حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
هل تمتع الامير؟!
نص الشبهة:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
يقول علماء الطائفة الحقة بأن أمير المؤمنين (عليه السلام)، لم يتزوج بثانية في حياة السيدة الزهراء (عليها السلام)، إكراماً لها. ولكننا نجد بعض الروايات التي تفيد أنه (عليه السلام)، كان يأخذ سهمه من سبي النساء في بعض الحروب، وكان يدخل بها.. ألا ينافي هذا ما يقوله علماء الطائفة الحقة؟!
والسلام عليكم..
الجواب:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فقد ذكرنا في إجابة لنا سابقة نشرت في بعض أجزاء كتاب مختصر مفيد: أنه قد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام)، أنه قال: حرّم الله النساء على علي ما دامت فاطمة حية، لأنها طاهرة لا تحيض 1..
وأما حديث أخذ الإمام علي (عليه السلام) سهمه من الجواري المسبيات في الحروب، فإن الأصل فيه حديث بريدة بن الخصيب الأسلمي.. (وفي بعض النصوص ذكر البراء، بدل بريدة) الذي أرسله خالد بن الوليد للوقيعة بالإمام علي (عليه السلام)، عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بحجة: أن الإمام (عليه السلام) اصطفى جارية من السبي، وقعت في الخمس.
وقد ذكرت الرواية: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قد غضب للإمام علي (عليه السلام)، وصوّب موقفه 2..
إننا نلاحظ هنا وفي مقام الإجابة على السؤال نقول:
1ـ إن أغلب المصادر لم تشر إلا لمجرد اصطفاء الإمام علي (عليه السلام)، جارية من خمس السبي لنفسه، وظاهر طائفة مما ذكرته المصادر المتقدمة وغيرها من نصوص لهذه الرواية: أن الاعتراض إنما كان منصباً على تصرفه (عليه السلام)، في مال الخمس. وكمثال على ذلك نشير إلى نص الشيخ المفيد (رحمه الله)، الذي ذكر أن بريدة جعل يقرأ كتاب خالد لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، والمتضمن للوقيعة في علي (عليه السلام)، ووجه النبي (صلى الله عليه وآله)، يتغير، فقال بريدة: «إنك إن رخصت للناس في مثل هذا ذهب فيؤهم.
فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ويحك يا بريدة! أحدثت نفاقاً؟! إن علي بن أبي طالب كان له من الفيء ما يحل لي، إن علي بن أبي طالب خير الناس لك ولقومك الخ..» 3.
فليس في الرواية اشارة إلى أنه (عليه السلام) قد وطأ تلك الجارية، كما تزعم بعض الروايات.
2 ـ إن بعض النصوص التي رويت لهذه الحادثة تقول: «فتكلم بريدة في علي عند الرسول، فوقع فيه، فلما فرغ رفع رأسه، فرأى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، غضب غضباً لم يره غضب مثله إلا يوم قريظة والنضير، وقال:
« يا بريدة، أحب علياً فإنه يفعل ما آمره» 4.
3 ـ ومع غض النظر عن ذلك، وافتراض صحة الروايتين معاً، نقول: إنه قد يمكن التوفيق والجمع بينهما، وذلك إذا فسرت رواية تحريم النساء على أمير المؤمنين (عليه السلام) مدة حياة السيدة فاطمة (عليها السلام)، بأن المقصود بها تحريم الزواج الدائم بالحرائر منهن. فلا تشمل الرواية التسري بالإماء..
4 ـ إن ما ذكروه من أنه (عليه السلام) قد أصاب من الجارية وأنه خرج إليهم ورأسه يقطر، وأخبرهم بما جرى، لم نجده مروياً عن الأئمة (عليهم السلام)، ولعله قد أضيف من قبل أولئك الذين أرادوا أن يثيروا المشكلة على أساس إثارة حفيظة السيدة الزهراء (عليها السلام)، لاعتقادهم أن ذكر ذلك لها عنه (عليه السلام)، سوف يثير حفيظتها، ويحركها ضده.
ولكن فألهم قد خاب؛ لأنهم لم يعرفوا الإمام علياً ولا السيدة الزهراء (صلوات الله وسلامه عليهم).
وربما تكون هذه التحريكات المغرضة قد حصلت في وقت لاحق، أي بعد أن فشلت محاولاتهم الوقيعة به عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)..
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين 5..
- 1. البحار ج43 ص16 و153 وفاطمة بهجة قلب المصطفى ج1 ص159 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص64 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص330 ومستدرك الوسائل ج2 ص42 وتهذيب الأحكام ج7 ص475 وبشارة المصطفى ص306 وعوالم العلوم ج11 ص66 و387 وضياء العلوم (مخطوط) ج2 قسم3 ص7 والأمالي للطوسي ج1 ص42.
- 2. هذا الحديث رواه عموم أهل السنة في مجاميعهم الحديثية، وفي كتب السيرة، والتراجم، وغير ذلك، فراجع على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
صحيح البخاري كتاب النكاح باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف، وكتاب الخمس، وكتاب المناقب، وصحيح مسلم ج7 ص141 وفي فضائل فاطمة (عليها السلام)، ومسند أحمد ج4 ص328 وحلية الأولياء ج2 ص40 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص64 والمستدرك على الصحيحين للحاكم ج3 ص158 و159 وغوامض الأسماء المبهمة ص340 و341 وسنن ابن ماجة ج1 ص616 وأسد الغابة ج5 ص521 والجامع الصحيح للترمذي ج5 ص591 و597 ونزل الأبرار ص82 و83 والسيرة الحلبية ج2 ص208 والمناقب لابن شهرآشوب ج1 ص4 وسنن أبي داود ج2 ص326 وتلخيص الشافي ج2 ص276 والغدير ج3 ص216 والبحر الزخار ج6 ص435 وجواهر الأخبار والآثار (بهامش البحر الزخار) للصعدي، ومصابيح السنة ج2 ص257 وكنز العمال ج15 ص24 ـ 125 و126 و271 والبداية والنهاية ج7 ص344 و345 ومحاضرة الأدباء المجلد الثاني ص234 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص51 و88 وج4 ص64 ـ 66 وتهذيب التهذيب ج7 ص90 وفتح الباري ج7 ص6 وج9 ص286 ونسب قريش ص87 و312 والمصنف للصنعاني ج7 ص300 و301 و302. - 3. الإرشاد ص160 و161 ط مؤسسة آل البيت وقاموس الرجال ج2 ص173 عنه.
- 4. راجع المعجم الأوسط ج5 ص117 وبشارة المصطفى ص146 و147 وتاريخ دمشق ج42 ص291 وفي ط أخرى 195 ومجمع الزوائد ج9 ص129 وخصائص أمير المؤمنين للنسائي هامش ص103 والأمالي للطوسي 250 والبحار ج39 ص282 ونهج السعادة ج5 ص279.
- 5. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، « المجموعة الخامسة »، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1424 ـ 2003، السؤال (259).