم عن اللّه تعالى ، منها :
1 ـ﴿ ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ 14
2 ـ﴿ ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ 15
3 ـ﴿ الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ 16
4 ـ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ 17
5 ـ﴿ ... وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ 18
6 ـ﴿ ... وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾ 19
7 ـ﴿ فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ 20
الصنف الثالث :
الآيات الدالة على وجود الإرادة والاختيار في العباد على إحداث أفعالهم ، وأ نّهم مخيّرون في ما يعملونه من خير أو شر، منها :
1 ـ﴿ ... اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ 21
2 ـ﴿ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ﴾ 22
3 ـ﴿ ... فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا ... ﴾ 23
4 ـ﴿ كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ﴾ 24
5 ـ﴿ إِنَّ هَٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا ﴾ 25
الصنف الرابع :
الآيات الدالة على ذمّ المخالفين لأوامر اللّه تعالى، ومعاتبتهم عن طريق الاستفهام الإنكاري، وهذا مايدل على أنّ الإنسان يمتلك الاختيار في أفعاله ، لأ نّه لو كان مجبوراً لما صح ذمه أو معاتبته إزاء مخالفته لأوامر اللّه تعالى ، ومن هذه الآيات:
1 ـ﴿ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا ﴾ 26
2 ـ﴿ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ... ﴾ 27
3 ـ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ 28
4 ـ﴿ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ﴾ 29
5 ـ﴿ ... لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ 30
الصنف الخامس :
الآيات الدالة على أنّ اللّه تعالى يجزي العباد على أعمالهم وما كسبته أيديهم ، وهذا ما يدل على أ نّهم أصحاب اختيار في أفعالهم ، لأ نّهم لو كانوا مجبورين لما صحّت مجازاتهم ، ومن هذه الآيات :
1 ـ﴿ الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ 16
2 ـ﴿ ... الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ 31
3 ـ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ... ﴾ 32
4 ـ﴿ ... لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ ﴾ 33
5 ـ﴿ ... الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ... ﴾ 34
6 ـ﴿ لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ 35
7 ـ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ... ﴾ 36
الصنف السادس :
الآيات الدالة على المسارعة إلى الأعمال الخيرية لطلب المغفرة من اللّه تعالى ، وتلبية أوامره وتعاليمه ، وهذا ما يدل على إثبات الاختيار للإنسان ، لأ نّه لو كان مجبوراً لما صح تشجيعه على عمل الخير وطلب المغفرة ، لأنّ هذا التشجيع سيكون عبثاً فيما لو لم يستطع الإنسان القيام بتلبيته ، ومن هذه الآيات :
1 ـ﴿ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ... ﴾ 37
2 ـ﴿ وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ ... ﴾ 38
3 ـ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ... ﴾ 39
4 ـ﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ... ﴾ 40
الصنف السابع :
الآيات الدالة على اعتراف المجرمين بذنوبهم في يوم القيامة، وهذا ما يدل على أ نّهم كانوا أصحاب اختيار حين ارتكابهم للذنوب، لأ نّهم لو كانوا مجبورين لأنكروا فعلهم للذنب، ونسبوا ذلك إلى اللّه تعالى ، ومن هذه الآيات :
1 ـ﴿ ... كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ ﴾ 41
2 ـ﴿ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ 42
3 ـ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّىٰ أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾ 43
الصنف الثامن :
الآيات الدالة على ندم المجرمين وطلبهم العودة إلى الدنيا ليعملوا الصالحات عندما يحدق بهم العذاب ، واعترافهم بذنوبهم وما عملوا من سيّئات ، وهذا ما يدل على أ نّهم كانوا يعلمون بأ نّهم أصحاب اختيار في أفعالهم ، لأ نّهم لو كانوا مجبورين لما ندموا، بل كان موقفهم تبرئة أنفسهم مما أجبروا عليه ، ومن هذه الآيات :
1 ـ﴿ قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ﴾ 44
2 ـ﴿ ... رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا ... ﴾ 45
3 ـ﴿ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ﴾ 46
4 ـ﴿ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ 47
5 ـ﴿ ... رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ... ﴾ 48
الصنف التاسع :
الآيات الدالة على الاستعانة باللّه وطلب الرحمة والهداية منه على الأعمال الخيّرة ، فلو كان الإنسان مجبوراً في أفعاله لم يصح تشجيعه على الاستعانة باللّه ، لأنّ التشجيع يكون لمن يمتلك الاختيار في الفعل والترك ، فيتم تشجيعه ليكون ذلك محفزّاً له للقيام بفعل معيّن أو ترك فعل معين، ومن هذه الآيات :
1 ـ﴿ ... اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ... ﴾ 49
2 ـ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ 50
3 ـ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ 51
4 ـ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ 52
الصنف العاشر :
الآيات الدالة على طلب العباد المغفرة من اللّه تعالى إزاء مخالفتهم لأوامره تعالى، فلو كان هؤلاء مجبورين في أفعالهم ، فلا داعي لهم لطلب المغفرة ، لأنّ ذلك يكون لمن يشعر بالتقصير ، والمجبور لا يشعر بذلك . ومن هذه الآيات :
1 ـ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ 53
2 ـ﴿ ... وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ 54
3 ـ﴿ ... فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ﴾ 55
4 ـ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ... ﴾ 56
بعض الأحاديث الشريفة المبطلة للجبر والمثبتة للاختيار :
1 ـ قال الإمام علي(عليه السلام) ردّاً على نظرية الجبر في الأفعال: " ... لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزجر من اللّه ، وسقط معنى الوعد والوعيد، فلم تكن لائمة للمذنب ولا محمدة للمحسن ..."57.
2 ـ الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): " ... اللّه أعدل من أن يجبرهم [ أي: يجبر العباد ] على المعاصي ثمّ يعذبّهم عليها ..."58 .
3 ـ الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): " ... إنّ اللّه عزّ وجلّ أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثمّ يعذّبهم عليها ..."59.
4 ـ الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): " ... رجل يزعم أنّ اللّه عزّ وجلّ أجبر الناس على المعاصي، فهذا قد ظلم اللّه في حكمه ..."60.
5 ـ الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "إنّ اللّه خلق الخلق ، فعلم ما هم صائرون إليه ، وأمرهم ونهاهم ، فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى تركه، ولا يكونون آخذين ولا تاركين إلاّ بإذن اللّه"61.
أثر الاختيار في أفعال الإنسان :
1 ـ تكمن قيمة الإنسان وأفضليته على سائر الخلق في كونه كائناً يمتلك العقل والاختيار ، فلو قلنا بأنّ الإنسان مجبور في أفعاله ، فإنّ ذلك سيؤدّي إلى سلب قيمته وجعله بمثابة الجمادات في هذا العالم .
2 ـ إنّ الاختيار هو الذي يجعل الإنسان مسؤولا عن أفعاله وتصرّفاته .
3 ـ إنّ الاختيار هو الذي يجعل الإنسان مستحقاً للمدح والذم والثواب والعقاب 62.
- 1. انظر: نهج الحقّ، العلاّمة الحلّي: المسألة الثانية، مبحث: مكابرة الجبرية بضرورة العقل ، ص102.
- 2. القران الكريم: سورة الأنعام (6)، الآية: 148، الصفحة: 148.
- 3. القران الكريم: سورة الزخرف (43)، الآية: 20، الصفحة: 490.
- 4. القران الكريم: سورة الحجر (15)، الآية: 39، الصفحة: 264.
- 5. انظر: نهج الحقّ، العلاّمة الحلّي: المسألة الثالثة، ص105 ـ 112 .
- 6. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 79، الصفحة: 12.
- 7. القران الكريم: سورة الرعد (13)، الآية: 11، الصفحة: 250.
- 8. القران الكريم: سورة يوسف (12)، الآية: 18، الصفحة: 237.
- 9. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 30، الصفحة: 112.
- 10. القران الكريم: سورة المدثر (74)، الآية: 38، الصفحة: 576.
- 11. القران الكريم: سورة الطور (52)، الآية: 21، الصفحة: 524.
- 12. القران الكريم: سورة فصلت (41)، الآية: 46، الصفحة: 481.
- 13. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 286، الصفحة: 49.
- 14. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 182، الصفحة: 74.
- 15. القران الكريم: سورة الحج (22)، الآية: 10، الصفحة: 333.
- 16. a. b. القران الكريم: سورة غافر (40)، الآية: 17، الصفحة: 469.
- 17. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 40، الصفحة: 85.
- 18. القران الكريم: سورة النحل (16)، الآية: 118، الصفحة: 280.
- 19. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 49، الصفحة: 86.
- 20. القران الكريم: سورة يس (36)، الآية: 54، الصفحة: 443.
- 21. القران الكريم: سورة فصلت (41)، الآية: 40، الصفحة: 481.
- 22. القران الكريم: سورة المدثر (74)، الآية: 37، الصفحة: 576.
- 23. القران الكريم: سورة الكهف (18)، الآية: 29، الصفحة: 297.
- 24. القران الكريم: سورة المدثر (74)، الآية: 54 و 55، الصفحة: 577.
- 25. القران الكريم: سورة المزمل (73)، الآية: 19، الصفحة: 574.
- 26. القران الكريم: سورة الإسراء (17)، الآية: 94، الصفحة: 291.
- 27. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 39، الصفحة: 85.
- 28. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 28، الصفحة: 5.
- 29. القران الكريم: سورة المدثر (74)، الآية: 49، الصفحة: 577.
- 30. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 71، الصفحة: 59.
- 31. القران الكريم: سورة الجاثية (45)، الآية: 28، الصفحة: 501.
- 32. القران الكريم: سورة الأنعام (6)، الآية: 160، الصفحة: 150.
- 33. القران الكريم: سورة طه (20)، الآية: 15، الصفحة: 313.
- 34. القران الكريم: سورة الأنعام (6)، الآية: 93، الصفحة: 139.
- 35. القران الكريم: سورة ابراهيم (14)، الآية: 51، الصفحة: 261.
- 36. القران الكريم: سورة طه (20)، الآية: 124، الصفحة: 320.
- 37. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 133، الصفحة: 67.
- 38. القران الكريم: سورة الأحقاف (46)، الآية: 32، الصفحة: 506.
- 39. القران الكريم: سورة الزمر (39)، الآية: 54، الصفحة: 464.
- 40. القران الكريم: سورة الزمر (39)، الآية: 55، الصفحة: 464.
- 41. القران الكريم: سورة الملك (67)، الآية: 8 و 9، الصفحة: 562.
- 42. القران الكريم: سورة الملك (67)، الآية: 11، الصفحة: 562.
- 43. القران الكريم: سورة المدثر (74)، الآيات: 42 - 48، الصفحة: 576.
- 44. القران الكريم: سورة غافر (40)، الآية: 11، الصفحة: 468.
- 45. القران الكريم: سورة المؤمنون (23)، الآية: 99 و 100، الصفحة: 348.
- 46. القران الكريم: سورة السجدة (32)، الآية: 12، الصفحة: 416.
- 47. القران الكريم: سورة الزمر (39)، الآية: 58، الصفحة: 465.
- 48. القران الكريم: سورة فاطر (35)، الآية: 37، الصفحة: 438.
- 49. القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 128، الصفحة: 165.
- 50. القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 200، الصفحة: 176.
- 51. القران الكريم: سورة النحل (16)، الآية: 98، الصفحة: 278.
- 52. القران الكريم: سورة الفاتحة (1)، الآية: 5، الصفحة: 1.
- 53. القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 23، الصفحة: 153.
- 54. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 285، الصفحة: 49.
- 55. القران الكريم: سورة ص (38)، الآية: 24، الصفحة: 454.
- 56. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 135، الصفحة: 67.
- 57. الأصول من الكافي، الكليني: ج1، كتاب التوحيد، باب: الجبر والقدر و ... ، ح1 ، ص155 .
- 58. الأصول من الكافي، الكليني: ج1، كتاب التوحيد، باب: الجبر والقدر و...، ح11، ص159 .
- 59. التوحيد، الشيخ الصدوق: باب نفي الجبر والتفويض، ح3، ص350 .
- 60. المصدر السابق: ح5، ص351 .
- 61. الأصول من الكافي، الكليني: ج1، كتاب التوحيد، باب: الجبر والقدر و ... ، ح5، ص158 .
- 62. المصدر: كتاب العـدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) لـشيخ علاء الحسّون.