مجموع الأصوات: 23
نشر قبل 4 أشهر
القراءات: 1121

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

مقتل الحسين (ع)

 ثم إن شمر بن ذي الجوشن حمل على فسطاط الحسين عليه السلام فطعنه بالرمح ثم قال: على بالنار أحرقه على من فيه، فقال الحسين عليه السلام: يا بن ذي الجوشن أنت الداعي بالنار لتحرق على أهلي، أحرقك الله بالنار، وجاء شبث فوبخه فاستحا وانصرف.
قال الراوي وقال الحسين عليه السلام إبغوا لي ثوبا لا يرغب فيه أجعله تحت ثيابي لئلا أجرد منه فأتى بتبان فقال لا ذاك لباس من ضربت عليه الذلة فخرقه وجعله تحت ثيابه فلما قتل عليه السلام جردوه منه ثم استدعى الحسين عليه السلام بسراويل من حبرة ففرزها ولبسها وإنما فرزها لئلا يسلبها فلما قتل عليه السلام سلبها بحر بن كعب (لع) وترك الحسين عليه السلام مجردا فكانت يدا بحر بعد ذلك تيبسان في الصيف كأنهما عودان يابسان وتترطبان في الشتاء فتنضحان دما وقيحا إلى أن أهلكه الله تعالى.
قال ولما أثخن الحسين عليه السلام بالجراح وبقى كالقنفذ طعنه صالح بن وهب المري على خاصرته طعنة فسقط الحسين عليه السلام عن فرسه إلى الأرض على خده الأيمن وهو يقول: بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله ثم قام عليه السلام.
قال الراوي وخرجت زينب من باب الفسطاط وهي تنادى وأخاه وا سيداه وا أهل بيتاه ليت السماء أطبقت على الأرض وليت الجبال تدكدكت على السهل.
قال وصاح شمر بأصحابه ما تنتظرون بالرجل قال وحملوا عليه من كل جانب فضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسرى وضرب الحسين عليه السلام زرعة فصرعه وضرب آخر على عاتقه المقدس بالسيف ضربة كبا عليه السلام بها لوجهه وكان قد أعيا وجعل ينوء ويكب فطعنه سنان ابن أنس النخعي في ترقوته ثم انتزع الرمح فطعنه في بواني صدره ثم رماه سنان أيضا بسهم فوقع السهم في نحره فسقط عليه السلام وجلس قاعدا فنزع السهم من نحره وقرن كفيه جميعا فكلما امتلأتا من دمائه خضب بهما رأسه ولحيته وهو يقول هكذا ألقى الله مخضبا بدمي مغصوبا على حقي، فقال عمر بن سعد لرجل عن يمينه: إنزل ويحك إلى الحسين فأرحه قال فبدر إليه خولي ابن يزيد الأصبحي ليحتز رأسه فأرعد فنزل إليه سنان بن أنس النخعي (لع) فضرب بالسيف في حلقه الشريف وهو يقول والله إني لأجتز رأسك وأعلم إنك ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخير الناس أبا وأما، ثم اجتز رأسه المقدس المعظم وفى ذلك يقول الشاعر:
فأي رزية عدلت حسينا * غداة تبيره كفا سنان

وروى أبو طاهر محمد بن الحسن الترسي في كتاب معالم الدين قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لما كان من أمر الحسين عليه السلام ما كان ضجت الملائكة إلى الله بالبكاء وقالت: يا رب هذا الحسين عليه السلام صفيك وابن بنت نبيك، قال فأقام الله ظل القائم عليه السلام وقال بهذا أنتقم لهذا.
وروى إن سنانا أخذه المختار فقطع أنامله أنملة أنملة ثم قطع يديه ورجليه وأغلى له قدرا فيها زيت ورماه فيها وهو يضطرب.
قال الراوي فارتفعت في السماء في ذلك الوقت غيرة شديدة سوداء مظلمة فيها ريح حمراء لا ترى فيها عين ولا أثر حتى ظن القوم إن العذاب قد جائهم فلبثوا كذلك ساعة ثم انجلت عنهم.
وروى هلال بن نافع قال: إني كنت واقفا مع أصحاب عمر بن سعد (لع) إذ صرخ صارخ أبشر أيها الأمير فهذا شمر قتل الحسين عليه السلام قال فخرجت بين الصفين فوقفت عليه وإنه ليجود بنفسه فوالله ما رأيت قط قتيلا مضمخا بدمه أحسن منه ولا أنور وجها ولقد شغلني نور وجهه وجمال هيئته عن الفكرة في قتله فاستسقى في تلك الحال ماء فسمعت رجلا يقول والله لا تذوق الماء حتى ترد الحامية فتشرب من حميمها فسمعته يقول يا ويلك أنا لا أرد الحامية ولا أشرب من حميمها بل أرد على جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأسكن معه في داره في مقصد صدق عند مليك مقتدر وأشرب من ماء غير آسن وأشكو إليه ما ارتكبتم منى وفعلتم بي قال: فغضبوا بأجمعهم حتى كان الله لم يجعل في قلب واحد منهم من الرحمة شيئا فاجتزوا رأسه وإنه ليكلمهم فتعجبت من قلة رحمتهم وقلت والله لا أجامعكم على أمر أبدا.
قال ثم أقبلوا على سلب الحسين فأخذ قميصه إسحاق بن حوية الحضرمي فلبسه فصار أبرص وامتعط شعره.
وروى إنه وجد في قميصه مائة وبضع عشرة ما بين رمية وطعنة سهم وضربة.
وقال الصادق عليه السلام وجد في الحسين عليه السلام ثلاث وثلاثون طعنة وأربع وثلاثون ضربة وأخذ سراويله بحر بن كعب التيمي (لع) فروى أنه صار زمنا مقعدا من رجليه وأخذ عمامته أخنس بن مرثد بن علقمة الحضرمي وقيل جابر ابن يزيد الأودي (لع) فاعتم بها فصار معتوها وأخذ نعليه الأسود بن خالد (لع) وأخذ خاتمة بجدل بن سليم الكلبي وقطع إصبعه عليه السلام مع الخاتم وهذا أخذه المختار فقطع يديه ورجليه وتركه يتشحط في دمه حتى هلك. وأخذ قطيفة له عليه السلام كانت من خز قيس بن الأشعث وأخذ درعه البتراء عمر بن سعد فلما قتل عمر وهبها المختار لأبي عمرة قاتله، وأخذ سيفه جميع بن الخلق الأودي وقيل رجل من نبي تميم يقال له أسود بن حنظلة وفى رواية ابن أبي سعد إنه أخذ سيفه الفلافس النهشلي وزاد محمد بن زكريا إنه وقع بعد ذلك إلى بنت حبيب بن بديل وهذا السيف المنهوب المشهور ليس بذي الفقار فإن ذلك كان مذخورا ومصونا مع أمثاله من ذخائر النبوة والإمامة وقد نقل الرواة تصديق ما قلناه وصورة ما حكيناه.
قال الراوي: وجائت جارية من ناحية خيم الحسين عليه السلام فقال لها رجل يا أمة الله إن سيدك قتل قالت الجارية: فأسرعت إلى سيدتي وأنا أصيح فقمن في وجهي وصحن.
قال: وتسابق القوم على نهب بيوت آل الرسول وقرة عين البتول حتى جعلوا ينتزعون ملحفة المرأة على ظهرها وخرج بنات آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحريمه يتساعدن على البكاء ويندبن لفراق الحماة والأحباء.
وروى حميد بن مسلم قال: رأيت امرأة من بنى بكر بن وائل كانت مع زوجها في أصحاب عمر بن سعد فلما رأت القوم قد اقتحموا على نساء الحسين عليه السلام وفسطاطهن وهم يسلبونهن أخذت سيفا وأقبلت نحو الفسطاط وقالت: يا آل بكر بن وائل أتسلب بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا حكم إلا الله يا لثارات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذها زوجها وردها إلى رحله.
فقال الراوي: ثم أخرج النساء من الخيمة وأشعلوا فيها النار فخرجن حواسر مسلبات حافيات باكيات يمشين سبايا في أسر الذلة وقلت بحق الله إلاما مررتم بنا على مصرع الحسين عليه السلام فلما نظر النسوة إلى القتلى صحن وضربن وجوههن قال فوالله لا أنسى زينب بنت علي عليه السلام تندب الحسين عليه السلام وتنادى بصوت حزين وقلت كئيب يا محمداه صلى عليك ملائكة السماء هذا حسين مرمل بالدماء مقطع الأعضاء وبناتك سبايا إلى الله المشتكى وإلى محمد المصطفى وإلى على المرتضى وإلى فاطمة الزهراء وإلى حمزة سيد الشهداء يا محمداه هذا حسين بالعراء تسفى عليه الصبا قتيل أولاد البغايا وا حزناه، وا كرباه، اليوم مات جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا أصحاب محمداه هؤلاء ذرية المصطفى يساقون سوق السبايا، وفى رواية: يا محمداه بناتك سبايا وذريتك مقتلة تسفى عليهم ريح الصبا وهذا حسين محزوز الرأس من القفا مسلوب العمامة والرداء، بابى من أضحى عسكره في يوم الاثنين نهبا، بأبي من فسطاطه مقطع العرى، بأبي من لا غائب فيرتجى ولا جريح فيداوى، بأبي من نفسي له الفداء، بأبي المهموم حتى قضى، بابى العطشان حتى مضى، بابى من شيبته تقطر بالدماء، بأبي من جده محمد المصطفى، بأبي من جده رسول إله السماء، بأبي من هو سبط نبي الهدى، بأبي محمد المصطفى، بأبي خديجة الكبرى، بأبي على المرتضى عليه السلام، بأبي فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، بأبي من ردت له الشمس وصلى.
فال الراوي: فأبكت والله كل عدو وصديق ثم إن سكينة اعتنقت جسد أبيها الحسين عليه السلام فاجتمعت عدة من الاعراب حتى جروها عنه.
قال الراوي: ثم نادى عمر بن سعد في أصحابه من ينتدب للحسين عليه السلام فيواطئ الخيل ظهره وصدره فانتدب منهم عشرة وهم: إسحاق بن حوبة الذي سلب الحسين عليه السلام قميصه وأخنس بن مرثد، وحكيم بن طفيل السنبسي، وعمر بن صبيح الصيداوي، ورجاء بن منقذ العبدي وسالم بن خثيمة الجعفي وواحظ بن ناعم، وصالح بن وهب الجعفي، وهاني بن شبث الحضرمي، وأسيد بن مالك (لع). فداسوا الحسين عليه السلام بحوافر خيلهم حتى رضوا صدره وظهره. قال الراوي: وجاء هؤلاء العشرة حتى وفقوا على ابن زيادة فقال: أسيد بن مالك أحد العشرة عليهم لعائن الله.
نحن رضضنا الصدر بعد الظهر * بكل يعبوب شديد الأسر فقال ابن زياد: من أنتم؟ قالوا: نحن الذين وطئنا بخيولنا ظهر الحسين حتى طحنا حناجر صدره، قال:
فأمر لهم بجائزة يسيرة.
قال أبو عمر الزاهد: فنظرنا إلى هؤلاء العشرة فوجدنا هم جميعا أولاد زناء وهؤلاء أخذهم المختار فشد أيديهم وأرجلهم بسكك الحديد وأوطأ الخيل ظهور هم حتى هلكوا.
وروى ابن رياح قال: رأيت رجلا مكفوفا قد شهد قتل الحسين عليه السلام فسئل عن ذهاب بصره، فقال: كنت شهدت قتله عاشر عشرة غير إني لم أضرب ولم أرم فلما قتل رجعت إلى منزلي وصليت العشاء الأخيرة ونمت فأتاني آت في منامي فقال أجب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنه يدعوك. فقلت مالي وله فأخذ بتلابيبي وجرني إليه فإذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم جالس في صحراء حاسر عن ذراعيه آخذ بحربة وملك قائم بين يديه وفى يده سيف من نار فقتل أصحابي التسعة، فكلما ضرب ضربة التهبت أنفسهم نارا فدنوت منه، وجثوت بين يديه وقلت السلام عليك يا رسول الله فلم يرد على ومكث طويلا ثم رفع رأسه وقال يا عدو الله انتهكت حرمتي وقتلت عترتي ولم ترع حقي، وفعلت ما فعلت؟ فقلت: والله يا رسول الله ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم قال صدقت، ولكنك كثرت السواد أدن منى فدنوت منه فإذا طست مملوء دما! فقال لي: هذا دم ولدى الحسين عليه السلام فكحلني من ذلك الدم فانتهيت حتى الساعة لا أبصر شيئا.
وروى عن الصادق عليه السلام يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال إذا كان يوم القيامة نصب لفاطمة عليها السلام قبة من نور ويقبل الحسين عليه السلام ورأسه في يده فإذا رأته شهقت شهقة لا يبقى في الجمع ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا بكى لها فيمثله الله عز وجل لها في أحسن صورة وهو يخاصم قتلته بلا رأس فيجمع الله عز وجل لها قتلته والمجهزين عليه ومن شركهم في قتله فاقتلهم حتى أتى على آخر هم ثم ينشرون فيقتلهم أمير المؤمنين عليه السلام ثم ينشرون فيقتلهم الحسن عليه السلام، ثم ينشرون فيقتلهم الحسين عليه السلام ثم ينشرون فلا يبقى أحد من ذريتنا إلا قتلهم قتلة. فعند ذلك يكشف الغيظ وينسى الحزن.
ثم قال قال الصادق عليه السلام: رحم الله شيعتنا هم والله شيعتنا المؤمنون فقد والله شركونا في المصيبة بطول الحزن والحسرة.
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال إذا كان يوم القيامة جاءت فاطمة عليها السلام في لمة من نسائها فيقال لها أدخلي الجنة، فتقول لا أدخل حتى أعلم ما صنع بولدي من بعدي: فيقال لها أنظري في قلب القيامة فتنظر إلى الحسين عليه السلام قائما ليس عليه رأس فتصرخ صرخة فأصرخ لصراخها وتصرخ الملائكة لصراخها.
وفى رواية: وتنادى وا ولداه وا ثمرة فؤاداه، قال فيغضب الله عز وجل لها عند ذلك فيأمر نارا يقال له هب هب، قد أوقد عليها ألف عام حتى اسودت لا يدخلها روح أبدا، ولا يخرج منها غم أبدا فيقال: التقطي قتلة الحسين، فتلتقطهم فإذا صاروا في حوصلتها صهلت وصهلوا بها، وشهقت وشهقوا بها، وزفرت وزفروا بها.
فينطقون بالسنة ذلقة ناطقة يا ربنا بم أوجبت لنا النار قبل عبدة الأوثان؟ فيأتيهم الجواب عن الله عز وجل: أن من علم ليس كمن لا يعلم.

روى هذين الخبرين ابن بابويه في كتاب عقاب الأعمال، ورأيت في المجلد الثلاثين من تذييل شيخ المحدثين ببغداد محمد بن النجار في ترجمة فاطمة بنت أبي العباس الأزدي بإسناده عن طلحة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إن موسى بن عمران سئل ربه قال: يا رب إن أخي هارون مات فاغفر له. فأوحى الله إليه يا موسى عمران لو سألتني في الأولين والآخرين لأجبتك ما خلا قاتل الحسين بن علي أبى طالب عليهما السلام 1.

  • 1. المصدر: اللهوف في قتلى الطفوف للسيد بن طاووس رحمه الله.