حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
تنزيه محمد عن الضلال
نص الشبهة:
فإن قيل فما معنى قوله تعالى : ﴿ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ﴾ أو ليس هذا يقتضي إطلاقه الضلال عن الدين ؟ وذلك مما لا يجوز عندكم قبل النبوة ولا بعدها ؟
الجواب:
قلنا في معنى هذه الآية أجوبة :
( أولها ) : أنه أراد : وجدك ضالا عن النبوة فهداك إليها ، أو عن شريعة الإسلام التي نزلت عليه وأمر بتبليغها إلى الخلق ، وبإرشاده صلى الله عليه وآله إلى ما ذكرناه أعظم النعم عليه .
والكلام في الآية خارج مخرج الامتنان والتذكير بالنعم ، وليس لأحد أن يقول إن الظاهر بخلاف ذلك ، لأنه لا بد في الظاهر من تقدير محذوف يتعلق به الضلال ، لأن الضلال هو الذهاب والانصراف فلا بد من أمر يكون منصرفا عنه . فمن ذهب إلى أنه أراد الذهاب عن الدين فلا بد له من أن يقدر هذه اللفظة ثم يحذفها ليتعلق بها لفظ الضلال ، وليس هو بذلك أولى منا فيما قدرناه وحذفناه .
( وثانيها ) : أن يكون أراد الضلال عن المعيشة وطريق الكسب . يقال للرجل الذي لا يهتدي طريق معيشته ووجه مكسبه : هو ضال لا يدري ما يصنع ولا أين يذهب . فامتن الله تعالى عليه بأن رزقه وأغناه وكفاه .
( وثالثها ) : أن يكون أراد ووجدك ضالا بين مكة والمدينة عند الهجرة فهداك وسلمك من أعدائك . وهذا الوجه قريب لولا أن السورة مكية وهي متقدمة للهجرة إلى المدينة ، اللهم إلا أن يحمل قوله تعالى ﴿ وَوَجَدَكَ ... ﴾ 1 على أنه سيجدك على مذهب العرب في حمل الماضي على معنى المستقبل فيكون له وجه .
( ورابعها ) : أن يكون أراد بقوله ﴿ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ﴾ 2 أي مضلولا عنه في قوم لا يعرفون حقك فهداهم إلى معرفتك وأرشدهم إلى فضلك . وهذا له نظير في الاستعمال . يقال : فلان ضال في قومه وبين أهله إذا كان مضلولا عنه .
( وخامسها ) : أنه روي في قراءة هذه الآية الرفع ﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ﴾ 3 على أن اليتيم وجده وكذلك الضال ، وهذا الوجه ضعيف لأن القراءة غير معروفة ، ولأن هذا الكلام يسمج ويفسد أكثر معانيه 4 .
- 1. القران الكريم : سورة الضحى ( 93 ) ، الآية : 7 ، الصفحة : 596 .
- 2. القران الكريم : سورة الضحى ( 93 ) ، الآية : 7 ، الصفحة : 596 .
- 3. القران الكريم : سورة الضحى ( 93 ) ، الآية : 6 و 7 ، الصفحة : 596 .
- 4. تنزيه الأنبياء عليهم السلام للسيد مرتضى علم الهدى ، دار الأضواء : 150 ـ 151 .