الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

سورة الكوثر نزلت في شأن فاطمة عليها السلام

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى: ﴿ ... إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ 1

الكوثر: إنها نزلت في فاطمة (عليها السلام).
ذهب إلى ذلك عدة من أصحابنا، منهم العلامة الطبرسي في تفسيره جوامع الجامع قال: هو كثرة النسل والذرية، وقد ظهر ذلك في نسله من ولد فاطمة (عليها السلام)، إذ لا ينحصر عددهم، ويتصل بحمد الله إلى آخر الدهر مددهم، وهذا يطابق ما ورد في سبب نزول السورة، وهو:
أن العاص بن وائل السهمي سماه الأبتر لما توفي ابنه عبد الله وقالت قريش: إن محمدا صلبور، فيكون تنفيسا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما وجد في نفسه الكبيرة من جهة مقالهم وهدما لمحالهم 2.

وما ذهب إليه العلامة الطباطبائي صاحب تفسير الميزان بقوله: إن كثرة ذريته (صلى الله عليه وآله وسلم) هي المرادة وحدها بالكوثر الذي أعطيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو المراد بها الخير الكثير، وكثرة الذرية مرادة في ضمن الخير الكثير، ولولا ذلك لكان تحقيق الكلام بقوله: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ 3 خاليا من الفائدة.

وقد استفاضت الروايات: أن السورة إنما نزلت فيمن عابه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالبتر بعد ما مات ابناه القاسم وعبد الله، وبذلك يندفع ما قيل من أن مراد الشانئ بقوله: " أبتر " المنقطع عن قومه أو المنقطع عن الخير، فرد الله عليه بأنه هو المنقطع من كل خير.
وفي قوله: ﴿ ... إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ 1 من الامتنان عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) جئ بلفظ المتكلم مع الغير الدال على العظمة، ولما فيه من تطييب نفسه الشريفة أكدت الجملة " بأن " وعبر بلفظ الاعطاء الظاهر في التمليك، والجملة لا تخلو من دلالة على أن ولد فاطمة (عليها السلام) ذريته (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا في نفسه من ملاحم القرآن الكريم، فقد كثر الله تعالى نسله بعده كثرة لا يعاد لهم فيها أي نسل آخر مع ما نزل عليهم من النوائب، وأفنى جموعهم من المقاتل الذريعة 4. وليس وحدهم الإمامية ذهبت إلى ذلك، بل وافقها غيرهم، وهو ما ذهب إليه الفخر الرازي بقوله: الكوثر أولاده (صلى الله عليه وآله وسلم) لأن هذه السورة نزلت ردا على من عابه بعدم الأولاد، فالمعنى أنه يعطيه نسلا يبقون على مر الزمان، فانظر كم قتل من أهل البيت! ثم العالم ممتلئ منهم، ولم يبق من بني أمية في الدنيا أحد يعبأ به 5 6.

  • 1. a. b. القران الكريم: سورة الكوثر (108)، من بداية السورة إلى الآية 1، الصفحة: 602.
  • 2. تفسير جوامع الجامع للعلامة الطبرسي: 553 الطبعة الحجرية طهران مطبعة ناصر خسرو 1362 ه‌.
  • 3. القران الكريم: سورة الكوثر (108)، الآية: 3، الصفحة: 602.
  • 4. الميزان في تفسير القرآن 20: 370.
  • 5. تفسير الفخر الرازي 16: 118 دار الفكر بيروت.
  • 6. المصدر: کتاب ما نزل من القرآن في شأن فاطمة(ع)ِ لسماحة السيد محمد علي الحلو.