نشر قبل 3 سنوات
مجموع الأصوات: 17
القراءات: 5049

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

المعلم الجنيدي و الامام الهادي

روى الحميري عن محمّد بن سعيد مولى لولد جعفر بن محمد قال: قَدُمَ عمر بن الفرج المرخجي 1 المدينة حاجّا بعد مضي أبي جعفر 2 عليه السّلام فأحضر جماعة من أهل المدينة و المخالفين و المعاندين لأهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال لهم: ابغوا لي رجلا من أهل الأدب و القرآن و العلم لا يوالي أهل هذا البيت لأضمّه الى هذا الغلام 3 و أوكله بتعليمه و أتقدّم إليه بأن يمنع منه الرافضة الذين يقصدونه و يمسونه.
فسمّوا له رجلا من أهل الأدب يكنى أبا عبد اللّه و يعرف بالجنيدي متقدما عند أهل المدينة في الأدب و الفهم ظاهر الغضب و العداوة فأحضره عمر بن الفرج و أسنى له الجاري من مال السلطان و تقدّم إليه بما أراد و عرّفه ان السلطان أمره باختيار مثله و توكيله بهذا الغلام.
قال: فكان الجنيدي‏ يلزم أبا الحسن  4 في القصر بصَرْيَا 5 فاذا كان الليل أغلق الباب و أقفله و أخذ المفاتيح إليه.
فمكث على هذا مدّة و انقطعت الشيعة عنه و عن الاستماع منه و القراءة عليه. ثم اني لقيته في يوم جمعة فسلّمت عليه و قلت له: ما قال هذا الغلام الهاشمي الذي تؤدبه؟
فقال- منكرا عليّ-: تقول الغلام، و لا نقول الشيخ الهاشمي؟! انشدك اللّه هل تعلم‏ بالمدينة أعلم مني؟
قلت: لا.
قال: فاني و اللّه أذكر له الحزب من الأدب أظنّ اني قد بالغت فيه فيملي عليّ بابا فيه استفيده منه. و يظنّ الناس اني أعلّمه، و أنا و اللّه أتعلم منه.
قال: فتجاوزت عن كلامه هذا كأني ما سمعته منه، ثم لقيته بعد ذلك فسلّمت عليه و سألته عن خبره و حاله ثم قلت: ما حال الفتى الهاشمي؟
فقال لي: دع هذا القول عنك. هذا و اللّه خير أهل الأرض و أفضل من خلق اللّه. انّه لربّما همّ بالدخول فأقول له: تنظر حتى تقرأ عشرك. فيقول لي: أي السور تحبّ أن أقرأها؟ انا أذكر له من السور الطوال ما لم تبلغ إليه فيهذها بقراءة لم أسمع أصحّ منها من أحد قط و جزم أطيب من مزامير داود النبي عليه السّلام الذي إليها من قراءته يضرب المثل.
قال: ثم قال: هذا مات أبوه بالعراق و هو صغير بالمدينة و نشأ بين هذه الجواري السود، فمن أين علم هذا؟
قال: ثم ما مرت به الأيام و الليالي حتى لقيته فوجدته قد قال بإمامته و عرف الحق و قال به 6 .

  • 1. قَالَ مُحَمَّد بن عَبدُوس فِي كتاب الوزراء، حُكيَ عَن أبي عبد الله أَحْمد ابْن أبي داؤد، أَنه قَالَ: مَا صحب السُّلْطَان أرجل، وَلَا أَخبث من عمر بن فرج الرخجي ، أنظر : الفرج بعد الشدة : 4 / 17 ، للمحسن بن علي بن محمد بن أبي الفهم داود التنوخي البصري، أبو علي ، المتوفى: 384هـ ، تحقيق: عبود الشالجى ، الناشر: دار صادر، بيروت ، عام النشر: 1398 هـ - 1978 م .

    و الجدير بالذكر أن عمر بن الفرج هو والي المعتصم العباسي على المدينة و كان من أشد الناس عداءً لآل البيت عليهم السلام ، فأوكل اليه المعتصم مهمة التأثير على الامام علي بن محمد الهادي عليه السلام بهذا الاسلوب حسب تصوره الخاطئ .

  • 2. الإمام محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، و هو تاسع الأئمة الاثنى عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام .
  • 3. أي الإمام علي بن محمد الهادي عليه السَّلام عاشر أئمة أهل البيت عليهم السلام ، و هو آنذاك ابن ثمان سنوات .
  • 4. أبو الحسن كنية الامام علي بن محمد الهادي عليه السلام ، و يُكَنَّى بأبي الحسن الثالث و كذلك بأبي الحسن الأخير تمييزاً بينه و بين غيره من الأئمة الذين يكنَون أيضاً بهذه الكنية كالإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السَّلام، و الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السَّلام ، و الإمام علي بن موسى الرضا عليه السَّلام.
  • 5. صَرْيَا : إسم قرية قرب المدينة أنشأها الإمام موسى بن جعفر عليه‌ السلام ، تقع على ثلاثة أميال من المدينة المنورة  .
  • 6. اثبات الوصية : 230 ، لعلي بن الحسين المسعودي ، المتوفى سنة 346 هجرية ، طبعة سنة : 1426 هجرية ، قم / إيران .