نشر قبل 19 سنة
مجموع الأصوات: 218
القراءات: 74291

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

من هم الابدال ؟

الأبدال : جَمْعُ بَدَلْ وَ بَدِيل ، و هم الزُّهاد ، و العُبَّاد ، و الأولياء المخلصين للّه .
و في علم الرجال 1 يُعتبر عَدُّ الراوي من الأبدال مَدحاً من الدرجة العليا يصل إلى درجة التوثيق ، فمثلاً نجدُ أنَّ الشيخ الطوسي ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) لدى ذكره لحجر بن عدي الكندي ، يقول : و كان من الأبدال 2 .
اقوال العلماء في الأبدال :
قال العلامة الطُريحي : الأبدال قوم من الصالحين لا تخلو الدنيا منهم ، إذا مات واحد أبدل الله مكانه آخر .
و في القاموس : الأبدال قوم يقيم الله بهم الأرض و هم سبعون ، أربعون بالشام و ثلاثون بغيرها ، لا يموت أحدهم إلا قام مقامه آخر من سائر الناس 3 .
و للعلامة الراغب الإصفهاني تفسيرٌ آخر للأبدال حيث يقول : و الأبدال قوم صالحون يجعلهم الله مكان آخرين مثلهم ماضين ـ و قد أنكر بعض الناس وجودهم ـ .
ثم يضيف قائلاً : و حقيقته هم الذين بدلوا أحوالهم الذميمة بأحوالهم الحميدة ، و هم المشار إليهم بقوله تعالى: ﴿ ... فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ... 4 ، 5 .
الابدال في الاحاديث و الاخبار :
لقد ذُكرت مفردة " الأبدال " في الأخبار و الأحاديث الشريفة في مواضع مختلفة ، لكن رغم إختلاف مواردها فقد جاءت كلها في مقام المدح و الثناء ، بحيث يظهر منها أن الأبدال هم أناسٌ يمتازون عن غيرهم بالصلاح و الدرجة الإيمانية العالية و الرفيعة .
فمثلاً جاء في وصايا النبي ( صلى الله عليه و آله ) لعلي ( عليه السَّلام ) : " ... وَ إِنْ جَامَعْتَهَا فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ، فَإِنَّهُ يُرْجَى أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنَ الْأَبْدَالِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ... " 6 .
وَ رُوِيَ عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) أنَّهُ قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) : " مَنْ دَعا للمؤمنين و المؤمنات في كل يوم خمساً و عشرينَ مرة ، نَزَعَ اللهُ الغِلَّ من صدره ، وَ كََتَبُه من الأبدال إن شاء الله " 7 .
من هم الابدال تحديدا ؟
لدى مراجعة الأحاديث و الروايات الواردة فيما نحن بصدد بيانه و دراستها نجد أن مفردة " الأبدال " استُعملت في الروايات و الأحاديث في المعاني التالية :
الاول : الائمة المعصومون ( عليهم السلام ) او خواص اصحابهم :
فقد رُوِيَ عن الخالد بن الهيثم الفارسي أنه قال : قلت لأبي الحسن الرضا 8 ( عليه السَّلام ) إن الناس يزعمون أن في الأرض أبدالا ، فمن هؤلاء الأبدال ؟
قال : " صدقوا ، الأبدال الأوصياء ، جعلهم الله عَزَّ و جَلَّ في الأرض بَدَلَ الأنبياء ، إذ رفع الأنبياء و ختمهم محمد ( صلى الله عليه و آله ) " 9 .
قال العلامة المجلسي ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) بعد ذكره للرواية السابقة : ظاهر الدعاء المروي من أم داود عن الصادق ( عليه السَّلام ) في النصف من رجب ـ حيث قال ـ : " اللهم صل على محمد و آل محمد ، و ارحم محمدا و آل محمد ، و بارك على محمد و آل محمد ، كما صليت و رحمت و باركت على إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم صل على الأوصياء و السعداء و الشهداء و أئمة الهدى ، اللهم صل على الأبدال و الأوتاد و السياح و العباد و المخلصين و الزهاد و أهل الجد و الاجتهاد " ، ـ إلى آخر الدعاء ـ يدل على مغايرة الأبدال للأئمة ( عليهم السلام ) ، لكن ليس بصريح فيها ، فيمكن حمله على التأكيد .
ثم أضاف قائلاً : و يحتمل أن يكون المراد به في الدعاء خواص أصحاب الأئمة ( عليهم السلام ) ... 10 .
الثاني : اصحاب الامام المهدي المنتظر ( عجل الله فرجه ) :
فقد رَوى طارق بن شهاب عن حذيفة قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) يقول : " إذا كان عند خروج القائم ينادي منادٍ من السماء أيها الناس قطع عنكم مدة الجبارين ، و ولي الأمر خير أمة محمد ، فالحقوا بمكة ، فيخرج النجباء من مصر و الأبدال من الشام و عصائب العراق رهبان بالليل ليوث بالنهار ، كأن قلوبهم زبر الحديد ، فيبايعونه بين الركن و المقام ... " 11 .
وَ رُوِيَ عن جابر الجعفي أنه قال : قال أبو جعفر 12 ( عليه السَّلام ) : " يبايع القائم بين الركن و المقام ثلاثمائة و نيف عدة أهل بدر ، فيهم النجباء من أهل مصر ، و الأبدال من أهل الشام ، و الأخيار من أهل العراق ، فيقيم ما شاء الله أن يقيم " 13 .
الثالث : النخبة الصالحون من المؤمنين :
و يدل عليه مضافاً إلى الحديث المشتمل على وصايا النبي ( صلى الله عليه و آله ) لعلي ( عليه السَّلام ) ، الذي ذكرناه في بداية البحث الحديث المذكور بعده .
صفوة القول :
و لعل الصواب في معنى الأبدال هو أن لهذه المفردة معناً عاماً يُراد به الصفوة الإيمانية و النخبة المتميزة في كل عصر ، و هذا المعنى العام يكون له مصاديق متعددة ، و أبرز هذه المصاديق هم الأئمة المعصومون ( عليهم السلام ) ، ثم الخواص من أصحابهم ، ثم المؤمنين الخُلَّص .

  • 1. علم الرجال : هو العلم الذي يُبحث فيه عن قواعد معرفة أحوال الرواة من حيث تشخيص ذواتهم ، و تبيين أوصافهم التي هي شرط في قبول روايتهم أو رفضها ، يراجع : أصول علم الرجال : 11 ، للعلامة الدكتور الشيخ الدكتور عبد الهادي الفضلي ( حفظه الله ) ، الطبعة الثانية ، سنة : 1416 هجرية ، مؤسسة أم القرى للتحقيق و النشر .
  • 2. يراجع : الرجال‏ : 61 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، المولود بخراسان سنة : 385 هجرية ، و المتوفى بالنجف الأشرف سنة : 460 هجرية .
  • 3. يراجع : مجمع البحرين : 5 / 319 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق ، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية ، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران .
  • 4. القران الكريم : سورة الفرقان ( 25 ) ، الآية : 70 ، الصفحة : 366 .
  • 5. مفردات ألفاظ القرآن : مادة " بَدَلَ " ، للعلامة الراغب الإصفهاني ، المتوفى بحدود سنة : 425 هجرية .
  • 6. من لا يحضره الفقيه : 3 / 553 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق ، المولود سنة : 305 هجرية بقم ، و المتوفى سنة : 381 هجرية ، طبعة انتشارات إسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، الطبعة الثالثة ، سنة : 1413 هجرية ، قم / إيران .
  • 7. الجعفريات : 223 ، باب فضل الدعاء للمؤمنين و المؤمنات .
  • 8. أي الإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السَّلام ) ثامن أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
  • 9. بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 27 / 48 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية .
  • 10. بحار الأنوار : 27 / 48 .
  • 11. بحار الأنوار : 52 / 304 .
  • 12. أي الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) ، خامس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
  • 13. الغيبة : 476 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، المولود بخراسان سنة : 385 هجرية ، و المتوفى بالنجف الأشرف سنة : 460 هجرية ، و بحار الأنوار : 52 / 334 .

تعليقتان