سماحة العلامة الكبير آية الله العظمى السيد المرتضى علم الهدى قدس سره
هو السيّد المرتضى أبوالقاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام ، و يعرف بالسيد المرتضى و الشريف المرتضى و علم الهدى .
ولد في رجب سنة ۳٥٥ هجرية ببغداد .
هو مفخر من مفاخر الإمامية ، و بطل من أبطال العلم و الدين ، و إمام من أئمّة الفقه و الحديث و الكلام و الأدب ، و أوحد أهل زمانه علماً و عملاً ، انتهت إليه الرئاسة في المجد و الشرف و العلم و الأدب ، و الفضل و الكرم .
كان أعلم أهل زمانه و رئيس الشيعة الامامية في عصره .
كان مفسراً كبيراً و فقيهاً متميزاً و أديباً لامعاً و شاعراً بديعاً ، و كان رضوان الله تعالى عليه متضلعاً في أكثر العلوم .
كان وحيد عصره في علم الكلام و الفقه و الأصول و التفسير و الفلسفة و علم الهيئة و الأدب العربي و اللغة العربية .
بذل السيد الشريف المرتضى قدس سره جهوداً كبيرة في نشر علوم أهل البيت عليهم السلام و ترصين أدلة العقائد الإسلامية الحقة و الدفاع عنها و رد الشبهات و الهجمات الفكرية المعادية فقام بتربية جيل من العلماء الأفذاذ الذين صاروا عمادً للحوزات العلمية و مفاخر الامة الإسلامية و المذهب الشيعي .
ينحدر السيد الشريف المرتضى من أسرة عريقة و شريفة ، يرجع نسبها إلى أئمة أهل البيت عليهم السلام ، حيث يتصل نسبه من جهة الأب بالإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام ، و من جهة الأم بالإمام علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام .
ترجمه العامّة و الخاصّة و بالغوا في الثناء عليه و أذعنوا بتقدّمه في العلوم و الفضائل و تخلّقه بالنفسيّات الزكيّة .
كانت له الزعامة المطلقة و الرئاسة الدينيّة والدنيويّة ، تولّى نقابة الشرفاء شرقاً و غرباً ، و إمارة الحاجّ ، و النظر في المظالم ، و قضاء القضاة ثلاثين سنة ، و كانت له الدراسة في علوم مختلفة ، يحضر مجلس تدريسه اُمّة كبيرة من مشايخ الحديث ، و فطاحل علم الكلام و الفقه و الأدب و غيرها فتخرّج من مدرسته أساتذة في فنون مختلفة ، و جهابذة في علوم كثيرة .
من مشايخه :
الشيخ المفيد محمّد بن محمد بن نعمان .
أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبريّ .
الحسين بن عليّ بن بابويه أخو الشيخ الصدوق .
الشيخ الصدوق محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القميّ .
سهل بن أحمد الديباجي .
أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمران المعروف بابن الجنيدي البغدادي .
أحمد بن محمد بن عمران الكاتب .
من تلامذته :
شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي .
أبويعلى سلّار بن عبدالعزيز الديلميّ .
أبوالصلاح تقيّ بن نجم الحلبيّ .
القاضي أبو القاسم عبد العزيز بن البراج .
أبو الفتح محمد بن علي الكراجكي .
القاضي عز الدين عبد العزيز بن كامل الطرابلسي .
القاضي أبو القاسم علي بن محسن التنوخي .
المفيد الثاني أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد الحسين .
الوجه في ذلك ظاهر لأن يوسف (ع) لم يفعل ذلك إلا بوحي من الله إليه، وذلك امتحان منه لنبيه يعقوب عليه السلام وابتلاء لصبره، وتعريض للعالي من منزلة الثواب، ونظير لك امتحانه له (ع) بأن صرف عنه خبر يوسف (ع) طول تلك المدة حتى ذهب بالبكاء عليه، وإنما أمرهم يوسف (ع) بأن يلطفوا بأبيهم في إرساله من غير أن يكذبوه ويخدعوه.
قلنا كل أمر ثبت بدليل قاطع غير محتمل فليس يجوز ان نرجع عنه ونتشكك فيه لأجل أمر محتمل، وقد ثبت إمامة أمير المؤمنين عليه السلام وعصمته وطهارته من الخطأ وبراءته من الذنوب والعيوب بأدلة عقلية وسمعية، فليس يجوز ان نرجع عن ذلك اجمع، ولا عن شئ منه، لما وقع من التحكيم للصواب بظاهره، وقبل النظر فيه كاحتماله للخطأ ولو كان ظاهره اقرب إلى الخطأ وأدنى إلى مخالفة الصواب، بل الواجب في ذلك القطع على مطابقة ما ظهر من المحتمل لما ثبت بالدليل، أو صرف ماله ظاهر عن ظاهره، والعدول به إلى موافقة مدلول الدلالة التي لا يختلف مدلولها ولا يتطرق عليها التأويل.
قيل له أما المفسرون فإنهم حملوا هذا الدعاء على الخصوص وجعلوه متناولا لمن أعلمه الله تعالى أنه يؤمن ولا يعبد الأصنام حتى يكون الدعاء مستجابا، وبينوا إن العدول عن ظاهره المقتضي للعموم إلى الخصوص بالدلالة واجب، وهذا الجواب صحيح، ويمكن في الآية وجه آخر: وهو أن يريد بقوله: ﴿ ...
قلنا أما ظاهر الآية فلا يدل على إضافة قبيح إلى النبي (ع) والرواية إذا كانت مخالفة لما تقتضيه الأدلة لا يلتفت إليها لو كانت قوية صحيحة ظاهرة، فكيف إذا كانت ضعيفة واهية؟
إن قوم موسى عليه السلام كانوا غلاظا جفاة، ألا ترى إلى قولهم بعد مشاهدة الآيات لما رأوا من يعبد الأصنام ﴿ ... اجْعَلْ لَنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ... ﴾ وإنما خرج موسى (ع) خائفا على نفسه من قوم فرعون بسبب قتله القبطي، فرأى ذلك الرجل يخاصم رجلا من أصحاب فرعون فاستنصر موسى (ع)، فقال له عند ذلك﴿ ...
قلنا أما من يونس عليه السلام خرج مغاضبا لربه من حيث لم ينزل بقومه العذاب، فقد خرج في الافتراء على الأنبياء عليهم السلام وسوء الظن بهم عن الحد، وليس يجوز أن يغاضب ربه إلا من كان معاديا له وجاهل بأن الحكمة في سائر أفعاله، وهذا لا يليق باتباع الأنبياء (ع) من المؤمنين فضلا عمن عصمه الله تعالى ورفع درجته، أقبح من ذلك ظن الجهال وإضافتهم إليه عليه السلام أنه ظن أن ربه لا يقدر عليه من جهة القدرة التي يصح بها الفعل.
يجوز أن تكون الغنم كانت لشعيب (ع)، وكانت الفايدة باستيجار من يرعاها عائدة عليه، إلا أنه أراد أن يعوض بنته عن قيمة رعيها فيكون ذلك مهرا لها. وأما التخيير فلم يكن إلا ما زاد على الثماني حجج ولم يكن فيما شرطه مقترحا تخيير، وإنما كان فيما تجاوزه وتعداه.
ليس فيما نطق به القرآن ما يدل على أن يعقوب عليه السلام فضله بشئ من فعله وواقع من جهته، لأن المحبة التي هي ميل الطباع ليست مما يكتسبه الإنسان ويختاره، وإنما ذلك موقوف على فعل الله تعالى فيه. ولهذا ربما يكون للرجل عدة أولاد فيحب أحدهم دون غيره، وربما يكون المحبوب دونهم في الجمال والكمال.
قلنا مما يجاب به عن هذا السؤال إن موسى عليه السلام لم يعتمد القتل ولا أراده، وإنما اجتاز فاستغاث به رجل من شيعته على رجل من عدوه بغى عليه وظلمه وقصد إلى قتله، فأراد موسى (ع) أن يخلصه من يده ويدفع عنه مكروهه، فأدى ذلك إلى القتل من غير قصد إليه، فكل ألم يقع على سبيل المدافعة للظالم من غير أن يكون مقصودا فهو حسن غير قبيح ولا يستحق عليه العوض به، ولا فرق بين أن تكون المدافعة من الإنسان عن نفسه، وبين أن يكون عن غيره في هذا الباب والشرط في الأمرين أن يكون الضرر غير مقصود، وأن يكون القصد كله إلى دفع المكروه والمنع من وقوع الضرر. فإن أدى ذلك إلى ضرر فهو غير قبيح.
قلنا: أما ما رواه الجهال في القصص في هذا الباب فليس مما يذهب على عاقل بطلانه، وأن مثله لا يجوز على الأنبياء عليهم السلام، وأن النبوة لا تكون في خاتم ولا يسلبها النبي (ع) ولا ينزع عنه، وأن الله تعالى لا يمكن الجني من التمثيل بصورة النبي (ع) ولا غير ذلك مما افتروا به على النبي (ع).
قلنا: إن العالم الذي نعته الله تعالى في هذه الآيات فلا يجوز إلا أن يكون نبيا فاضلا، وقد قيل إنه الخضر عليه السلام، وأنكر أبو علي الجبائي ذلك وزعم أنه ليس بصحيح قال: لأن الخضر (ع) يقال إنه كان نبيا من أنبياء بني إسرائيل الذين بعثوا من بعد موسى (ع)، وليس يمتنع أن يكون الله تعالى قد أعلم هذا العالم ما لم يعلمه موسى، وأرشد موسى (ع) إليه ليتعلم منه، وإنما المنكر أن يحتاج النبي (ع) في العلم إلى بعض رعيته المبعوث إليهم.
قلنا هذه الإضافة لا يقتضي ما تضمنه السؤال، بل النزغ والقبيح كان منهم إليه لا منه إليهم. ويجري قول القائل: جرى بيني وبين فلان شر، وإن كان من أحدهما ولم يشتركا فيه 1.
قلنا هذا خبر ضعيف مدفوع مطعون على اسناده، لان عثمان بن المغيرة رواه عن علي بن ربيعة الوالبي عن اسماء بن الحكم الفزاري. قال سمعت عليا عليه السلام يقول كذا وكذا واسماء بن الحكم هذا مجهول عند أهل الرواية لا يعرفونه ولا روي عنه شئ من الأحاديث غير هذا الخبر الواحد.
أن إبراهيم (ع) كانت به علة تأتيه في أوقات مخصوصة، فلما دعوه إلى الخروج معهم نظر إلى النجوم ليعرف منها قرب نوبة علته فقال: إني سقيم. وأراد أنه قد حضر وقت العلة وزمان نوبتها وشارف الدخول فيها.
قلنا: وجه هذه الآية معروف وهو ان الله تعالى لما أراد نسخ ما كان عليه الجاهلية من تحريم نكاح زوجة الدعي، والدعي هو الذي كان احدهم يجتبيه ويربيه ويضيفه إلى نفسه على طريق البنوة، وكان من عادتهم أن يحرموا على أنفسهم نكاح أزواج أدعيائهم كما يحرمون نكاح أزواج أبنائهم، فأوحى الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وآله ان زيد بن حارثة وهو دعي رسول الله صلى الله عليه وآله سيأتيه مطلقا زوجته، وأمره ان يتزوجها بعد فراق زيد لها ليكون ذلك ناسخا لسنة الجاهلية التي تقدم ذكرها، فلما حضر زيد مخاصما زوجته عازما على طلاقها، أشفق الرسول من أن يمسك عن وعظه وتذكيره لا سيما وقد كان يتصرف ع
قلنا أما الآية فلا دلالة في ظاهرها على هذه الخرافة التي قصوها وليس يقتضي الظاهر إلا أحد أمرين، إما أن يريد بالتمني التلاوة كما قال حسان بن ثابت: تمنى كتاب الله أول ليله *** وآخره لاقى حمام المقادر
قلنا: معنى هذه الآية إن أباه كان وعده بأن يؤمن وأظهر له الإيمان على سبيل النفاق، حتى ظن أنه الخير، فاستغفر له الله تعالى على هذا الظن. فلما تبين له أنه مقيم على كفره رجع عن الاستغفار له وتبرأ منه 1 على ما نطق به القرآن. فكيف يجوز أن يجعل ذلك ذنبا لإبراهيم (ع) وقد عذره الله تعالى في أن استغفاره إنما كان لأجل موعده، وبأنه تبرأ منه لما تبين له منه المقام على عداوة الله تعالى.
قلنا ما روي في هذا المعنى ليس بصحيح وليس يجوز أن يفعل الله تعالى بنبيه عليه السلام ما ذكروه من هتك العورة ليبرئه من عاهة أخرى، فإنه تعالى قادر على أن ينزهه مما قذفوه به على وجه لا يلحقه معه فضيحة أخرى، وليس يرمي بذلك أنبياء الله تعالى من يعرف أقدارهم.
قلنا: إن قوله تعالى ﴿ ... أَأَنْتَ قُلْتَ ... ﴾1ليس باستفهام على الحقيقة وإن كان خارجا مخرج الاستفهام، والمراد به تقريع من ادعى ذلك عليه من النصارى وتوبيخهم وتأنيبهم وتكذيبهم، وهذا يجري مجرى قول أحدنا لغيره أفعلت كذا وكذا؟