حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
نصرة الملائكة للامام ينافي الغيبة والخوف..
نص الشبهة:
يدعي الشيعة ـ في قصصهم الكثيرة عن مهديهم الغائب ـ : أنه لما ولد «نزلت عليه طيور من السماء تمسح أجنحتها على رأسه ووجهه وسائر جسده ثم تطير! فلما قيل لأبيه ضحك وقال: تلك ملائكة السماء نزلت للتبرك بهذا المولود، وهي أنصاره إذا خرج (روضة الواعظين ص 260 .). والسؤال: ما دامت الملائكة أنصاره، فلماذا الخوف والدخول في السرداب؟!
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فإن الإجابة على هذا السؤال هي التالية:
أولاً: إنه وإن كانت هذه الرواية لا تشكل أي مشكلة بالنسبة إلينا، لا نرى حرجاً في القبول بمضمونها، غير أننا نقول:
إنه لا يصح الاحتجاج برواية وردت في كتاب لبعض العلماء على ذلك، لاحتمال أن لا يكون هذا العالم معتقداً بمضمونها.. فضلاً عن أن يصح الاحتجاج بها على الطائفة التي ينتمي ذلك العالم إليها، إلا بعد التأكد من أن تلك الطائفة ترى صحة ذلك الحديث، وتتبنى مضمونه، وفق المعايير التي تنتهجها في القبول والرد في ضوابط ومبررات التبني للمضمون..
وإلا لجاز لنا إلزام السنة بمضامين عشرات الآلاف من الروايات التي حوتها مجاميعهم، ونعتبرها دليلاً على فساد مذهبهم.. مع أنها قد تكون غير مقبولة عند أهل الدراية والإنصاف منهم..
ثانياً: لو فرضنا: أن هذا الحديث معتبر سنداً، فإن الشيعة لا يكتفون في قبول الحديث بمجرد ذلك، بل لا بد عندهم من التأكد من صحة مضمونه أيضاً، حيث إنهم يدققون في سلامته من أي شيء يوجب وهنه، ورده، فقد يردونه لمخالفته لكتاب الله، أو لما أجمعت عليه الأمة، أو لتناقضه في نفسه، أو لتعارضه مع صحيح آخر يكون أكثر طرقاً.
ونحن هنا لا نستبعد أن تكون الملائكة قد مسحت أجنحتها بالمولود المبارك التماساً للبركة.. ولا نستبعد أيضاً أن تنصره الملائكة، فقد تمسحت الملائكة قبل ذلك بمهد الإمام الحسين، ونالت البركة منه «عليه السلام»، ونصرت الملائكة أيضاً رسول الله «صلى الله عليه وآله» في بدر وفي أحد.. لكن ذلك لم يمنع من استشهاد عبيدة بن الحارث وعدد آخر من المسلمين في بدر، واستشهاد سبعين رجلاً على رأسهم سيد الشهداء حمزة «رضوان الله تعالى عليه» في أحد..
فدلنا ذلك: على أن نصرة الملائكة لا تعني الاتكال عليها، وعدم الإعداد والاستعداد، ووضع الخطط الحكيمة، واختيار المكان والزمان المناسبين للحرب.. فإن نصرة الملائكة مشروطة ببذل الوسع في ذلك إلى أقصى الحدود، فإذا كان ذلك استحق نصرة الملائكة.. وإلا، فلا..
ولو كانت نصرة الملائكة غير مشروطة بذلك، لانتفت الحاجة إلى إعداد الجيوش، وبذل الأموال، ووضع الخطط.. لأن ذلك يكون هدراً للطاقة، وعملاً سفهياً، ولا مبرر له..
ثالثاً: بالنسبة لاختفاء، الإمام في السرداب نقول:
إن السرداب كان موضع عبادة الإمام «عليه السلام» 1. وبعد غيبته « عليه السلام » عن الأنظار صار الشيعة يزورون ذلك المكان للتبرك به وطلب المثوبة، وقد رويتم: أن ابن عمر كان يتتبع المواضع التي صلى فيها النبي «صلى الله عليه وآله»، ليصلي هو فيها، طلباً للمثوبة والبركة، وإظهاراً للاتباع والتعبد التام 2.. فلماذا تنكرون ذلك على الشيعة ؟!
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله.. 3.
- 1. راجع: الخرائج والجرائح ج 2 ص 942 والصراط المستقيم ج 2 ص 210 وبحار الأنوار ج 52 ص 52 و 53 وراجع: ينابيع المودة ج 3 ص 318.
- 2. راجع: تاريخ بغداد ج 1 ص 183 والبداية والنهاية ج 9 ص 8 والسنن الكبرى للبيهقي ج 5 ص 245 وصحيح ابن حبان ج 15 ص 551 وفتح الباري ج 1 ص 471 وج 3 ص 373 وراجع: المصنف لابن أبي شيبة ج 8 ص 175 والطبقات الكبرى لابن سعد ج 4 ص 144 و 145 وسير أعلام النبلاء ج 3 ص 237.
- 3. ميزان الحق.. ( شبهات.. وردود )، السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1431 هـ. ـ 2010 م، الجزء الرابع، السؤال رقم (150).