لم يدَّعِ الشيعة أن علياً عليه السلام عُرج به إلى السماء مع النبي صلى الله عليه وآله، نعم ورد في الحديث الشريف أن الله تعالى خاطب نبيه بأحب الأصوات إليه وهو صوت علي عليه السلام.
إنّ حديث المنزلة من مختصّات الإمام عليّ، حيث نُقل بعشرات الطرق في الصحيحين (البخاري ومسلم) وغيرهما من الكتب الأُخرى المعتبرة ، فعندما عزم النبيّ الخروج إلى تبوك ترك عليّاً خليفةً له على المدينة ، فأخذ المنافقون يشيعون أنّ العلاقة توترت بين النبيّ و عليّ ولذلك تركه في المدينة ولم يستصحبه معه.
إن علياً لم يكن ينطلق في مواقفه من مشاعره الشخصية تجاه الأشخاص، من حيث هم أشخاص. فهو لا يبغض عثمان لأنه ابن فلان، أو لأن لونه أبيض أو أسمر، أو لأنه طويل أو قصير، أو غني أو فقير .. بل هو يبغض من أعمال عثمان ما كان مخالفاً للشرع، أو مجانباً للعدل والإنصاف، ويدعوه إلى تركها والإقلاع عنها، فإن استقام على طريق الخير والحق والصلاح استقامت علاقته به .. وإن أخل بذلك اختلت هذه العلاقة ..
هناك نوعان من المخالفات التي تجب معالجتها و ان علياً لم يحاب ولم يصانع أحداً في كل ما يرتبط بالنوع الأول ، بل طبق أحكام الله بحذافيرها . . رغم أن ذلك قد كلفه غالياً ، حيث تمرد عليه الناكثون ونقضوا بيعته ، وجمعوا الجيوش لحربه ، وتسببوا بقتل عشرات الآلوف من المسلمين .
إن الكون بيد خالق الكون . . وهو أعرف بما يصلحه، فإذا كان الله سبحانه هو الذي رد الشمس لعلي [عليه السلام] إظهاراً لكرامته، فهو لن يردها ويفسد الكون، بل يردها . . ويصلح الكون.
وقد تحدث الله سبحانه وتعالى عن شق القمر، وعن الإتيان بعرش بلقيس، وعن المعراج، ولم يختل النظام الكوني . . وتحدث رسول الله [صلى الله عليه وآله] عن أن الشمس ستطلع من مغربها . . وعن . . وعن . . ولن يختل النظام الكوني أيضاً . .
قد ذكرت الروايات الواردة عن الأئمة «عليهم السلام» الأسباب التالية:
1 ـ إن الظالم والمظلوم كانا قد قدما على الله عز وجل ، وأثاب الله المظلوم ، وعاقب الظالم ؛ فكره أن يسترجع شيئاً قد عاقب الله عليه غاصبه ، وأثاب عليه المغصوب....
قد بيّن القرآن المجيد ولاية عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) بأبلغ بيان في الآية المباركة التي تقول : ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾.
ولحسن الحظّ فإنّ أغلب المحدِّثين والمفسّرين نقلوا أنّ هذه الآية نزلت في عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فقد بلغ عددهم 66 محدِّثاً ومفسِّراً ، ومن بينهم تسعة من الصحابة.
إن انشقاق الجدار كرامة لأمير المؤمنين «عليه السلام» ، وحديث ولادته داخلها ، قد روي عن أناس حارب بعضهم علياً «عليه السلام» ، وسعى إلى قتله ، أو كان يكرهه ، وينصب العداء له ، ولا يرضى بالإقرار بفضيلة له . .
إن النبي صلى الله عليه وآله هو الذي فسَّر هذا القول، حيث روي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال للإمام علي عليه السلام: «فإنك الأنزع البطين، يعني منزوع من الشرك، بطين من العلم». وفي رواية أخرى عنه صلى الله عليه وآله في الإمام علي عليه السلام: « وأما ما قلت: إنه بطين، فإنه مملوء من علم خصه الله به، وأكرمه من بين أمتي .
إن درجة النبوة الخاتمة قد كانت للنبي الأكرم [صلى الله عليه وآله] . . وهو أعظم مقام يمكن أن يناله بشر . . كما أن درجة الإمامة والمقام الأعظم فيها هي تلك الإمامة التي ترتبط بالنبوة الخاتمة بلا فصل أيضاً . . وقد اختص الله بهذا المقام الإمام علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام . بل إن نبي الله إبراهيم [عليه السلام] ، حين نال مقام الإمامة ، فإن درجتها لم تكن في حد درجة الإمامة المرتبطة بالنبوة الخاتمة . .
انّ المصلحة المذكورة ليست إلّا فرضاً غلطاً ، لم يكن مطروحاً على الساحة إطلاقاً ، بل الذي حصل إنّما هو الغدر! واللجوء إلى التهديد والإرعاب! وتكتّل القوم على أساس عنصريّ وعشائري ، ممّا جعل الصحابة وغيرهم من المسلمين ، ينظرون إلى عليّ وفعله ، فكان الإمام عليه السلام هو الذي لم يمدّ يده إلى السيف والقتال به حفاظاً على أصل الدين الذي قام بسيفه أوّلاً ، كيلا يتفرّط أمره بيده ثانياً ، وكلّ ذلك بعين اللَّه وبوصاية من رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وحفاظاً على المؤمنين الأتقياء الذين يهابون اللَّه ويأتمرون بأمر رسوله ، ولا يجتهدون في مقابل ما ورد من النصوص .
من أين له القول بأنّ الصحابة لم يعترضوا على إقصاء علي ( عليه السلام ) عن الخلافة ، ولأنّ المقام هنا مقام الاختصار ، فإنّنا لا نستطيع أن نورد كلّ الاحتجاجات والاعتراضات على تلك الحادثة الأليمة . و تكفي مطالعة كتاب « الغدير » الذي ذكر 22 مناظرة واحتجاجاً نُقل عن الصحابة والتابعين. وما أجمل ما كتب عمرو بن العاص في رسالته لمعاوية قائلاً : ويحكَ يا معاوية . . . . وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم غدير خمّ : « ألا مَنْ كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه اللُّهمَّ والِ مَنْ والاه وعاد مَن عاداه وانصُر مَنْ نَصَرَه واخذُل مَن خذلَه ». و قد تصوّر السائل أنّ الصحابة يستحيل أن يتخلّفوا عن أمر من أوامر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والواقع غير ذلك ، كما نشاهده في ما رواه ابن عبّاس حيث قال : « لمّا اشتدّ بالنبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجعه قال : إئتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده . قال عمر : إنّ النبيّ غلبه الوجع ، وعندنا كتاب الله حسبنا ، فاختلفوا وكثر اللّغط ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « قوموا عنّي ولا ينبغي عندي التنازع ، فخرج ابن عبّاس يقول : إنّ الرزيّة كلّ الرزيّة ما حالَ بين رسول الله وبين كتابه » .
نعم أمير المؤمنين علي عليه السلام هو أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله وهو وزيره ووصيه ، وأخوه في الدنيا والآخرة ، وتدل أحاديث كثيرة عندنا وعندكم على أن علياً والأئمة من عترة النبي صلى الله عليه وآله هم مع النبي صلى الله عليه وآله ملحقون بدرجته يوم القيامة ، وما دامت درجته أفضل من درجات الأنبياء عليهم السلام، فأهل بيته معه في تلك الدرجة . إن أعلى درجة في جنة الفردوس هي لمحمد وآل محمد ، ثم لإبراهيم وآل إبراهيم ، ثم لبقية الأنبياء عليهم السلام ، وقد روت ذلك مصادركم !
2 ـ واحتج علي [عليه السلام] ، بهذا الحديث في خلافة عثمان أيضاً . . وذلك في المسجد ، في حلقة كان فيها أكثر من ماءتي رجل . فراجع فرائد السمطين ص123 كما في الغدير ج1 ص163 165 .
1 معنى هذا السؤال أن علياً عليه السلام لو كان إماماً حقاً ووصياً للنبي صلى الله عليه وآله فلا يمكن أن يغلبه أبو بكر وعمر ويغصبوا منه الخلافة ويعزلوه عن الحكم . وكيف تسمونه حلال المشاكل وهو لم يحل هذه المشكلة ؟! وقد فات هذا السائل أن الله تعالى ترك للناس الإختيار ولم يجبرهم على الإيمان ، وأمر أنبياءه وأوصياءه عليهم السلام أن يعملوا بالأسباب الطبيعية فكانوا مرة غالبين ومرة مغلوبين ، مع أن باستطاعته سبحانه أن ينصرهم بمعجزة ويهلك أعدائهم !