الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

حقوق المجتمع

الإسلام ليس منهج اعتقاد وايمان وشعور في القلب فحسب ، بل هو منهج حياة إنسانية واقعية ، يتحول فيها الاعتقاد والايمان إلىٰ ممارسة سلوكية في جميع جوانب الحياة لتقوم العلاقات علىٰ التراحم والتكافل والتناصح ، فتكون الأمانة والسماحة والمودة والاحسان والعدل والنخوة هي القاعدة الأساسية التي تنبثق منها العلاقات الاجتماعية .

وقد جعل الإسلام كل مسلم مسؤولاً في بيئته الاجتماعية ، يمارس دوره الاجتماعي البنّاء من موقعه ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته »1.

ودعا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلىٰ الاهتمام باُمور المسلمين ومشاركتهم في آمالهم وآلامهم ، فقال : « من أصبح لا يهتم باُمور المسلمين فليس بمسلم »2.

ودعا الإمام الصادق عليه‌السلام إلىٰ الالتصاق والاندكاك بجماعة المسلمين فقال : « من فارق جماعة المسلمين قيد شبر ، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه »3.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكىٰ عضو منه تداعىٰ سائره بالحمىٰ والسهر »4.

وأمر الإمام الصادق عليه‌السلام بالتواصل والتراحم والتعاطف بين المسلمين ، وذلك هو أساس العلاقات بينهم ، فقال : « تواصلوا وتباروا وتراحموا وتعاطفوا »5.

ودعا الإمام علي عليه‌السلام إلىٰ استخدام الأساليب المؤدية إلىٰ الاُلفة والمحبة ، ونبذ الأساليب المؤدية إلىٰ التقاطع والتباغض ، فقال : « لا تغضبوا ولا تُغضبوا افشوا السلام وأطيبوا الكلام »6.

والاُسرة بجميع أفرادها مسؤولة عن تعميق أواصر الود والمحبة والوئام مع المجتمع الذي تعيش فيه ، ولا يتحقق ذلك إلّا بالمداومة علىٰ حسن الخلق والمعاشرة الحسنة ، وممارسة أعمال الخير والصلاح ، وتجنب جميع ألوان الاساءة والاعتداء في القول والفعل .

ولذا وضع الإسلام منهاجاً متكاملاً في العلاقات قائماً علىٰ أساس مراعاة حقوق أفراد المجتمع فرداً فرداً وجماعة جماعة ، وتتمثل هذه الحقوق العامّة في :

(حقّ الاعتقاد ، وحقّ التفكير وإبداء الرأي ، وحق الحياة ، وحق الكرامة ، وحق الأمن ، وحق المساواة ، وحق التملك) وتنطلق بقية الحقوق من هذه القواعد الكلية ، لتكون مصداقاً لها في الواقع العملي .

والالتزام بالاوامر الالهية كفيل باحقاق حقوق المجتمع ، ومن الأوامر الالهية الجامعة لجميع الحقوق قوله تعالىٰ :﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ 7.

فالتقيد بهذا الأمر الالهي يعصم الإنسان من التقصير في حقوق المجتمع ، ويدفعه للعمل الجاد الدؤوب لتحقيق حقوق الآخرين وأداء مسؤوليته علىٰ أحسن وجه أراده الله تعالىٰ منه .
حقوق المجتمع في القرآن الكريم

ثم تأتي السُنّة الشريفة متمّمة لهذا المنهاج ومفصلة له 8:
حقوق المجتمع في الأحاديث الشريفة
حقوق المجتمع في رسالة الحقوق
الآثار الايجابية لمراعاة حقوق المجتمع

  • 1. جامع الاخبار : ٣٢٧ .
  • 2. الكافي ٢ : ١٦٣ .
  • 3. الكافي ١ : ٤٠٥ .
  • 4. المحجة البيضاء ٣ : ٣٥٧ .
  • 5. الكافي ٥ : ١٧٥ .
  • 6. تحف العقول : ١٤٠ .
  • 7. القران الكريم: سورة النحل (16)، الآية: 90، الصفحة: 277.
  • 8. المصدر: كتاب آداب الأسرة في الإسلام، للعلامة السيد سعيد كاظم العذاري.