إن ثنيات الوداع ليست من جهة مكة بل من جهة الشام، لا يراها القادم من مكة إلى المدينة، ولا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام.

فقد روى الكليني رحمه الله، حديث آية الولاية، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، والفضيل بن يسار، وبكير بن أعين، ومحمد بن مسلم، وبريد بن معاوية، وأبي الجارود، عن أبي جعفر.. الخ..

أي أن الذين يخافون الله هم العلماء بالله، والواقفون على الحقائق، والعارفون بمسيرة الحياة، وأهداف الخلق، وبما أعده الله سبحانه للعصاة، والمتمردين على إرادته..

هناك في الوَقفة الأُولى يوم الحشر تكون الوَقعة شديدة ﴿ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُمْ بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ 1. فهنالك الناس ذُهول، وعُميِّت عليهم الأنباء، ولا يسألُ حميمٌ حميماً، ولا يَتساءلون فيما بينهم، وهكذا لا يسأل أحدٌ أحداً عن ذنبه وعن شأنه الذي هو فيه.

• 1. القران الكريم: سورة الحج (22)، الآية: 2، الصفحة: 332.

فدخلت اللام لتفيد التأكيد على التصميم الإلهي على إحداث هذه العقوبة، وتحويل الزرع وتبديله من حالة إلى حالة، وعلى أن الله لو شاء لألغى السنن الطبيعية وتجاوزها وتصرف بصورة مباشرة في تدمير ما نشأ عنها..

إن القول بخالقية الأئمة لعالم الوجود يتناقض مع صريح آيات القرآن الكريم، وما أكثرها، ومع الأحاديث المتواترة، وما أغزرها، مما صرح بأن الخالق هو الله سبحانه وتعالى.. إلا أن يكون المقصود هو الوجه الأول من الوجهين الآتيين في الجواب على السؤال التالي، فانتظر..

في الآية الثانية تقدير، أي أَمَرناهم بالصلاح والرَّشاد فَعَصوا وفَسَقوا عن أمر ربّهم، وهذا كما يقال: أَمَرتُه فعصى، أي أَمَرتُه بما يُوجب الطاعة لكنّه لم يُطِع وتمرّد عن امتثال الأمر وعن الطاعة.

وثانياً: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنما يتعامل مع الناس بعلم الظاهر، لا بعلم الغيب الذي هو علم الإمامة، وقد أوضحنا هذا النقطة في الكثير من الموارد.

إنه إذا كان من يؤمن أو من يكفر يريد التعدي على أهل الإيمان، ويريد سلب حريتهم، وأن يفسد في الأرض.. فلا بد من وضع حد له، ومنعه عن ممارسة هذا الظلم والقهر للآخرين، والذي لا يرضاه هو لنفسه..