مجموع الأصوات: 81
نشر قبل 5 سنوات
القراءات: 6870

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

من حسابها الى جيبه

لو تحدثت مع الأزواج عن موقفهم من رواتب زوجاتهم لرأيت مواقفهم متعددة ومتباينة، أحدها أني لا أتدخل في راتب زوجتي أبدا، فهي حرة في التصرف فيه، لأنه ملكها، ولا أقبل أن تصرف منه على المنزل أو الأطفال، والثاني يرى نفس الرأي لكن لا يمانع صرفها على المنزل والأولاد، والثالث يأخذ كل راتبها ويتصرف فيه بكامله، لأن الزوجة تحوله برضاها إلى حسابه وتخوله التصرف فيه، والرابع يقول أقتطع شيئا من راتبها برضاها والاتفاق معها لحياتنا المشتركة والباقي تتصرف فيه كما تشاء.

وسواء أكان أحد هذه الخيارات أم هناك خيارات أخرى فالمهم هو الرضا والقناعة والتفاهم بين الزوجين في مجاراة الحياة ومواجهة تكاليف المعيشة المرتفعة، وصولا إلى السعادة والاطمئنان من كلا الطرفين.
الملفت للنظر هو بروز بعض الحالات (ولن أقول الظواهر) المزعجة والمتصاعدة في المجتمع التي حولت هذه النعمة (راتب الزوجة) إلى نقمة عليها وعلى أسرتها، وأصبحت المرأة بسببه تعاني هموما وضغوطا نفسية وأحيانا جسدية تحيل أيامها نكدا وجحيما لا يطاق.
مصادرة الراتب: استهداف الراتب من قبل الزوج هو الذي يحوله إلى مشكلة المشاكل بين الزوجين، خصوصا إذا كان الاستهداف هو استحواذا للراتب كله، وما أقصده هنا هو كون هذا الاستهداف غير مبارك ولا مقبول من جهة الزوجة، ولكنها تكون أمام الخيار المر، فإما أن تقبل، أو أن تتحول حياتها إلى نكد ومشاكل.
النكد إن رفضت تمكين الزوج من راتبها يتراوح بين الإهانة والسب ويتدرج إلى الضرب والإيذاء الجسدي، وأحيانا التلويح بعدم السماح لها بالعمل، الأمر الذي تعرف أنه لو تحقق فسيكون بابها إلى الطلاق.
هنا ألفت النظر أن جزءا كبيرا من الأذى النفسي للزوجة يتحقق بمجرد أن تعي الزوجة أنها زوجة لراتبها وليس لها بما هي امرأة وأم وشريكة حياة، لأنها تشعر فعلا أنها بالنسبة للزوج ليست أكثر من آلة صراف تسهل الحصول على النقود.
لقد صادفتني قصة محزنة لامرأة عاملة، فرض عليها زوجها التوقيع في البنك على تحويل دائم ومباشر لراتبها من حسابها إلى حسابه، مقابل أن يتفضل عليها بمصروف (500) ريال شهريا، أما راتبه هو فيحركه لحسابه الخاص في الأسهم، وعند السؤال من الزوج أخذ في اللف والدوران ولكن اعتصم كما يعتقد بقوله، إنني أسمح لها بالعمل فيضيع بعض من حقوقي عليها، وما أحصل عليه منها هو عوض لسماحي لها ولضياع بعض حقوقي.
الغريب أكثر في الأمر أن الـ (500) ريال لا تحصل عليها حتى تكون كل أمور منزلها كما يريد هو، ولكل نقص يحصل هناك خصم من مصروفها المفترض عقابا لها.
أزواج لا يريدون العمل: الفجوة كبيرة وشاسعة بين دعوة المرأة أخلاقيا لمساعدة زوجها والوقوف معه أمام أعباء الحياة ومستحقاتها الضاغطة، كي تسنده وتخفف الأعباء عنه وتهيئه لراحة البال واستقرار النفس، وما سينعكس جراء ذلك من تعامله مع زوجته وأولاده، وبين تقاعس الزوج عن الكسب اعتمادا على راتب زوجته وكسبها الشهري، لينتسب إلى فئة العاطلين عن العمل.
لقد هرب بعض الرجال من أعمالهم المتعِبة بعد أن رأوا المال يأتيهم وفيرا على طبق من الراحة، وتحت مختلف الأعذار أحبوا النوم واستكانوا للراحة معتمدين على مدخول زوجاتهم، ليقضوا بقية يومهم في المجالس والديوانيات والسهرات الفارغة.
وبعضهم أصبح لا يتحمل بعض ضغوط العمل الطبيعية كبعض المواقف والتشنجات البسيطة التي تحصل بينه وبين إدارة عمله، فيرى نفسه غير مجبر على تحمل كلمة من مسئول أو تصرف من مدير، لأنه دائم التطلع لراتب زوجته، فيقدم استقالته ويترك عمله، معللا ذلك بالحفاظ على عزته وكرامته، التي سيحصل على المزيد منها من تعب زوجته ونومه الممل.
أذكر قصة لشخص كان يعمل في نقل المعلمات من مناطق سكنهن إلى منطقة عملهن التي تبعد مسافة كبيرة، كان يستيقظ قبل أذان الفجر ليجلس خلف المقود ويتحرك من هذا المنزل إلى ذلك المنزل، ثم لينطلق إلى مشواره معهن، وليعود إلى منزله بعد الانتهاء من عمله بعد الساعة الثانية والنصف ظهرا، مقابل مبلغ من المال يحصل عليه من كل واحدة منهن.
لقد تغيرت حياته اليوم بعد أن تزوج من معلمتين، فهو يستيقظ يوميا بعد أن يتعب من النوم، ويقضي بقية يومه مرتاح الجسم بلا عمل ولا كدح1.

  • 1. نقلا عن الموقع الرسمي لسماحة الشيخ حسن الصفار حفظه الله_ صحيفة اليوم 12 / 4 / 2008م، العدد 12720.