حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
العبودية جوهرة كنهها الربوبية
نص الشبهة:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لدي سؤالان لسماحتكم أرجو التفضل بالإجابة عليهما:
الأول: هناك كلام لآية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله وهو: «جاء في صفحة 41 من كتاب مقتطفات ولائية، ترجمة عباس بن نخي، المحاضرة الثالثة تحت عنوان (صبر الحجة) ألقاها الشيخ حسين وحيد الخراساني في المسجد الأعظم بقم بتاريخ 13 شعبان 1411هجري الموافق 27 / 2 / 1991 ميلادي: أن إمام العصر صار عبداً، وعندما صار عبداً صار رباً، فـ «العبودية جوهرة كنهها الربوبية» فمن ملك هذه الجوهرة تحققت ربوبيته ـ بالله تعالى لا بالاستقلال ـ بالنسبة إلى الأشياء الأخرى. أليس في هذا الكلام غلو مفرط إلى حد الشرك؟» انتهى.. فما هو ردك على كلامهم وما معنى كلام الشيخ الوحيد والأدلة التي يستند عليها؟
الثاني: أني استدليت بصحة كلام الشيخ عن طريق رواية تفسير القمي ج 2 ص 253: حدثنا محمد بن أبي عبد الله عليه السلام قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثني القاسم بن الربيع قال: حدثني صباح المدائني قال: حدثنا المفضل بن عمر أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول في قوله: { وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا... }.. قال: رب الأرض يعني إمام الأرض. فقلت: فإذا خرج يكون ماذا؟ قال: إذاً يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزون بنور الإمام. وحاولت معرفة صحة السند: ـ المفضل بن عمر: قال السيد الخوئي قدس سره: والنتيجة أن المفضل بن عمر جليل، ثقة، والله العالم (معجم الرجال ج 19 ص 330.). ـ صباح المدائني: من أصحاب الصادق عليه السلام، رجال الشيخ (معجم الرجال ج 10 ص 106.). ـ القاسم بن الربيع: أقول: الظاهر وثاقة الرجل بشهادة علي بن إبراهيم بها، ولا يعارضها ما نسب إلى ابن الغضائري من تضعيفه، لعدم ثبوت نسبة الكتاب إليه، ويؤكد وثاقته ما ذكره النجاشي في ترجمة مياح المدائني، ج 15 ص 21. ولم أتمكن من معرفة حال جعفر بن محمد، ومحمد بن أبي عبد الله. فهل هذه الرواية صحيحة السند؟ أم موثقة؟ أم ماذا؟!
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
أما بالنسبة للسؤال عن مراد الشيخ الوحيد حفظه الله بقوله عن إمام العصر عليه السلام: «عندما صار عبداً صار رباً»..
نقول:
إننا لا بد أن نأخذ بنظر الاعتبار ما يلي:
1 ـ إن الكلام المنقول عنه مترجم عن اللغة الفارسية، فلا بد من التأكد من صحة الترجمة ودقتها، ليمكن نسبة الكلام إلى قائله.
2 ـ إنه وإن كان يمكن تفسير كلامه حفظه الله بمضمون الحديث الشريف:
عبدي أطعني تكن مثلي، تقول للشيء كن فيكون.. من حيث إن طاعة الله تعالى، تعطي القدرة للطائع على التصرف في الموجودات، كرامة من الله تعالى له..
ولكن من الممكن أيضاً أن يكون مراده أيده الله: أن من يكون عبداً خالص العبودية لله، فإن الله تعالى يعطيه الولاية على مخلوقاته، وحق التصرف فيهم بما يصلحهم، وتدبير شؤونهم بما يملكه من عقل وحكمة، ورحمة، وحرص على إيصال تلك المخلوقات إلى كمالاتها المؤهلة للوصول إليها.
فيكون دور الإمام، دور الأب المربي، وهذا المعنى هو المروي عن النبي صلى الله عليه وآله: «أنا وعلي أبوا هذه الأمة» 1.
والحديث الذي ذكرتموه عن الإمام الصادق عليه السلام، في تفسير آية:﴿ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ... ﴾ 2.. «رب الأرض» يعني إمام الأرض الخ 3.. شاهد آخر على ذلك..
3 ـ إن أي غلو وارتفاع مرفوض في الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم، ونحن لا نشك في أن الشيخ الوحيد منزه عن مثل هذا الأمر، نسأل الله تعالى أن يحفظه ذخراً للأمة، إنه ولي قدير..
وأما بالنسبة لجعفر بن محمد:
فالظاهر أن المقصود به هو جعفر بن محمد بن مالك..
وأما محمد بن عبد الله:
فقد اختلفوا في المقصود به، فراجع: قاموس الرجال، وتنقيح المقال، وقد احتُمِل: أن المراد به محمد بن جعفر الأسدي. وقد روى عنه علي بن إبراهيم رواية أخرى في ج 2 ص 59 عن محمد بن أبي عبد الله، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب.
ويبقى الكلام في صباح المدائني، فإن كان هو صباح بن موسى الساباطي ـ باعتبار أن المراد هو ساباط المدائني ـ فيمكن الاعتماد على روايته، وإلا فلا..
ويظهر من الشيخ في رجاله عدم اتحادهما، فراجع.
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين 4..
- 1. راجع: تفسير البرهان ج 1 ص 369 عن الفائق للزمخشري، وعن ابن شهر آشوب، وتفسير الميزان ج 4 ص 357 عنه، وعن العياشي. والبحار ج 16 ص 95 وج 40 ص 45 ومعاني الأخبار ص 52 وعيون أخبار الرضا ج 2 ص 85، وعلل الشرايع ص 127 وراجع: لسان الميزان ج 2 ص 40 وغير ذلك.
- 2. القران الكريم: سورة الزمر (39)، الآية: 69، الصفحة: 466.
- 3. تفسير القمي ج 2 ص 253.
- 4. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة الثامنة»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1424 هـ ـ 2004 م، السؤال (443).