Total votes: 4
Posted: 1 day ago
القراءات: 113

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

کیف یرد الله تعالى على الذین قالوا: إن الله اتخذ ولداً؟

الجواب الاجمالي

إنّ الابن مطلوب إمّا لتقدیم العون أو لمؤانسة الروح، وبفرض المحال فإنّ الله عزّوجلّ لو کان محتاجاً لمثل هذا الأمر، لاصطفى لهذا بعضاً ممّن یشاء من أشرف خلقه، فلم یتخذ ولداً؟
ولکن لکونه الواحد الذی لا نظیر له والقاهر والغالب لکل شیء والأزلی والأبدی، فإنّه لا یحتاج إلى مساعدة أیّ أحد، ولا یستوحش من وحدانیته حتى یزیلها عن طریق الاُنس مع الآخرین، لهذا فهو منزّه ومقدّس عن الولد، حقیقیاً کان أو منتخباً.

الجواب التفصيلي

المشرکون إضافة إلى أنّهم یعتبرون الأصنام وسیطاً وشفیعاً لهم عند الله ـ کما استعرضت ذلک الآیات السابقة ـ فقد اعتقدوا ـ أیضاً ـ أنّ بعض المخلوقات ـ کالملائکة ـ هی بنات الله، والآیة الأولى فی بحثنا تجیب على هذا الإعتقاد الخاطىء والتصور القبیح بالقول:﴿ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ 1 .

ذکر المفسرون آراء مختلفة فی تفسیر هذه الآیة:
قال البعض: یقصد منها لو أنّ الله کان راغباً فی انتخاب ولد له، فلِمَ ینتخب البنات اللاتی تزعمون أنّهنّ لا قیمة لهنّ؟ ولِمَ لا ینتخب له أبناء؟ وهذا ـ فی الحقیقة ـ نوع من أنواع الاستدلال وفق ذهنیة الطرف المقابل کی یفهم أنّ کلامه  لا أساس له من الصحة.
وقال آخر: إنّما یقصد منها لو أنّ الله کان راغباً فی انتخاب ولد له، لکان قد خلق موجودات اُخرى أفضل وأرقى من الملائکة.
وبالنظر إلى کون مکانة الأنثى لا تقلّ عن مکانة الذکر عند البارىء عزّوجلّ، وبالنظر إلى کون الملائکة أو عیسى علیه السلام ـ والذین اعتبرهم بعض المنحرفین أبناء الله ـ من الموجودات الشریفة والمحترمة، فإنّه لا یعدّ أیّ من التّفسیرین السابقین مناسباً.
والأفضل هو القول بأنّ الآیة ترید القول: إنّ الابن مطلوب إمّا لتقدیم العون أو لمؤانسة الروح، وبفرض المحال فإنّ الله عزّوجلّ لو کان محتاجاً لمثل هذا الأمر، لاصطفى لهذا بعضاً ممّن یشاء من أشرف خلقه، فلم یتخذ ولداً؟
ولکن لکونه الواحد الذی لا نظیر له والقاهر والغالب لکل شیء والأزلی والأبدی، فإنّه لا یحتاج إلى مساعدة أیّ أحد، ولا یستوحش من وحدانیته حتى یزیلها عن طریق الاُنس مع الآخرین، لهذا فهو منزّه ومقدّس عن الولد، حقیقیاً کان أو منتخباً.
وإضافة إلى ما ذکرناه من قبل ـ فإنّ اُولئک الجهلة الذین یتصورون أحیاناً أنّ الملائکة هم أبناء الله، وأحیاناً اُخرى یقولون بوجود نسبة بین البارىء عزّوجلّ والجن، وأحیاناً یقولون بأنّ (المسیح) أو (العزیر) هم أبناء الله، یجهلون الکثیر من الحقائق الواضحة ـ فإن کان قصدهم هو الولد الحقیقی:
فأولاً: یجب أن یکون الباری تعالى جسماً.
وثانیاً: الترکیب یتکون من أجزاء (لأنّ الولد جزء من الأب ینفصل عن وجود أبیه).
وثالثاً: حتمیة وجود شبیه ونظیر له (لأنّ الأولاد على الدوام یشبهون الآباء).
ورابعاً: احتیاجه لزوجة، والله منزّه ومقدّس عن کلّ تلک الاُمور.
وإن کان المقصود هو الولد المنتخب أی (المتبنّى) فإنّ ذلک إنّما یتمّ لأجل احتیاجه لمساعدة جسدیة أو لمؤانسة روحیة، والله القادر القاهر لا یحتاج إلى کلّ هذه الأمور، وبهذا فإنّ وصفه بـ (الواحد) و(القهار) هو جواب مختصر على کلّ تلک الإحتمالات.
على أیّة حال، فإنّ عبارة (لو) التی تستخدم عادة للشرط المستحیل إشارة إلى أنّ هذا الفرض محال وهو أن ینتخب البارىء عزّوجلّ ولداً له، وعلى فرض أنّه یحتاج، فإنّه غیر محتاج لما یقولونه من اتخاد الولد، بل إنّ مخلوقاته المنتخبة هی التی تؤمّن هذا الأمر 2.

  • 1. القران الكريم: سورة الزمر (39)، الآية: 4، الصفحة: 458.
  • 2. المصدر: كتاب الامثل في تفسير كتاب الله المنزل‌، لسماحة آية الله الشيخ مكارم الشيرازي دامت بركاته.