حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
ما الفرق بين النبوة و الامامة عند الشيعة ؟!
نص الشبهة:
لا يذكر الشيعة فرقاً كبيراً بين الأنبياء والأئمّة، حتّى قال شيخهم المجلسي عن الأئمّة: «ولا نعرف جهة لعدم اتّصافهم بالنبوّة إلاّ رعاية خاتم الأنبياء، ولا يصل إلى عقولنا فرق بين النبوّة والإمامة».
الجواب:
الفرق بين النبوة والإمامة واضح ـ وإن خفي على جامع الأسئلة ـ فإنّ النبي يوحى إليه دون الإمام، والنبي الخاتم مؤسس للشريعة، والإمام مبيّن لها، كما أنّ النبي يبلّغ عن الله بلا واسطة، بينما يبلغ الإمام عن الله بواسطة النبي، وأي فرق أوضح من ذلك.
ثم إنّ العبارة الّتي نقلها السائل عن المجلسي لا تنطبق عمّا هو موجود في بحار الأنوار.
ونحن هنا نورد عبارة العلاّمة المجلسي حتّى يتّضح أنّ الصحيح في كلامه هو خلاف ما نقله جامع الأسئلة ، فعبارة العلاّمة تقول:
«لعلّ الفرق بين الأئمّة وغير أُولي العزم من الأنبياء أنّ الأئمّة نوّاب للرسول لا يُبلِّغون إلاّ بالنيابة، وأمّا الأنبياء وإن كانوا تابعين لشريعة غيرهم لكنّهم مبعوثون بالرسالة وإن كانت تلك النيابة أشرف من تلك الأصالة».
نعم جاء في الذيل قول المجلسي: «ولا تصل عقولنا إلى فرق بيّن بين النبوّة والإمامة».
مع هذا البيان كيف يقول إنّ الشيعة لا يرون فرقاً كبيراً بين الأنبياء والأئمّة، وأيّ فرق أوضح وأجلى من أنّه لا واسطة في النبوّة، ولكن في الإمامة يجب توفّر الواسطة.
وأخيراً نذكِّر أنّه بما أنّ جامع الأسئلة ليس له حظّ في المباحث القرآنية والكلاميّة، وأنّه يعتبر الإمامة منصباً انتخابيّاً يتمّ عن طريق انتخاب الناس فلا يمكنه أن يتصوّر أنّ مقام الإمامة ـ أحياناً ـ يكون أعلى من مقام النبوّة والرسالة، والحال أنّ الواقع غير ما تصوّر، حيث إنّ إبراهيم الخليل (عليه السلام) بعد طيّه لمقام النبوّة والرسالة والخِلّة، ففي آخر حياته نال مقام الإمامة، حيث جاءه الخطاب: ﴿ ... إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ... ﴾ 1، فإذا جاء في الروايات أنّ الإمامة مثل النبوّة في الشرف والمنزلة أو أنّها تفوقها، فإنّما هو بسبب هذه الآية المباركة التي تصرّح بأنّ إبراهيم أُعطي مقام الإمامة بعد النبوّة، وأمّا تفسير الإمامة بالنبوّة في هذه الآية فهو بعيد جدّاً عن الفهم القرآني، لأنّه جاء في نفس الآية أنّ خليل الرحمن في نفس الوقت، طلب مقام الإمامة لأبنائه وذرّيته، فقال تعالى: ﴿ ... قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ 1 وهذه الجملة تعني أنّه عندما طلب هذا الطلب كان عنده أولاد وذرّية وتدلّ على أنّه كان في سنٍّ متقدِّمة. وقد نال مقام النبوة قبل أن يكون له ذريّة. فلا يصح تفسير الإمامة في هذه الحالة بالنبوة، لأنّه اشبه بتحصل الحاصل.
فظهر أنّ مقام الإمامة هو شيءٌ أفضل من مقام النبوّة وقد أعطاه الله لإبراهيم بعد النبوّة، ولكن في نفس الوقت ، يمكن أن يكون هناك من يتمتّع بمقام النبوّة ولكن لم يصل إلى مقام الإمامة كأنبياء بني إسرائيل، ويمكن أن يكون هناك مَن يتمتّع بمقام الإمامة دون أن يكون له مقام النبوّة كما هو الحال بالنسبة لأئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، ويمكن أن يكون هناك من يتمتّع بكلا المقامين (الإمامة والنبوّة) كما هو الحال بالنسبة للأنبياء من أُولي العزم من إبراهيم إلى نبيّنا الخاتم صلوات الله على نبيّنا وآله وعليهم أجمعين.
وعلى كلّ حال فإنّ هذه المسائل القرآنية والاعتقاديّة الدقيقة ليست جزءاً ضروريّاً من العقائد، بل هي مباحث علميّة يمكن أن تتفاوت فيها الآراء 2 .