الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
الاَدلة العقلية على العصمة
توطئة خاصة
قال الاِمام أبو عبدالله الصادق عليه السلام: «إنّا لمّا أثبتنا أنّ لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنّا، وعن جميع ما خلق، وكان ذلك الصانع حكيماً، لم يجز أن يشاهده خلقه، لا يلامسهم ولا يلامسوه، ولا يباشرهم ولا يباشروه، ولايحاجّهم ولا يحاجّوه. فثبتَ أنّ له سفراء في خلقه وعباده، يدلّونهم على مصالحهم ومنافعهم، وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه. ثبت عند ذلك أنّ له معبرين، وهم الاَنبياء وصفوته من خلقه، حكماء، مؤدّبين بالحكمة، مبعوثين بها، غير مشاركين للناس في أحوالهم، على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب»1.
ولعلّه من هنا وممّا على شاكلته، استفيدت مقدّمات ما جعلوه بياناً وأسّسوا عليه قاعدة متينة تسمى بقاعدة «اللطف» وخلاصة ذلك:
أنّه تعالى لا يشاهده خلقه، ولا يلامسهم، ولا يلامسوه، ولا يحاجّهم، ولا يحاجّوه، إذن لابدّ من وجود سفراء له في خلقه وعباده.
وهؤلاء هم الذين يدلّونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم، وفي تركه فناؤهم، فثبت حينئذٍ الآمرون والناهون، عن الحكيم العليم في خلقه.
ولذا قد ورد: «إنّ الخلق لمّا وقفوا على حدٍّ محدود، وامروا ان لا يتعدّوا ذلك الحد لما فيه من فسادهم، لم يكن يثبت ذلك ولا يقوم إلاّ بأن يجعل عليهم أميناً يأخذهم بالوقف عندما أُبيح لهم، ويمنعهم من التّعدّي والدخول فيما حظر عليهم، لاَنّه لو لم يكن ذلك لكان أحدٌ لا يترك لذَّته ومنفعته لفساد غيره، فجعل عليهم قيّماً يمنعهم من الفساد، ويقيم فيهم الحدود والاَحكام.
و ـ إنّا لا نجد فرقةً من الفرق ولا ملّةً من الملل بقوا وعاشوا إلاّ بقيّم ورئيس لما لابدّ لهم منه في أمر الدين والدنيا، فلم يجز في حكمة الحكيم ان يترك الخلق ممّا يعلم انّه لابدّ لهم منه، ولا قوام لهم إلاّ به»2.
ومنه يجب ان يكون هؤلاء لكي تتمّ الحكمة من سفارتهم صفوته من خلقه، وإلاّ لكان هناك ترجيحٌ بلا مرجّح، أو تقديمٌ لمفضول على فاضل، وهو منافٍ للحكمة. وهؤلاء حكماء، قد ادّبهم الباري عزّ وجلّ بآدابه فبُعثوا بالحكمة كما كانوا هم من أهلها وسادتها. ويجب أن يكونوا بصراء مطيعين لله تعالى لا يشركون به طرفة عينٍ ولا أقلَّ من ذلك ولا أكثر. ويجب ألاّ يكونوا كاذبين وإلاّ لانتفت الحكمة في بعثهم، إذ سيتردد الناس في قبول قولهم، ولا يصلح أن يكونوا أدلاّء على طريقه. وهؤلاء يجب أن يكونوا من جنس البشر وطينتهم حتى يكونوا مثالاً حيّاً للائتمام بهم. واختصاراً لكلِّ الصفات الكاملة المجتمعة في ذاته المقدّسة نقول إنّه يجب أن يكون معصوماً.
وبما انّ العصمة، ليست من الامور الظاهرة والواضحة، بل من الامور غير المدركة للبشر، إذن لابدّ وان يُشار إليها، بالطرق الثلاثة الآتية أو ببعضها:
أ ـ بالعقل.
ب ـ بالنقل بالاضافة إليه.
جـ ـ أو بالاعجاز لاثبات منصبه، ومن إثبات المنصب تثبت له بالملازمة.
ويتأكد العنصر الثالث، إذ لابدّ من إعجاز يظهر لتأييد صدق مدّعي السفارة، وإلاّ لادّعاها كلُّ أحد. ولابدّ ان يفهم أهل عصر السفير أنّ ذلك إعجازٌ، فلذا كانت المعاجز مختلفة باختلاف العصور.
والرعاية شاملةٌ لكلِّ البشرية من أولها إلى آخرها لا يختص ذلك بزمانٍ دون زمان. ولكن نعلم علم اليقين أنّه لا نبيّ بعد نبيّنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأنّ المنكر لذلك لا يعدّ مسلماً أصلاً، إذ إنَّ ذلك من ضروريات الدين، فمنكره منكر للضروري، ومنكر الضروري كافر. فاذن لابدّ من وجود سفير لله، ولا يكون نبيّاً، وذلك هو الذي نعبّر عنه «بالاِمام».
ونحصر البحث في الاِمامة عند المسلمين إذ إنّه «لو لم يجعل لهم إماماً قيّماً أميناً حافظاً مستودعاً لدرست الملّة، وذهب الدين، وغُيّرت السُنّة والاَحكام، ولزاد فيه المبتدعون، ونقص منه الملحدون، وشبّهوا ذلك على المسلمين؛ لاَنّا وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير كاملين مع اختلافهم واختلاف أهوائهم، وتشتّت انحائهم، فلو لم يجعل لهم قيّماً حافظاً لما جاء به الرسول، فسدوا على نحو ما بيّنّا، وغُيِّرت الشرائع والسنن، والاَحكام، والايمان، وكان ذلك فساد الخلق أجمعين»3.
ولذا قالوا: (لمّا أمكن وقوع الشرّ والفساد وارتكاب المعاصي من الخلق، وجب في الحكمة وجود رئيس قاهر، آمر بالمعروف، ناهٍ عن المنكر، مُبين لما يخفى على الاُمّة من غوامض الشرع، مُنفِّذ لاَحكامه، ليكونوا إلى الصلاح أقرب، ومن الفساد أبعد، ويأمنوا من وقوع الشر والفساد).
فوجوده لطف، وقد ثبت ان اللطف واجب عليه تعالى، وهذا اللطف يسمى إمامة، فتكون الاِمامة واجبة، (ولمّا كان علّة الحاجة إلى الاِمام عدم عصمة الخلق وجب ان يكون الاِمام معصوماً)4.
ومن ناحية اُخرى فإنّ القرآن حق كلّه وإنّه قطعي الصدور، إلاّ انّه ظنّي الدلالة، فلذا سيقع الاختلاف في تأويله، وكلُّ متأول يدعي انّه على الحق وغيره ليس عليه، فيكون ذلك سبباً للفرقة والنزاع أكثر من التأليف والاجتماع، وهذا منافٍ للحكمة، إذن لابدّ من وجود مبيّن لكتابه العزيز ونعبِّر عنه بالحافظ له.
ومن جانب آخر نرى أن السُنّة النبوية كذلك، بل ملئت كتب نقلها بأحاديث كاذبة ومُلفقة، فما أدرانا ما الذي قاله صاحب الشرع وما الذي لم يقله ؟ خاصّةً أنّ هذه الفجوة تكبر وتكبر كلّما ابتعدنا عن مركز الرسالة الاَول، فبذا لابدّ من وجود مبيّن ومفسّر وكاشف عنها. ومن هنا صرّح الشيخ الصدوق قدس سره بهذا الدليل في اول كلامه إذ قال:
«إنّه لمّا كان كلّ كلام ينقل عن قائله يحتمل وجوهاً من التأويل، وكان أكثر القرآن والسُنّة مما اجمعت الفرق على انّه صحيح لم يغيّر ولم يبدّل، ولم يزد فيه ولم ينقص منه، محتملاً لوجوه كثيرة من التأويل، وجب أن يكون مع ذلك مخبر صادق معصوم من تعمد الكذب والغلط، مُنبئ عمّا عني الله ورسوله في الكتاب والسُنّة على حق ذلك وصدقه، لاَنّ الخلق مختلفون في التأويل، كلّ فرقةٍ تميل مع القرآن والسُنّة إلى مذهبها، فلو كان الله تبارك وتعالى تركهم بهذه الصفة من غير مخبر عن كتابه صادق فيه لكان قد سوّغهم الاختلاف في الدين ودعاهم إليه... وفي ذلك إباحة العمل بالمتناقضات والاعتماد للحق وخلافه.
فلمّا استحال ذلك على الله عزّ وجلّ، وجب أن يكون مع القرآن والسُنّة في كلّ عصر من ينبئ عن المعاني التي عناها الله عزّ وجلّ في القرآن بكلامه... وينبئ عن المعاني التي عناها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سنته وأخباره... واذا وجب انه لابدّ من مخبر صادق وجب ان لا يجوز عليه الكذب تعمّداً، ولا الغلط وجب ان يكون معصوماً»5.
وبما أنّ مهمته كذلك إذن يجب ان يكون صادقاً وأميناً، لكي يقبل منه الناس كلّ ما يبينه ويوضحه كما كان الرسول كذلك.
(وثبت عند ذلك أنّ له معبّرين هم الاَنبياء وصفوته من خلقه...).
فالاَنبياء قد ذكر، والاَئمة بصفوته من خلقه قد بيّنهم كذلك، فالاَنبياء والاَئمة كلُّهم لابدّ وان يكونوا (مؤدّبين بالحكمة، مبعوثين بها، غير مشاركين للناس في أحوالهم، على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب..). ومن هنا نفهم وندرك جيداً معنى حديث الثقلين: «إنّي مُخَلِّفٌ فيكم الثقلين كتاب الله، وعترتي أهل بيتي...».
وندرك كذلك لِمَ سكت ذلك الشامي عندما ناظره هشام بن الحكم رضي الله عنه عندما قال له هشام: يا هذا أربُّك أنظَر لخلقه أم خَلقُهُ لاَنفسهم ؟
فقال الشامي: بل ربي أنظر لخلقه.
فقال: ففعل بنظره لهم ماذا ؟ !
قال: أقام لهم حجّةً ودليلاً كيلا يتشتتوا، أو يختلفوا، يتألّفُهُم ويقيم أودهم ويخبرهم بخبر ربهم.
قال: فمن هو ؟ !
قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
قال هشام: فبعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مَنْ ؟ !
قال: الكتاب والسُنّة
قال هشام: فهل ينفعنا اليوم الكتاب والسُنّة في رفع الاختلاف عنّا ؟ !
قال الراوي ـ الذي هو يونس بن يعقوب ـ فسكت الشامي»6.
وأخيراً نقول إنّ الاِمامة منصبٌ خاص.
ونستطيع أن نضيف: بانّ منزلة الاِمامة تساوي الاُسوة والقدوة.
فالمُقتدى به هو الاِمام، وبما أنّه النموذج الاَمثل والاَكمل للخلافة الالهية فعليه يجب أن يكون حاوياً لكلِّ معنى الكمال الذي يمكن أن يتّصف به المخلوق، حتّى يكون قدوةً للجميع.
وبالخليفة يُستدلُّ على المستخلِف، فلو كان عادلاً لاَشعر وأشار إلى عدله، ولو كان ظالماً لبيّن ظلمه.
كما أنّ نصب الكامل أبعد للخيانة، فالله قادرٌ لا يعجزهُ شيء، وهو المُطّلع على عباده، فاختياره لمن يحمل رسالته ويكون خليفته لابدّ أن يكون أتمّ خلقه، ولا يصح أن يقع بالخيانة مهما صغرت، إذ الله يقول وقوله الحقّ:﴿ ... وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ﴾ 7.
فعليه لابدّ وأن يكون أحسن خلقه وأتمَّهم. وبذا أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اسوةً لنا:﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ... ﴾ 8.
فالاِمام كما يظهر للمتتبع يمثل الاسوة والقدوة الالهية الكاملة للممكن سواء كان نبيّاً أم غيره.
وبهذا كلّه ظهر بعض خصائص الاِمام المعبّر عنه بالعصمة.
الاَدلة العقلية
بعد هذا الاستعراض وهذه المقدّمات نحاول أن نضع أصابعنا على الاَدلة العقلية التي تثبت العصمة لمن اختاره الله تعالى لهداية خلقه بعد إنذارهم...
1 ـ إنّ من يدّعي منصباً إلهيّاً لابدّ أن يظهر المعجز على يديه، فدعوى ذلك المنصب أولاً، وإظهار المعجز ثانياً، فيعلم صدقه ووساطته عن الله تعالى إلى الناس.
ومقتضى هذا كلّه يجب أن يكون صادقاً وأميناً ليؤدّي رسالته على أتمّ وجه، وأكمل صورة، إذ يقبح عقلاً أن يبعث الله تعالى، أو يوسِط بينه وبين خلقه من هو كاذبٌ غير أمين. وهذا واضحٌ لا غبار عليه.
فكأنّ المُعجز قد وقع وأيّد مُدّعي النبوة والرسالة والمقام الالهي. فلابدّ أن يكون مانعاً من الكذب، لاَنّ تصديق الكذّاب قبيح. وهذا المقام الالهي بتأييده يدلُّ على الاتّباع والتصديق، وذلك لاَنّ الغرض الامتثال لما جاء به صاحب هذا المقام.
من هنا نستكشف أنّ كلّ ما يقدحُ في صاحب هذا المقام، يقدح في الامتثال ويزحزحه، فلابدّ أن يكون هذا الصاحب مؤيّداً بالبُعد عن جميع ما يكون منفّراً عنه مبعّداً، ولعلّ هذا أقرب للوقوع من إظهار المعجز، إذ إظهار المعجز لقبول قوله، فكلّ ما يؤيِّد هذا القبول ويقوّيه يُرَجّحُ وقوعه، وهذا كلُّه ممكن وشرائطه واضحة طبيعية، فهو أولى للتصديق من اختراق القوانين الكونية والنواميس الطبيعية لتأييد هذا الوسيط ليكون بذلك كلّه الامتثال أقرباً. إذ إنّ النفس لا تميل لمرتكب كلّ ما يكون منفراً.
وبعبارة أوضح نقول: إنّ مدّعي الوساطة لابدّ أن يكون خالياً من السخف، والجنون، والخلاعة.. الخ. ونضيف إلى ذلك الذنوب كلّها، وبالخصوص الكبائر منها، فإنّها أوضح للقبول، ولذا عبّر من عبّر، وأصاب فيما عبّر (انّ حظّ الكبائر في هذا الباب إن لم يزد عن حظّ السخف والجنون والخلاعة، لم ينقص منه)9.
فإذا تمَّ هذا يظهر أنّ كلّ ما هو منفرٌ يجب أن لا يتّصف به الوسيط، رعاية من الله تعالى لنا، ليقرِّبنا إلى الطاعة أكثر، ويبعدنا عن المعصية 10.
فإذا سلّمنا بهذا نقول: إنَّهم اختلفوا في عدد الكبائر، بل في حدود الكبيرة، فبعضٌ قد رواها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبعة، ورووا انّ ابن عمر زادها اثنين، وابن مسعود زاد عليها ثلاثة. كما أنّ كثيراً من عظائم الذنوب ليس في ما ذكروه وسطّروه.
وقد اختلفوا كذلك في تحديد الكبيرة، فقالوا: هي الذنب الذي واعد الله تعالى عليه النار في القرآن، وبعضهم قال: إنّ الكبائر من الذنوب هي التي عُدّت كبائر في الاَخبار 11. بل بعضهم صرَّح أنّه ليس هناك كبيرة ولاصغيرة بل كلّها كبائر.
وكلّ هذا لا مدخلية له في بحثنا عند التمعّن بشيء، وذلك لاَنّ الذي يهم، هو ما كان مُنفّراً للخلق من الوسيط، وما كان مبعّداً للوسيط من الخالق، فاذا رضينا بذلك وقنعنا به، يكون حينئذٍ حال الذنوب كلّها واحداً.
ولو دققنا في الاَمر أكثر لرأينا أن هناك ذنباً أي معصية، وعاصياً، ومن قد عُصي، فمن جهة نفس المعصية رأينا الاختلاف في الكبيرة والصغيرة، وحدودهما. ومن جهة العاصي رأينا علو مقامه، وحسّاسيّة ذلك المقام فعلمنا أنّه من المقربين، وإذا سلّمنا بأنّ حسنات الاَبرار سيئات المقرّبين، علمنا ما يُفيده ذنب المقرب سواء كان صغيراً أو كبيراً بما أنّه مقرّب، إذ إنّ ما يُعدُّ حسنةً في مقام يُعدُّ له ذنباً وسيئة، فكيف بالذنب والمعصية.
ومن جهة ثالثة نظرنا إلى الذي عُصِيَ فرأيناهُ عظيماً فعظُمت معصيته أيّاً كانت، ولذا جاء في الاَثر: «لا تنظروا في صغر الذنوب، ولكن انظروا على من اجترأتم»12.
من هذه الجهات الثلاث نرى انّ استبعاد بل امتناع صدور المعصية من صاحب هذا المقام أقرب للقبول، بل هو عين الواقع، إذ حاله يختلف عن حالنا جزماً.
ومن هنا يظهر معنى قول الشيخ المفيد قدس سره: (وإنّه ليس في الذنوب صغيرة في نفسه، وإنّما يكون فيها بالاضافة إلى غيره)13.
كما أننّا لو دقّقنا النظر لرأينا أنّ النفس تسكن للذي لم تصدر منه المعصية أصلاً أكثر ممن صدرت منه، سواء تاب عنها أم لا، والمثل الذي نضربه يُقرِّبُ هذا المعنى ويجعله أوضح: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له»14، إذ لو لم يكن أعلا منه منزلة لما شُبّه به، فإذا ثبت هذا: (أمكن التمسّك في إثبات ما ذهب إليه أصحابنا من تنزيههم «صلوات الله عليهم» عن كلِّ منقصة، ولو على سبيل السهو والنسيان من حين الولادة إلى الوفاة بالاجماع المركب)9.
إذ العلماء بين قائل بعصمتهم كذلك مطلقاً. وبين قائل بعصمتهم من الكبائر، واختلفوا بالصغائر، وبين قائل بعصمتهم من الكبائر في حال دون حال. فإذا ثبتت عصمتهم من الكبائر والصغائر يتعيّن القول الاَول. إذ لا قائل بعصمتهم منهما معاً ويشكّك بمقام دون مقام.
2 ـ لو صدر ذنب منه لزم اجتماع الضدين، فيجب إطاعته لاَنّ مقامه يقتضي هذا، ويجب عصيانه لاَنّ ما جاء به ذنب. بل يجب منعه، والانكار عليه، بل ردعه وحتى زجره لكي يترك ذلك الذنب، فلربما يولّد ذلك الايذاء له، وإيذاؤه كما نعلم حرام بالاجماع، ولقوله تعالى:﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ... ﴾ 15 .
3 ـ كما أنّه لو أذنب كان فاسقاً، فيجب أن تُردَّ شهادته، للاجماع، ولقوله تعالى:﴿ ... إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ... ﴾ 16. فيلزم حينئذٍ أن يكون أدون من آحاد الاُمّة.
4 ـ وبعصيانه يكون من حزب الشيطان، فيلزم منه خسرانه، إذ قال تعالى:﴿ ... أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ 17. وهو باطل بالضرورة.
5 ـ وكما قدّمنا فإنّ حسنات الاَبرار سيئات المقربين، فعلى هذا يكون حظُّه أقلّ مرتبة من أقلّ أحد من أفراد الاُمّة. بل قد يلزم منه استحقاقه للعذاب، قال تعالى:﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ 18. ومن هذه الآية بالذات يظهر لنا جليّاً أنّ الرسول لا يعصي أصلاً، فحدوده هي الله ورسوله، ولا يمكن أن يكون المُحدَّدُ خارجاً عن الحدّ.
6 ـ وقد يستحق اللعن، إذ بتعديه للحدود يكون ظالماً، والله تعالى يقول:﴿ ... أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ 19 وهو باطل بالضرورة، والاجماع.
7 ـ ويشمله التهوين في قوله تعالى:﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ 20.
قول وفعل وإقرار المُرسَل والاِمام عليهما السلام هل هو حجّة أم لا ؟ !
إن قلنا كون كلّ ذلك حجّة ثبتت العصمة، (وهذا الدليل من أمتن مايمكن أن يُذكر من الاَدلّة على حجيّة السُنّة...
إذ مع إمكان صدور المعصية منه، أو الخطأ في التبليغ، أو السهو، أو الغفلة، لا يمكن الوثوق أو القطع بما يدّعي تأديته عن الله عزّ وجلّ، لاحتمال العصيان، أو السهو، أو الغفلة، أو الخطأ منه ولا مدفع لهذا الاحتمال)21.
وربما يتوهّم مُتَوهِّم عند استطلاع ما نقلناه من آراء العلماء حول العصمة واختلافهم في حدودها من أنّ هذا لا يجدي شيئاً؛ وذلك لاَنّهم اتفقوا على أنّه معصوم بما يتعلق بالتبليغ والفتيا، فيكون الدليل أضيق من المدّعى.
نقول رفعاً لهذا التوهم: إنّ الحجّة كما نعلم هي ما يُحتجّ به، أي أنّ للمسلم أن يتّبع مؤدّاها ويكون له الحقّ يوم القيامة، والله سبحانه وتعالى يقول:﴿ ... لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ... ﴾ 22.
فيكون عملهم حينئذٍ إذا كان مُطابقاً لما صدر من الوسيط بين الله وخلقه حجة للناس على الله لو كان ذاك قد أدى وفعل أو قرّر ما ليس صحيحاً شرعاً، وهذا لا يمكن. فعليه لابدّ أن يكون فعله وقوله وإقراره صحيحاً دائماً. حصر العصمة في حال التبليغ والفتيا وإذا حصروه في حال التبليغ والفتيا، نقول لهم: إنّ العلماء كافة قد اطلقوا وقالوا: (إنّ النبي بشرٌ مثلنا، له ما لنا، وعليه ما علينا، وهو مكلّف من الله تعالى بما كلّف به الناس، إلاّ ما قام الدليل الخاصّ على اختصاصه ببعض الاَحكام: إمّا من جهة شخصه بذاته، وإما من جهة منصب الولاية، فما لم يخرجه الدليل فهو كسائر الناس في التكليف. هذا مقتضى عموم اشتراكه معنا في التكليف. فإذا أصدر منه فعل ولم يعلم اختصاصه به، فالظاهر في فعله أن حكمه فيه حكم سائر الناس. فيكون فعله حجّة علينا وحجّة لنا، لا سيما مع ما دلّ على عموم حسن التأسيّ به)23، فلا مجال للتقييد هذا أولاً.
وثانياً: أنّى لنا تمييز الفعل والقول والاقرار منه، بحيث نعلم أنّ هذا تبليغ أو فتيا وأنّ هذا ليس كذلك ؟ ! أي كيف يتمّ لنا تمييز ما هو تبليغ وفتيا عمّا هو فعل شخصي ؟ !
ولو قال قائل: إنّ عليه التنبيه، فعلى المعصوم أن يقول: إنّ هذا الفعل فعل تبليغ، وإنّ هذا الفعل ليس كذلك. عليه أن يقول: إنّ هذا القول تبليغ، وإنّ هذا القول ليس تبليغاً ولا فتيا. عليه أن يبين أنّ هذا الاقرار تبليغ أو فتيا أو ليس كذلك. وهكذا يملأ المعصوم حياته من قول: إنّ هذا هذا، وإنّ هذا ليس هذا، وهو كما ترى.
ولو كان ذاك لبان، مع أننّا لا نجد لذلك عيناً ولا أثراً في حياة الاَنبياء والمرسلين، وخاصة في حياة نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، مع أنّ كتب الروايات من صحيحها إلى سقيمها قد نقلت حتى خصوصياته صلى الله عليه وآله وسلم، نعم قد نُقلت في ذلك واقعة أو واقعتان، بأنّ فلاناً سأله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ هذا الاَمر منك أم من الله ؟ !! ولا تقوم تلك لقلّتها أمام هذه العويصة أبداً.
بل لم يكن ذلك في أفعالٍ وتصرّفات شخصية أصلاً، بل كانت في أمور تهمّ المسلمين كافة، كما في صلح الحديبية، أو في تقديم الاِمام علي عليه السلام. وهذا يدلُّ على وقاحة من لفظها أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا على إيمانه، هذا والقرآن قد صرّح:﴿ ... أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ... ﴾ 24.
ثالثاً: اننّا نجد أنّ الروايات متضافرة وكثيرة في أنّ لله في كلِّ واقعة حكماً، منها ما ورد عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبدالله عليه السلام: «ما من شيءٍ إلاّ وله حدٌّ كحدود داري هذه، فما كان من الطريق فهو من الطريق، وما كان من الدار فهو من الدار»25.
وعن خيثمة بن عبدالرحمن الجعفي، قال: حدّثني أبو الوليد البحراني، عن أبي جعفر عليه السلام انّه أتاه رجل بمكة فقال له: يا محمد بن علي أنت الذي تزعم انه ليس شيء إلاّ وله حدّ ؟ !
فقال له أبو جعفر عليه السلام: «نعم، أنا أقول إنّه ليس شيء ممّا خلق الله صغيراً أو كبيراً إلاّ وله حدّ، إذا جوز به ذلك الحدّ فقد تعدّى حدود الله فيه...»26.
وعن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين عليه السلام ـ في حديث طويل أنّه قال لطلحة: «إنّ كلَّ آية أنزلها الله على نبيه عندي باملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخطّ يدي، وتأويل كلّ آية أنزلها على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وكلّ حلال وحرام أو حدّ، أو حكم، أو شيء تحتاج إليه الاُمّة إلى يوم القيامة مكتوب باملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخطّ يدي.
فقال: كل شيء من صغير أو كبير، أو خاص أو عام، كان أو يكون إلى يوم القيامة فهو عندك مكتوب ؟ !
قال: نعم، وسوى ذلك أسرّني في مرضه ألف باب يفتح كلُّ باب ألف باب»27.
وكذا ورد عن يونس بن عبدالرحمن، عن حمّاد، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: سمعته يقول: «ما من شيء إلاّ وفيه كتاب وسُنّة»28.
واستفاد العلماء من تلك الروايات وأشباهها: « أنّ لكلِّ شيء حداً، وأنّهُ ليس شيء إلاّ ورد فيه كتابٌ وسُنّة، وعلم ذلك كلِّه عند الاِمام عليه السلام»29.
وعليه قالوا: (إنّ كلّ مُتشرِّع يعلم أنّه ما من فعل من أفعال الاِنسان الاختيارية، إلاّ وله حكم في الشريعة الاِسلامية، من وجوب أو حرمة، أو نحوهما من الاَحكام الخمسة)30.
فلو تمّت هذه المقدمة ـ وهي تامة ـ يكون حينئذٍ كلُّ تصرّف للمعصوم له حكمه الخاص، وبما أنّ له حكمه الخاص، وهو مبين لذلك الحكم، فعليه يقتضي ذلك عصمته، وإلاّ لاختل التبليغ، إلاّ إذا قلنا بأنّ عصمته في الواقعة الاُولى واجبة، وأمّا في الوقائع اللاحقة فلا، وهو ما لم يقله أحد لحدِّ الآن، وحينئذ إذا تجرّأ أحدٌ وقاله فهو خلاف الاجماع المركب للمسلمين كما هو ظاهر.
بل لعلَّ ما ورد في سبب جعل شهادة خزيمة بن ثابت بشهادتين، يوضِّح لنا الاَمر أكثر، فيكون المطلب أجلى وأوضح، فقد ذكر أهل التاريخ أنّ: (سبب تسميته بذي الشهادتين هو أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اشترى فرساً من أعرابي، ثمّ إنّ الاَعرابي أنكر البيع. فأقبل خزيمة بن ثابت الاَنصاري ففرَّج الناس بيده حتى انتهى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أشهد يارسول الله لقد اشتريته منه. فقال الاَعرابي: أتشهد ولم تحضرنا ؟ ! قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أشهدتنا» ؟ ! قال: لا، يا رسول الله، ولكنّي علمتُ أنّك قد اشتريت، أفأصدِّقُكَ بما جئت به من عند الله، ولا أُصدّقك على هذا الاَعرابي الخبيث ؟ !
فعجب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: «يا خزيمة شهادتك شهادة رجلين»)31.
إذ إنّ تلك القضية بلا ريب ولاشكّ لم تكن تبليغاً، ولم تكن فتيا، بل كانت أمراً شخصياً متعلِّقاً بمحمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم بما هو شخصٌ، لا بما هو نبيٌّ أو مرسل.
وكما يعلم الجميع ادّعى أحد المتنازعين الذي كان من الاَعراب، بأنّ الفرس فرسه، وادّعى الشخص الآخر الذي هو محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم الفرس ذاته، ووقع النزاع بينهما.
وعندما سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الشهادة له، لم يشهد له أحد من المسلمين لجهلهم، لا لشيء آخر، لاَنّهم لم يروه عنده، ولم يطّلعوا على ملكيته، ولم يشهدوا بيعه، إلاّ أن شخصاً من العرب أقبل، وفضَّ النزاع بشهادته انّ الفرس لمحمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم!!!
فكيف تمّت شهادته ؟ ! هل شهد ملكيته للفرس ؟ ! هل عَلِمَ بها بما تعلم به الملكية لشخصٍ على مالٍ مُعيّن ؟ ! كُلُّ هذا لم يكن...
فلماذا لم يزجره النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن فعله هذا ؟ ! ولماذا لم يقل له لم تشهد فلم تشهد ؟ ! ولماذا هو لم يقل أصلاً بأنَّ محمداً صلى الله عليه وآله وسلم الشخص ربما يكون قد اشتبه عليه الاَمر ؟ ! أو أن يكون قد أخطأ ؟ ! أو نسي ؟ ! أو... إلى آخر محامل الاشتباه...
هذا الرجل لم يعتنِ بذلك أصلاً، وشهد بأن الفرس له، معلِّلاً شهادته بعد سؤاله صلى الله عليه وآله وسلم له كيف شهدت بذلك ؟ ! فقال: انّك اخبرتنا عن السماء فصدّقناك فكيف لا أُصدِّقك على فرس ؟ ! وبهذا الايمان المطلق أصبحت شهادته تعادل شهادتين فسُمي بخُزيمة ذي الشهادتين. ألا يكون ذلك شاهد صدق على مدّعانا ؟ !!
فالقضية كانت شخصية مع هذا جعل من شهِدَ بلا رؤية بصرية، بل برؤية بصيرية بهذه القاعدة العقلية المرتكزة في ذهن العقلاء التي لم يلتفت إليها أغلب الناس آنذاك في ذلك المجتمع الذي لم ينضج بعد عقائدياً؛ ولتوضيحها وترسيخها في أذهان الناس جعلت شهادة هذا الرجل شهادتين. فما لنا كيف نحكم ؟ !
يبقى شيء ربّما يقع فيه المتعرِّض لهذه المباحث، ومؤداه من أنّ العقاب يرفع عمّن تاب، فعليه لا عقاب ولا عتاب يبقى. ولكن هذا لاشيء، بالنظر إلى حديثنا بالخصوص، فلا مدخلية لذلك باستحقاق العقاب أو الثواب، أو عدم أحدهما، أو كليهما أصلا؛ وذلك لاَنّ حديثنا بالمنفّر ووجوده، لا باستحقاق العقاب الاُخروي، أو حتى الدنيوي وعدمه، إذ قد يأتي الابتلاء من جهة الاختبار ليس إلاّ، لا من جهة الذنب كما هو واضح، فلا فرق.
إلاّ أنّ الزاوية المنظور منها تختلف، وذلك لاَنَّ كثيراً من المباحات مع أنّها لا توجب عقوبة ولا ذماً، إلاّ انّها منفرة، فاننا نقول بعدم جواز ارتكابها من قبل من علت درجته بلا ريب ولاشكّ وهو واضح بالتأمل. وكذلك هناك كثير من الهيئات والحالات التي لا يمكن لمثل هؤلاء ان يكونوا فيها، مع أنها خارجة عن مورد العقاب والذمّ. فحديثنا منصبٌّ حول وجود المنفّر وعدم وجوده.
فنرى من أنّ أي شيء يكون منفّراً عن هؤلاء الاَشخاص لا يمكن أن يرتكبوه أو يكونوا فيه سواء كان مباحاً أم غير مباح، وسواء كان عملاً أم غير عمل، وسواء كان حالة وهيئة أم غيرهما.
ولازم من يقول من أنّ الحديث حول التوبة من ذاك الذنب الصغير وعدمه، فإذا تاب كان هذا غير لازم للتنفير عنه؛ لاَنّها قد أزالت الذم والعقاب، لازم ذلك القائل جواز ارتكاب الكبائر قبل البعثة إذا تاب، بل بعدها مع التوبة، وهو كما ترى.
كما أنّ ارتكاب الصغيرة لا يمكن قياسه بترك النوافل وأشباهها، فهما مختلفان من حيث ان ارتكاب الصغيرة يكون منفّراً، بينما ترك النافلة لايكون كذلك إلاّ في حالات خاصة نلتزم بعدم تركها فيها.
المهم أنّ العرف هو الذي يُحدّد ما هو المنفّر من غيره، ولا ضابطة دقيقة في ذلك أصلاً، ولكن يمكن إعطاء ضابطة كلية وهو أنّ كلّ منفّرٍ لايمكن لهؤلاء أن يرتكبوه، لاَنّ اللطف الالهي يقتضي تقريب الناس منهم. وكل منفر يوجب ابتعاد الناس عنهم، وهو عكس المطلوب.
ولذا عبّروا: (فرقٌ واضحٌ في العادة بين الانحطاط عن رتبة ثبتت، واستحقت وبين فوتها). ويعنون من أنّ الصغيرة لكونها ذنباً توجب الانحطاط لمرتكبها فهو قبلها كان أعلا رتبة، ومن أنّ ترك النافلة توجب عدم الصعود من رتبة هو فيها إلى أعلى منها كان يستحقها لو أنه فعل تلك النافلة، وهذا الكلام يبطل قول من يقول بجواز ارتكاب الصغائر منهم، سواء كان عن عمد أم عن تأويل 32.
تذييلات
الاَول: مسألة السهو لنبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم بالخصوص بما أنّ مسألة سهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم توجد روايةً وقولاً، لذا أحببنا أن نمرَّ عليها من دون إخلال بمطالب الكتاب، وبدون تعميق للجذور، بما ينفع في دفع هذا الوهم والقول الشاذّ بالكلية.
إنّ روايات السهو توجد في كتب الفريقين، فلذا أحببنا دغدغتها من كلا الطرفين، لرؤية الطريق الواضح.
روي عن أبي هريرة أنّهُ قال: (إنّكم تقولون إنّ أبا هريرة يُكثر الحديث عن رسول الله، ويقولون: ما بال المهاجرين والاَنصار لا يحدّثون عن رسول الله بمثل حديث أبي هريرة، إنّ إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالاَسواق، وكنت ألزم رسول الله على ملء بطني، فأشهد إذا غابوا، وأحفظ إذا نسوا.
وكان يشغل إخوتي من الاَنصار عمل أموالهم، وكنت امرأً مسكيناً من مساكين الصُّفّة، أعي حين ينسون. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث يحدّثه: «إنّه لن يبسط أحد ثوبه حتّى أقضي مقالتي هذه، ثمّ يجمع إليه ثوبه إلاّ وعى ما أقول». فبسطت نمرة عليَّ حتى إذا قضى رسوله الله مقالته جمعتها إلى صدري، فما نسيت من مقالة رسول الله من شيء)33.
وروي كذلك عنه أنّ رسول الله قال: «ألا تسألني من هذه الغنائم التي يسألني أصحابك ؟ !» قلت: أسألك أن تعلمني ممّا علمك الله. فنزع نمرة كانت على ظهري، فبسطها بيني وبينه، حتى كأنّي أنظر إلى القمل يدبّ عليها، فحدّثني حتّى استوعبت حديثه. قال: «اجمعها، فصُرها إليك». فأصبحتُ لا أُسقط حرفاً مما حدثني.
وروي عن أبي هريرة أيضاً، قال: قلت لرسول الله إنّي سمعت منك حديثاً كثيراً، فأنساه. فقال: «ابسط رداءك» فبسطته، فغرف بيديه فيه، ثم قال: «ضُمّه». فضممته فما نسيت حديثاً بعده 34.
فهل ينبغي لمن يصحح هذه الاَحاديث في أبي هريرة أن ينسب السهو إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟35.
ولقد تنبّه الشيخ محمود أبو ريّة إلى ذلك في كتابه «شيخ المضيرة أبو هريرة» فعلّق قائلاً: (ومن عجيب أمر الذين يثقون بأبي هريرة، ويمنعون
عنه السهو، والنسيان، لا يتحرّجون أن ينسبوهما إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم)36.
أما عند الخاصة فقد وردت روايات سهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الكتب الروائية الجليلة، وهي: كتاب «التهذيب» للشيخ الطوسي قدس سره 37، وكتاب «الكافي» للشيخ الكليني 38، وكتاب «من لا يحضره الفقيه» للشيخ الصدوق 39..
فقد ورد في «الكافي» مرفوعاً إلى أبي عبدالله عليه السلام أنّه قال: «إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلّى بالناس الظهر ركعتين، ثمَّ سها فسلّم، فقال له ذو الشمالين: يا رسول الله أنزل في الصلاة شيء ؟ ! قال: وما ذاك ؟ ! قال: إنّما صلّيت ركعتين . فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أتقولون مثل قوله ؟ ! قالوا: نعم. فقام صلى الله عليه وآله وسلم فأتمَّ بهم الصلاة، وسجد بهم سجدتي السهو...».
وأمّا أبو جعفر بن بابويه، فقد روى عن سعيد الاَعرج قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: «إنّ الله تبارك وتعالى أنام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن صلاة الفجر حتّى طلعت الشمس، ثم قام فبدأ فصلى الركعتين اللتين قبل الفجر، ثمّ صلّى الفجر، وأسهاه في صلاته، فسلّم في الركعتين، ثم..
وإنّما فعل ذلك به، رحمةً لهذه الاُمّة، لئلاّ يعيّر الرجل المسلم اذا هو نام عن صلاته أو سها فيها.
فيقال: قد أصاب ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم..»40.
وقد علّق الشيخ ابن بابويه على روايته بما يمكن أن نحصره بنقاط:
1 ـ إن هناك عبادة مخصوصة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهناك عبادة عامّة تشمله وتشمل غيره، والعبادة المخصوصة به، هي النبوة، والتبليغ من شرائطها، ولا يجوز في هذه الاُمور النسيان مطلقاً. وأمّا في العبادة المشتركة فيجوز فيها وقوع السهو منه، وحاله حال بقية المكلفين.
2 ـ إنّ باثبات النوم له تُنفى عنه الربوبية، لاَنّ الذي لا تأخذه سنة ولا نوم هو الباري عزَّ وجل.
3 ـ إن سهوه صلى الله عليه وآله وسلم ليس كسهونا، فسهونا من الشيطان وسهوه من الرحمن، وأسهاه لفائدتين؛ أولاً: ليُعلَم من انّه بشر. ثانياً: ليُعلِّمنا أحكام السهو.
4 ـ وإنّما قال بأنّ سهوه ليس من الشيطان؛ لاَنّه ليس للشيطان على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والاَئمة عليهم السلام سلطان:﴿ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ﴾ 41 وعلى من تبعه من الغاوين.
5 ـ وذكر أنّ شيخه محمد بن الحسن بن الوليد يقول: أوّل درجة في الغلو نفي السهو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. هذا مقتضى كلامه كلّه هناك 42.
أما الشيخ محمد بن الحسن الطوسي شيخ الطائفة وزعيمها، وهو أحد الاَجلاّء الذين ذكروا حديث السهو كما أسلفنا، فقد قال في «التهذيب» بعد إيراده لحديث مؤدّاه: (إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما سجد سجدتي السهو قط، ولا يسجدهما فقيه.
قال قدس سره ـ: الذي أفتي به ما تضمنه هذا الخبر، فأمّا الاَخبار التي قدّمناها من أنه سها فسجد، فهي موافقة للعامّة. وإنّما ذكرناها لاَنَّ ما تضمَّنته من الاَحكام معمول به على ما بيناه..)43.
وقال تعليقاً على ما رواه مما تضمّن قصة ذي الشمالين: (على أنّ في الحديثين الاَولين ما يمنع من التعلق بهما، وهو حديث ذي الشمالين وسهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا ممّا تمتنع العقول منه)43.
وقال في «الاستبصار»: (وذلك ممّا تمنع منه الاَدلة القاطعة في أنّه لايجوز عليه السهو والغلط)44.
وقد روى صاحب «الوسائل» روايتين في ذلك 45 قبل أن يُعلِّق بقوله: (ذكر السهو في هذا الحديث وأمثاله محمول على التقية في الرواية كما أشار إليه الشيخ وغيره، لكثرة الاَدلة العقلية والنقلية على استحالة السهو عليه مطلقاً. وقد حقّقنا ذلك في رسالة مفردة وذكرنا لذلك محامل متعددة)46.
وهكذا (فإنّ أدلة العصمة التي يقول بها جمهور المسلمين تقتضي الحكم بنفي السهو عنه في القول والفعل. وقد ذهب إلى ذلك المحققون من علماء الكلام من الشيعة، وممن قال بذلك من أهل السنة: أبو اسحاق الاسفراييني، وقد فصّل ذكر الخلاف منهم في كتاب «حجيّة السُنّة» للشيخ عبدالغني عبدالخالق)47.
أمّا الشيعة فلم يرد منهم خلاف في عصمته صلى الله عليه وآله وسلم من السهو في الاَقوال 48. من كلِّ ذلك نستفيد ما يلي:
أولاً:
أنّ الظاهر يجب أن يؤوّل إذا كان مخالفاً للدليل العقلي، فضلاً عن وجود ادلّة نقلية كثيرة تفيد خلافه، وهذا ما فعله الاَعلام.
إذا عرفنا أن اُصول الاعتقاد يجب أن تكون مبنية على الجزم، وأما الاَمر المستند على الظن فلا يغني عن الحق شيئاً، والدليل الجازم قد قام عقلاً ونقلاً على عصمة هؤلاء، فما جاء خلافه لا يؤخذ على ظاهره بل يجب أن يؤوّل.
ثانياً:
يردُ على الشيخ ابن بابويه في النقطة الاُولى مما حصرنا فيه رأيه: من أين له هذا التقسيم للعبادة، وإنّه يجوز في أحدها السهو، ولا يجوز في الاُخرى، مع إطلاق الروايات في العصمة وقيام الدليل عليها مطلقاً كذلك ؟ ولو (جاز السهو والنسيان من المعصوم في العبادة، لجاز في التبليغ. والفرق ليس عليه دليل قاطع، ولا يفهمه كلُّ أحد، بل كل من وقف على أحدهما جوّز الآخر قطعاً.
وأقلّهُ أنّ الاَكثر الاَغلب لا يُفرِّقون بينهما، فلا يوثَقُ بشيءٍ من أقواله، وأفعاله، وتختلُّ عصمته، وهو باطل قطعاً)49.
ثالثاً:
نُعلِّقُ على نقطته الثانية بأنّ انحصار العبودية هل يتمُّ بهذا فقط حتى نقول به ؟ ! وهل انحصار كونه بشراً يتمّ بيانه بالنوم عن الصلاة، لابالنوم عن غيرها، حتى نستدل من خلاله بأنّه ليس ربّاً، إذ الربّ لاتأخذه سنة ولا نوم ؟ ! ففي بيان هذا يمكن أن ينام النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أيّ مكان وأي وقت لكشف كونه غير رب. وأين نضع الاَحاديث الواردة في أنّه تنام عينه ولا ينام قلبه ؟ ! وسيأتي مزيد بيان حول هذه النقطة بالذات.
رابعاً:
وهل انحصر كونه من البشر في إسهائه ؟ ! وهل انحصر التعليم في اسهائه ؟ ! وإذا تمَّ هذا، فلماذا لم يرتكب بقيّة المحرمات والموبقات ليعلّمنا أحكامها، وحدودها.
ولماذا لم يسرق، حتّى يعلّمنا كيفية قطع يد السارق، وكيفية اعترافه قبل ذلك ؟ ! ما هذا كلّه إلاّ خروج عن طريق الصواب. وقياس لغير العبادات والمناسك بها، وهو كما ترى.
خامساً:
وقد قسَّم الشيخ ابن بابويه الناس إلى قسمين:
القسم الاَول: النبي والاَئمة عليهم السلام.
القسم الثاني: بقية الناس.
فالاَول من القسمين ليس للشيطان عليهم سبيل. وأمّا الثاني منهما فهم مصاديق للآية المباركة:﴿ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ﴾ 41 وعلى من تبعه من الغاوين على حدِّ تعبيره.
فهو بنفسه الشريفة من أيّ قسمٍ يمكن أن يدخل، وحاشاه من توليه للشيطان والغواية والشرك ؟ !!
سادساً:
نقول لماذا يكون ذلك غلواً إذا أخذت بأعناقنا الاَدلة العقلية والنقلية عنهم عليهم السلام ؟ !!
الثاني: النوم
حدَّ الفقهاء النوم بذهاب حاسة السمع والبصر، وغيبة إدراكهما عنهما تحقيقاً، أو تقديراً، وبما أنه من الحالات الطبيعية للانسان، فليس فيه غضاضة على من يسلبه النوم كلَّ ذلك 50.
وقد وصف القرآن الكريم هذه الحالة بالوفاة، وجعل الفرق بينها وبين الموت هو الرجوع وعدمه، قال تعالى:﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ 51.
مع هذا كلّه، فإنّه قد ورد من طرق الفريقين، وأطبق عليه العام والخاص أنّ من خصوصيات رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه تنام عينه، ولاينام قلبه.
بل صرَّح بعضهم بـ (أنّ منامات الرسل والاَنبياء والاَئمة عليهم السلام صادقة لاتكذب، وأن الله عصمهم عن الاَحلام، وبذلك جاءت الاَخبار عنهم على الظهور والانتشار)52.
وقد جاء أنّ سبب نزول هذه الآية المباركة:﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ 53 ما روي أن صوريا وجماعة من يهود أهل فدك، لمّا قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة سألوه، فقالوا: يا محمد كيف نومك، فقد أُخبرنا عن نوم النبي الذي يأتي في آخر الزمان ؟ !! فقال: «تنام عيني، وقلبي يقظان»54.
فهذا الذي لا ينام قلبه، حتى في النوم، كيف ينام قلبه في اليقظة فيسهو أو يخطأ ؟ !!
من هنا نرى من أنّه لا مجال للقول بالسهو مطلقاً عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وهذا المعنى بعينه نقوله في الاِمام، إذ ورد عن الاِمام الرضا عليه السلام أنّه قال: «للاِمام علامات، يكون أعلم زمانه، وأحكم الناس، وأتقى الناس، وأحلم الناس، وأشجع الناس، وأسخى الناس، وأعبد الناس، إلى أن قال عليه السلام: وتنام عينه ولا ينام قلبه 55».
وكذا ورد عنهم عليهم السلام أنّ «حال الاَئمة في المنام حالهم في اليقظة، لايُغيّر النوم منهم شيئاً...»56.
الثالث: العصمة في الغضب والرضا
لو قيل:
إنّه بشر يتكلّم في الغضب والرضى، فكيف يكون في كلِّ ذلك معصوماً ؟ !!
فإنّه يقال:
إنّ القرآن قد صرَّح به وبيّن الفرق فقال تعالى آمراً رسوله أن يقول للناس من أنّه بشر مثله:﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ... ﴾ 57، لكن الفارق قد ذكره تعالى أيضاً بعد أمره بقوله هذا إذ قال تعالى:﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ ... ﴾ 57 فالوحي الالهي له مكانه الخاص به، وبهذا افترق هذا البشر عن غيره، إذ قال تعالى:﴿ ... اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ... ﴾ 58. وبيّن طاقة هذا البشر بقوله تعالى:﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ... ﴾ 59.
ولذا وردت الرواية على لسان عبدالله بن عمرو بن العاص أنه قال:(كنت أكتب كلّ شيء اسمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش وقالوا: تكتب كلّ شيء سمعته من رسول الله، ورسول الله بشر يتكلّم في الغضب والرضى ؟ ! فأمسكت عن الكتابة.
فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأومأ باصبعه إلى فيه، وقال: «اكتب فو الذي نفسي بيده، ما يخرج منه إلاّ حق»)60 61.
- 1. التوحيد|الشيخ الصدوق قدس سره: 249.
- 2. بحار الاَنوار|المجلسي 3: 19 عن الاِمام علي بن موسى الرضا عليه السلام.
- 3. بحار الاَنوار|المجلسي 23: 19 عن الاِمام علي بن موسى الرضا عليه السلام.
- 4. تعليقة العلاّمة الاُستاذ الشيخ علي الاَنصاري على فصول العقائد للحكيم الطوسي رضي الله عنه: 35 ـ 36 ط1393 هـ.
- 5. معاني الاَخبار|الشيخ الصدوق: 133 ـ 134 بتصرف طفيف.
- 6. اُنظر اصول الكافي 1: 171 ـ 172|3. وكذلك وسائل الشيعة| الحر العاملي 27: 177| 2 باب 13.
- 7. القران الكريم: سورة يوسف (12)، الآية: 52، الصفحة: 241.
- 8. القران الكريم: سورة الأحزاب (33)، الآية: 21، الصفحة: 420.
- 9. a. b. بحار الانوار|المجلسي 11: 92.
- 10. وهذا من أساسيات قاعدة اللطف، فقد حدَّ القوم اللّطف: بأنّه هبة مقربة إلى الطاعة، ومبعدة عن المعصية، ولم يكن لها حظٌّ في التمكين، ولم تبلغ به الهبة حدَّ الالجاء. راجع كتاب العقائد من أنوار الملكوت في شرح الياقوت: 153.
- 11. راجع: الكافي في كتاب الايمان والكفر، باب الكبائر، والوسائل 11: 45 من أبواب جهاد النفس.
- 12. كنز العمال 4: 229|10294. ووسائل الشيعة|الحر العاملي 11: 247|13.
- 13. أوائل المقالات|الشيخ المفيد 4: 83.
- 14. كنز العمال 4: 207|10174 وغيره.
- 15. القران الكريم: سورة الأحزاب (33)، الآية: 57، الصفحة: 426.
- 16. القران الكريم: سورة الحجرات (49)، الآية: 6، الصفحة: 516.
- 17. القران الكريم: سورة المجادلة (58)، الآية: 19، الصفحة: 544.
- 18. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 14، الصفحة: 79.
- 19. القران الكريم: سورة هود (11)، الآية: 18، الصفحة: 223.
- 20. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 44، الصفحة: 7.
- 21. الاُصول العامّة للفقه المقارن|السيد محمدتقي الحكيم: 128.
- 22. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 165، الصفحة: 104.
- 23. اُصول الفقه|الشيخ محمدرضا المظفر 2: 67.
- 24. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 59، الصفحة: 87.
- 25. بحار الاَنوار|المجلسي 2: 170|7 باب 22.
- 26. بحار الاَنوار 2: 170|10 باب 22.
- 27. بحار الاَنوار 26: 65|147 باب 1.
- 28. اُصول الكافي 1: 59|4 باب الردّ إلى الكتاب والسُنّة.
- 29. الاصول الاصلية|العلاّمة السيد عبدالله شبر: 273.
- 30. اصول الفقه|العلاّمة الشيخ محمدرضا المظفر 1: 7.
- 31. رواها الشيخ الكليني بسند صحيح عن أبي عبدالله عليه السلام. الكافي 7: 23|1 كتاب الشهادات باب النوادر. كلّه عن معجم رجال الحديث|السيد الخوئي 7: 49 ط مؤسسة آل البيت عليهم السلام. وأوردها الشيخ المجلسي قدس سره في بحاره عن معاوية بن وهب باختلاف في بعض ألفاظ الواقعة عن كتاب الاختصاص: 64 راجع بحار الانوار|المجلسي 22: 141 مؤسسة الوفاء 1983 م ط2.
- 32. وهو رأي أبي علي الجبائي ومن وافقه.
- 33. فتح الباري في شرح البخاري 4: 231. وسير أعلام النبلاء|الذهبي 2: 429.
- 34. طبقات ابن سعد 4: 56.
- 35. وقد ناقش هذه المرويات التي ما أنزل الله بها من سلطان، السيد عبدالحسين شرف الدين في كتابه (أبو هريرة)، وأثبت بطلانها بوجوه عدّة، فراجع.
- 36. شيخ المضيرة أبو هريرة: 217، ط3.
- 37. التهذيب 2: 345|1433.
- 38. الكافي 3: 355|1.
- 39. من لا يحضره الفقيه 1: 233|1031. وروى كلّ ذلك عنهم صاحب الوسائل في وسائله 8: 198 ـ 203 الباب الثالث من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ط مؤسسة آل البيت عليهم السلام.
- 40. من لا يحضره الفقيه 1: 358.
- 41. a. b. القران الكريم: سورة النحل (16)، الآية: 100، الصفحة: 278.
- 42. راجع كلامه كلّه في من لا يحضره الفقيه 1: 358 ـ 360.
- 43. a. b. التهذيب 2: 180.
- 44. الاستبصار 1: 371.
- 45. وسائل الشيعة|الحر العاملي 8: 198 ـ 199|2 و 4 بطريقين، الباب الثالث من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.
- 46. ويقصد بها (التنبيه بالمعلوم) أو (البرهان على تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان): 199، ومن أراد الاستفادة الاكثر، والتدقيق في هذا المطب الحساس، وملاحظة آراء العلماء وما يُساعد عليه الدليل بصورة موسّعة فعليه بهذه الرسالة المهمة.
- 47. حجية السُنّة: 17 ـ 99.
- 48. مصنّفات الشيخ المفيد|السيد محمدرضا الجلالي المجلد العاشر رسالة عدم سهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
- 49. التنبيه بالمعلوم|الشيخ الحرّ العاملي: 111.
- 50. مجمع البحرين|الشيخ الطريحي 1: 180 المطبعة المرتضوية.
- 51. القران الكريم: سورة الزمر (39)، الآية: 42، الصفحة: 463.
- 52. أوائل المقالات|مصنّفات الشيخ المفيد 4: 70.
- 53. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 97، الصفحة: 15.
- 54. التبيان في تفسير القرآن 1: 363 في تفسير هذه الآية المباركة.
- 55. من لا يحضره الفقيه 4: 418. ومعاني الاخبار 2: 102. والخصال 1: 527. والاحتجاج|الطبرسي: 436. وعيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 212|1.
- 56. الكافي 1: 509|12.
- 57. a. b. القران الكريم: سورة الكهف (18)، الآية: 110، الصفحة: 304.
- 58. القران الكريم: سورة الأنعام (6)، الآية: 124، الصفحة: 143.
- 59. القران الكريم: سورة الحشر (59)، الآية: 21، الصفحة: 548.
- 60. سنن ابي داود 3: 342. وانظر أيضا: مسند أحمد بن حنبل 2: 215 عن طريقين. المستدرك على الصحيحين 3: 528.
- 61. المصدر: كتاب العصمة، حقيقتها ـ أدلتها لـ مركز الرسالة.