حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
وظائف المنتظرين
يزخر دعاء الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف بجملة من التوصيات التي تمثل وظائف أخلاقية لمختلف أطياف المجتمع، فالشيخ والشاب والمرأة والغني والفقير.. كلٌّ منهم يجد لنفسه وظيفة أخلاقية يدعو له الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف بالتوفيق لتحصيلها.
"وَعَلى المُسْتَمِعِينَ بِالاتِّباعِ وَالمَوْعِظَةِ، وَعَلى مَرْضى المُسْلِمِينَ بِالشِّفاءِ وَالرَّاحَةِ، وَعَلى مَوْتاهُمْ بِالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَعَلى مَشايِخِنا بِالْوِقارِ وَالسَّكِينَةِ، وَعَلى الشَّبابِ بِالإِنابَةِ وَالتَّوْبَةِ، وَعَلى النِّساءِ بالحَياءِ وَالعِفَّةِ، وَعَلى الاَغْنِياءِ بِالتَّواضِعِ وَالسِّعَةِ"1.
•وظائف المستمعين
إنّ الأفراد الذين لا ينتمون إلى طبقة العلماء ولا إلى زمرة المتعلّمين، يطلق عليهم لنكتة خاصّة تسمية المستمعين؛ لإفهامهم أنّ من لم يكن من العلماء والمتعلّمين فليس له من طريق للسعادة إلّا الاستماع واتّباع طريق العلماء العاملين. إنّ الدور الخطير لهذه الفئة ينحصر في هذين العنوانين الكلّيّين:
أ- الاتّباع: يفيد الاتّباع الحركة المترافقة مع الميل والإرادة خلف شخص أو شيء، فيتبعه في العلم أو الفكر والنظر. وعلى ضوء هذا، فالاستماع أوّل خصائص أهل الانتظار الحقيقيّين، وهو إنّما يتحقّق عن ميلٍ ورغبةٍ في اتّباع العارفين بالدين والعلماء وتفضّل على الربّانيّين. وقد جاء في دعاء الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف للمسلمين: "وَعَلى المُسْتَمِعِينَ بِالاتِّباعِ".
ب- الموعظة: الموعظة هي الإرشاد إلى الحقّ عن طريق التذكير النافع المؤثّر. وعلى هذا الأساس، فعلى المنتظرين المستمعين أن يفتحوا قلوبهم تجاه كلام العلماء الربّانيّين النابع من معارف القرآن والعترة السامية؛ "وَالمَوْعِظَةِ".
•كبار السنّ
لكبار السنّ في كلّ مجتمع تأثيرٌ كبيرٌ في حركة وتربية الأجيال بما لها من خبرات كبيرة ودروس قيّمة في الحياة. وتربية المجتمع المنتظر لا تخرج عن هذه القاعدة. ولذا، فمن اللائق أن تتّصف هذه الفئة بأمرين وردت الإشارة إليهما في الدعاء الشريف للإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف:
أ- حفظ الوقار: الوقار بمعنى الرزانة والثبات قبال الخفّة. ويُستفاد ممّا ورد في هذه الفقرة من الدعاء الملكوتيّ لصاحب العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف أنّ على كبار السنّ أن يحافظوا على رزانتهم وحلمهم في العمل والفكر، مع اجتناب كلّ عمل ينقص من دورهم أو من تقدير الناس لهم ومن مكانتهم لديهم؛ "وَعَلى مَشايِخِنا بِالْوِقارِ وَالسَّكِينَةِ".
ب- حفظ السكينة: السكينة هي الاستقرار والطمأنينة البدنيّة والروحيّة، وهي الصفة الثانية التي ينبغي للشيوخ وكبار السنّ أن يتّصفوا بها. ثمّ إنّ طبع الكبار وإن كان يقتضي قلّة الصبر وعدم الثبات، إلّا أنّ على الشيوخ المنتظرين أن يتجنّبوا الغضب أو الوقوع في الاضطراب وفقدان التوازن؛ قولاً وفعلاً وسلوكاً؛ "وَالسَّكِينَةِ".
•الشباب
الشباب رأس مال المجتمع أوّلاً، ومستقبل ذلك المجتمع ثانياً، فلهم دورٌ كبيرٌ في نشر الفكر الدينيّ السليم. إنّ ارتباط الشباب الدائم بالله تعالى ومراقبتهم الدائبة لسلوكهم أنجح طريق لحماية نعمة الشباب. وما ورد في فقرات هذا الدعاء حول سمات الشباب المنتظرين يمثّل أفضل الطرق الباعثة على صيانة هذه النعمة الإلهيّة:
أ- الإنابة: وهي الاستغناء عمّا سوى الله، والتوجّه التامّ إليه سبحانه. يجب على الشباب المنتظرين أن يتسلّحوا بالتهذيب وتزكية النفس؛ ليتمكّنوا من تنزيه فكرهم وميولهم عن التعلّق بما سوى الله تعالى، والإعراض عن كلّ مقصد لا يوصل إلى المقصود الحقّ؛ "وَعَلى الشَّبابِ بِالإِنابَةِ".
ب- التوبة: إنّ طبيعة الشباب الحماسيّة وروح الاندفاع لديهم عرضة للوقوع في أحابيل الشيطان وفي مستنقع الذنوب. ومن هنا، يجب على الشباب المنتظرين أن يراقبوا بشكل مستمرّ أعمالهم وأفكارهم، فإن وقعوا في ارتكاب الذنوب على إثر الغفلة، كان عليهم أن يغسلوا ذنوبهم بماء التوبة ليتطهّروا من أدران تلبيسات إبليس؛ "وَالتَّوْبَةِ".
•النساء
النساء جزءٌ هامٌّ من المجتمع الإسلاميّ، فيقع على عاتقهنّ مسؤوليّة توفير السكينة والأمن النفسيّ للمجتمع، وهي وظيفة لا مثيل لها في الأهميّة والخطورة. كما أنّ صلاح النسل الحاضر وسداد الأجيال القادمة يتوقّف على صلاحهنّ وسدادهنّ. والآفة الكبرى التي يمكن أن تمنع من أن تكون هذه الفئة من المجتمع منتجةً مثمرةً هي فقدانهنّ للصفات التي أشار إليها إمام العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف، ممّا يلزم على نساء الأمّة المهدويّة مراعاتها وطلبها من ساحة العزّ الربوبيّ:
أ- الحياء: بمعنى مراقبة النفس خشية الوقوع في الرذائل والمساوئ والعيوب. إنّ النساء المنتظرات أمينات على مظهر أسماء الجمال الإلهيّ، فيجب عليهنّ أن يحافظن على هذه الأمانة الإلهيّة، ويحفظن أنفسهنّ من الوقوع في أحابيل ووساوس الشياطين الظاهرة والباطنة ونحوها ممّا يسعى إلى خرق حريم الشرع والعقل والأخلاق وتضييق هذه الأمانة الإلهيّة الكبرى؛ "وَعَلى النِّساءِ بالحَياءِ".
ب- العفّة: إنّ النساء اللواتي ينتظرن آخر حجّة لله عجل الله تعالى فرجه الشريف هنّ حرس حريم العفّة. والعفّة -التي تعني حفظ النفس عن اتّباع الميول والشهوات النفسانيّة- من أسمى صفات النساء من أهل الانتظار. لذلك يجب على النساء المنتظرات اللواتي يحرسن حريم العفّة السعي لتمهيد الأرضيّة لسموّ أرواحهنّ واتّقاء الوساوس النفسانيّة والشيطانيّة؛ "وَالعِفَّةِ".
•الأغنياء
الأغنياء هم الأمناء على مال الله، ومجرى بعض العطايا والمواهب الإلهيّة. وثمّة فارقٌ كبيرٌ بين أغنياء المجتمع الإسلاميّ، الذين يعيشون على أمل انتظار المهديّ الموعود الموجود عجل الله تعالى فرجه الشريف، وبين الذين يتنافسون على تكاثر المال، فيحبّون أموالهم وتجارتهم أكثر من حبّهم لله 2. والوجه فيه، أنّ الأغنياء المنتظرين يتحلّون بمكارم الصفات هذه:
أ- التواضع: يجب على الغنيّ الذي يعيش على أمل انتظار آخر حامل للواء الفكر التوحيديّ أن يسعى إلى اكتساب أعلى درجات التواضع؛ أي أن يحسّ في باطنه وظاهره الذلّ الذي يطلق عليه الفقر المحض في قبال الله العزيز الغنيّ، كما يعتقد بأنّ ثروته عطيّة ونعمة إلهيّة، فعليه أن يضع نفسه إلى سائر عباد الله جنباً إلى جنب، فلا يتميّز عنهم بشيء؛ "وَعَلى الأَغْنِياءِ بِالتَّواضِعِ".
ب- السعة في العطاء: على الأغنياء المنتظرين أن يؤدّوا شكر النعمة والفضل الإلهيّ ببذل شيءٍ من هذه النعم الإلهيّة على المستحقّين؛ بقصد رفع وحلّ مشاكل إخوانهم وأخواتهم في الإيمان. وعليهم أن لا يكتفوا بأداء حقوقهم الشرعيّة كالخمس والزكاة و...، بل عليهم أن يسعوا إلى جانب ذلك إلى الإغداق على المحتاجين؛ قصد مساعدتهم على تجاوز صعوبات الحياة، ما يكوِّن لديهم تأثير إيجابيّ في المجتمع الإيمانيّ؛ "وَالسِّعَةِ" 3.