مجموع الأصوات: 74
نشر قبل 6 سنوات
القراءات: 6855

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى المولد النبوي ومؤسساتنا التربوية

وأطلت علينا الذكرى... وما أجملها من ذكرى... إنها ذكرى الضياء والنور، ذكرى انبلاج فجر الهداية والصلاح، ذكرى ميلاد سيد الأولين والآخرين وخاتم الأنبياء والمرسلين صلوات ربي وسلامه عليه.

ومع هذا الذكرى وفيها ومنها وبها يمكن لنا أن نأخذ منها قبسا نستضيء به من الظلمات الحديثة منها والقديمة والتي أزهقت الأرواح وأضاعت المجتمعات وبددت الثروات ودفعت البعض إلى دوامة الفتن وقانا الله وجميع المسلمين منها.

ما أحوج أمتنا اليوم إلى الوقوف قليلا مع هذه الذكرى لملاحظة ما كنا عليه وما نحن فيه الآن!!

ألم يقل الحق تبارك وتعالى:﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ 1.

نعم لقد كان الآباء والأجداد الذين آمنوا بمحمد والتزموا منهجه وأتمروا بأمره وانتهوا بنهيه صلى الله عليه وآله بناة حضارة استغلظت فاستوت على سوقها.

وحينما تعامل الأولون مع النبي  باعتباره الآمر والناهي والقدوة والقائد وهو أولى بهم من أنفسهم، حينها تمكنوا من بناء صرح يعجب الزراع ويغيظ الأعداء.

ولكن ما أن تراجعنا عن تلك القيم التي أرساها  حتى تراجع دورنا وتقهقر موقعنا فأصبحنا نستجدي ما كنا نجود به بالأمس القريب.

فأين نحن اليوم وأين موقعنا الذي كنا عليه؟

والجواب ببساطة أننا ارتقينا بالقيم التي نزل بها الأمين على قلب محمد  وغرسها  كواقع حي يتحرك في الفرد والمجتمع والدولة والحضارة، وفي كل تفاصيلها.

وحينما تنازلنا عن كل ذلك سلب منا ما كنا فيه.

وهذه الذكرى محطة مهمة للاستذكار والتقييم والعودة من جديد إلى تلك القيم.

التزكية والتعليم

بناء الإنسان الصالح المتسلح بالعلم والمعرفة والفاعلية هو الأس والأساس في طريق العودة إلى ما كنا عليه، وأي عمل يتجاوز صناعة الإنسان وصياغة شخصيته طبقا للتعاليم التي جاء بها القرآن الحكيم والنبي الكريم والعترة الطيبة الطاهرة فهو لا يعيدنا إلى الجادة بل يبعدنا عنها إلى ما يتوافق مع الآخرين الذين لا يريدون لأمتنا إلا التمزق والتشرذم ويضمرون لأمتنا السوء والشر بل ويعملون على ذلك بكل ما أوتوا من قوة وخبرة.

قال تعالى مبينا الدور الذي قام به الرسول الأعظم  في صياغة الإنسان:﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ 2

فالتزكية والتعليم أو ما يصطلح عليه الآن بالعملية التربوية الشاملة للبعدين هي الأساس في استعادة الدور الذي أضعناه والمكانة التي فرطنا فيها.

وبالتالي علينا ونحن نستضيء بهذه الذكرى أن نتأكد من سلامة ركائز ثلاث تبتني عليها العملية التربوية:

  • المنهج
  • المربي
  • سلامة التطبيق

لأن حدوث أي خلل في أي من هذه الركائز الثلاث يدمر العملية التربوية من الأساس ويخرجها عن الأهداف المبتغاة وحينها لن تجدي الجهود ولا الأموال التي تبذل من أجلها نفعا.

وهنا ينبغي أن نؤكد على أن العملية التربوية لا يمكن لها أن تصوغ الإنسان من خلال بث الحقد والكراهية والتشجيع على العداوة والبغضاء وتكفير المخالف كما هو حاصل في بعض مؤسساتنا التربوية.

وهذا يعني ضرورة إبعاد هذا النهج والابتعاد عن المجاملة والمداراة للطائفيين الحاقدين على كل من لا ينصاع لهم في الرأي.

وإذا عجزت مؤسساتنا التربوية من الحد منهم ومعاقبتهم وإلزامهم بالأهداف المبتغاة من العملية التربوية فعلى أولياء أمور الطلاب أن يأمروا أبنائهم بمقاطعة كل من يبث الحقد والكراهية والعداوة والبغضاء وينال من المعتقدات التي نعتقدها وندين بها.

وعلينا أن نعي أن العبث بالعملية التربوية لا يبتغي سوى إبقاء هذه الأمة في موقع التبعية والتراجع والتخلف، وهذا ما لا ينبغي السكوت عليه بأي حال من الأحوال3.