مجموع الأصوات: 1
نشر قبل أسبوع واحد
القراءات: 200

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

رضا فاطمة رضا الله وغضبها غضبه تعالى

روى الفريقان أن رضا فاطمة رضا الله تعالى وغضبها غضبه، فقد روي فيعوالم العلوم عن المناقب: أن النبي صلى الله عليه وآله قال:» يا فاطمة انّ الله ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك 1.

وعن كشف الغمة عن الحسين بن علي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: يا فاطمة انّ الله ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك 1.

وروى أهل السنّة بأسانيد مختلفة وطرق متكثرة مثل ما اخرجه محب الدينا لطبري في ذخائر العقبى عن علي بن أبي طالب عليه السلام انّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال: يافاطمة انّ الله عزوجل يغضب لغضبك ويرضى لرضاك 2.

يُعد هذا الحديث من جملة الأدلّة على اثبات عصمتها عليها السلام، فاضافة الى آية التطهير التي تدلّ على عصمتها وحجيتها على الخلق، اذ أن غضب فاطمة ورضاها دالّة على الرضا والغضب الالهيين مما يعني أن غضب فاطمة ورضاها فرع غضب الله تعالى ورضاه ومتى ما كان الامر كذلك فاننا نستكشف بالدليل الاني عصمتها عليها السلام، اذ لا يكون الرضا والغضب الصادرين من قبل شخص، رضا وغضب الهي الا حينما يكون هذا الشخص بعينه معصوماً عن كل عيب ممتنعاً عن كل قبيح ليكون رضاه وغضبه في حدود الرضا والغضب الالهيين.

وفاطمة عليها السلام حضيت بتلك المنزلة تدليلًا على عصمتها وطهارتها فضلًا عن حجيتها ومقامها الالهيين.

كما انّ في الحديث دلالة كافية للزوم ولايتها وطاعتها على الخلق حتى يحصل بذلك رضاها ويتحقق عدم غضبها عليها السلام، فاذا تحقق ذلك أمكن احراز الرضا الالهي وتجنّب غضبه تعالى، مما يؤكد أن هذه المواصفات لا تتوفر إلا لمن تمتع بمقام الحجية والتطهير الإلهيين الملازم لوجوب الطاعة على الخلق.

على أنه صلى الله عليه وآله عبّر عن حجيتها بماهية الحجية في العقل العملي لا بماهية الحجية في العقل النظري التي تبحث في علم المنطق كالاشكال الاربعة أو في علم اصول الفقه، والسر في ذلك أن الحجية في العقل العملي تستلزم الحجية النظرية دون العكس ومما يدلل على مقام حجيتها وعصمتها العلمية والعملية.

وبيان ذلك:

انّ خاصية الحجية النظرية تختلف عن خاصية وماهية الحجية في الحكمة العملية، ففي بحث المنطق تذكر البراهين والاقيسة التي تشير الى العقل العملي كما انّ في اصول الفقه تذكر الحجية بماهية كاشفية أي حاكية وموصلة. أما الحجية العملية فانّها تتميز بكون هويتها وخاصيتها أنها لازم عملي وليس المقصود منه العمل الجارحي وحده، بل العمل الجوانحي كذلك، أي الحجية العملية ترتبط بالصفات العملية في النفس، بل هي ترتقي فوق الصفات العملية ولا تقتصر على الجوانح بل ترقى الى القلب لتشمل الحب والبغض، والرضاء والغضب، والتولي والتبريء، فخاصية الحجية العملية اذن ترتبط بالجانب العملي على مستوى القلب الذي يكون أعلى من الادراك الساذج البسيط، ومن ثم فانّ التعبير للحجية العملية لايعبر عنها بتعبيرات الحجية النظرية، كما في التعبير عنها بالنور واليقين والبيان وغيرها. في حين يختلف الامر عما هو عليه في الحجية العملية كما في قوله صلى الله عليه وآله» علي مع الحق والحق مع علي «وقوله صلى الله عليه وآله» انّ الله يرضى لرضا فاطمة ويغضب لغضبها «أو ما عبّر عنه القرآن الكريم» ﴿ ... كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ 3 «وقوله تعالى» ﴿ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ 4 «وقوله تعالى» ﴿ ... إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا 5 «فالتعبير بالمخلَص تعبير عن الحجية لكن بما هي حجية عملية لا الحجية النظرية، كما في عناوين التطهير والاصطفاء وصفاً للانبياء كما في قوله تعالى» ﴿ وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ﴾ 6 «وقوله تعالى» ﴿ ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا 7 «وكما في عنوان» المقرّب «كقوله تعالى» ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ 8  فهو تعبير عن الحجية العملية وهو وان كان عملًا إلا انّه على صعيد القلب، كما انّ النور فوق الادراك مع أنه على صعيد العمل.

اذن فالحجة العملية، هي حجية نظرية مشوبة بعمل. كما أنها أبلغ في البيان عن الحجية النظرية لأن الحجية النظرية والعصمة النظرية (كلاهما بمعنى واحد) تؤمنان لنا العصمة والأمن من الزلل في التلقي النظري، في حين انها لا تشمل الأمن من الخطأ في السلوك العملي.

بينما الحجية العملية فهي التلقي النظري وعصمته مفروغ عنهما فضلًا عن الأمان والعصمة في التطبيق العملي، ومن ثَمَ فتكون ابلغ في الأمان في علو درجة العصمة ومنزلتها من الحجية النظرية وحدها.

اذن فالرضا والغضب الذي أشار اليهما النبي صلى الله عليه وآله في حديثه لابد أن يكونا تابعين لارادة الله تعالى، ومع هذا فانّ رضا فاطمة عليها السلام سيكون متبوعاً من قبل غضب و رضا الله تعالى، لا أن هذه المتبوعية على مستوى الكشف أي كاشفة عن رضا وغضب الله تعالى، على أن رضا الله تعالى وغضبه هو المتبوع أصلًا ومن هنايمكن أن نستدل في ذلك على اطلاعها العلمي بارادات الله تعالى ورضاه فضلًاعن موارد غضبه، مما يؤكد وجود العلم اللدني لدى فاطمة عليها السلام للملازمة بين هذا العلم وبين الاطلاع على كل الجزئيات التي لا يتم الاطلاع عليها بدقائقها وأسرارها وغوامضها الا بالعلم اللدني الذي يخص الله به أوليائه وحججه المقربين والتيأظهر مصاديقها وأتمها فاطمة الزهراءعليها السلام 9.