حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
معرفة النبي بلغات البشر
نص الشبهة:
إذا كان النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» يعرف جميع اللغات؛ فلماذا يصر على مراسلة عظيم فارس، وعظيم الروم وملك الحبشة، والمقوقس، وغيرهم بخصوص اللغة العربية ؟! وهل ثمة خلفيات سياسية، أو تشريعية دينية أو غيرها وراء هذا التمسك باللغة العربية؟! وأكثر من ذلك: أننا نجد الإسلام لا يرضى في عباداته، وفي موارد معينة أخرى بغير اللغة العربية. فلا تصح الصلاة مثلاً باللغات الأخرى، من أي كان من الناس: العربي، والرومي، والحبشي، والفارسي، وغيرهم. فما هو السر والدافع إلى هذا الإلزام والالتزام، يا ترى ؟! .
الجواب:
إنه يفترض في كل حضارة تستهدف إحداث تغييرات حقيقية وجذرية في المجالات الحياتية المتنوعة من سياسية واقتصادية، واجتماعية، وفكرية، وغيرها وحتى في بناء الشخصية الإنسانية، والتأثير والتغيير في مشاعر الإنسان، وأحاسيسه، وعواطفه، فضلاً عن خصائصه ومزاياه، وكل وجوده.
نعم . . إنه يفترض في هكذا حضارة أن تفرض على الشعوب والأمم التي تريد أن تحيا في ظلها هيمنة فكرها ، وثقافتها ، وأن تزرع فيها مصطلحاتها وتعابيرها الخاصة بها ، ذات الإيحاءات والمداليل المعينة والهادفة ، وتنفذ من خلال هذه المصطلحات وعلى أساس ذلك الفكر ، وبروافد من تلك الثقافة إلى مناطق اللاوعي في الأحاسيس والمشاعر ، وفي القلوب والضمائر لتلك الأمم والشعوب . وتتغلغل في أعماقها ؛ لتصبح جزءاً لا يتجزء من وجودها ، ومن شخصيتها ، ومن كيانها العتيد .
بل لقد رأينا : أنه حتى الدول لا تألو جهداً في فرض لغتها ، وعاداتها ، ومفاهيمها على الشعوب التي تهيمن عليها .
وإذا كان الله سبحانه قد أرسل نبيه إلى جميع الأمم فلا بد ـ والحالة هذه ـ من أن تهيمن لغة القرآن ، وثقافة الإسلام والإيمان على العالم بأسره . لأن القرآن كتاب العالم ، ودستور البشرية جمعاء ، ولعل هذا هو الذي يفسر لنا بعض ما ورد في الحث على تعلم اللغة العربية وتعليمها فراجع 1 .
- 1. الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه و آله وسلم) ، العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الخامسة ، السنة 2005 م . ـ 1425 هـ . ق ، الجزء العاشر .