نشر قبل 7 سنوات
القراءات: 14783
حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
تمیز الفقه الشیعي من حیث الإتساع و الشمول و العمق و مسایرة متطلبات الحیاة المتجددة
إنّ الفقه الشيعي هو الشجرة الطيّبة، الراسخة الجذور، المتّصلة الاُسس بالنبوّة، امتازت بالسعة والشمولية، والعمق، والدقّة، والقدرة على مسايرة العصور المختلفة، والمستجدّات من دون أن تتخطّى عن الحدود المرسومة في الكتاب والسنّة.
إنّ الفقه الامامي يعتمد في الدرجة الاُولى على القرآن الكريم ثمّ على السنّة المحمدية المنقولة عن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عن طريق العترة الطاهرة ـ عليهم السلام ـ أو الثقات من أصحابه والتابعين لهم باحسان.
وكما يعتمد الفقه الشيعي على الكتاب والسنّة كذلك يتّخذ من العقل مصدراً في المجال الّذي له الحق في ابداء الرأي. كأبواب الملازمات العقلية أو قبح التكليف بلا بيان أو لزوم البراءة اليقينية عند الاشتغال اليقيني.
ولا يكتفي بذلك بل يستفيد من الاجماع في الاستنباط ولكن الاجماع المفيد هو الكاشف عن وجود النص في المسألة أو موافقة الامام المعصوم مع المجمعين في عصر الحضور.
إنّ الشيعة الامامية قدّمت في ظلّ هذه الاُسس الأربعة فقهاً يتناسب مع المستجدّات، جامعاً لما تحتاج إليه الاُمّة ولم يقفل باب الاجتهاد، منذ رحلة النبي إلى يومنا هذا. بل فتح بابه طيلة القرون فأنتج عبر العصور فقهاءً عظاماً، وموسوعات كبارا. لم يشهد التاريخ لها ولهم مثيلا وإليك عرضاً موجزاً لمشاهير فقهائهم والايعاز إلى بعض كتبهم في القرون الأولى.
فقهاء الشيعة في القرنين الأوّلين
تخرّجت من مدرسة أهل البيت وعلى أيدي أئمة الهدى عدة من الفقهاء العظام لا يستهان بهم فبلغوا الذروة في الاجتهاد كزرارة بن أعين، ومحمّد بن مسلم الطائفي، وبريد بن معاوية، والفضيل بن يسار، وكلّهم من أفاضل خريجي مدرسة أبي جعفر الباقر وولده الصادق ـ عليهما السلام ـ . فأجمعت العصابة على تصديق هؤلاء وانقادت لهم في الفقه والفقاهة.
ويليهم في الفضل لفيف آخر، هم أحداث خريجي مدرسة أبي عبداللّه الصادق نظراء جميل بن دراج، وعبداللّه بن مسكان، وعبداللّه بن بكير، وحماد بن عثمان، وحماد بن عيسى، وأبان بن عثمان.
وهناك ثلة اُخرى يعدّون من تلاميذ مدرسة الامام موسى الكاظم وابنه أبي الحسن الرضا ـ عليهما السلام ـ نظراء يونس بن عبدالرحمان، ومحمّد بن أبي عمير، وعبداللّه بن المغيرة، والحسن بن محبوب، والحسين بن علي بن فضال، وفضالة ابن أيوب1.
أكثر هؤلاء من فقهاء أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث .
هؤلاء أعلام الشيعة في الفقه والحديث في القرنين الأوّلين وكلّهم خريجو مدرسة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ولقد خلّفوا آثاراً علمية باسم الأصل، والكتاب، والنوادر، والجامع، والمسائل وعناوين اُخرى.
أصحاب الجوامع الفقهية في القرن الثالث
لم تزل تنجب مدرسة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ في القرن الثالث فقهاءاً كباراً ألّفوا جوامع فقهية. نشير إلى بعضهم:
1- يونس بن عبدالرحمان، ولقد وصفه ابن النديم في فهرسته بعلاّمة زمانه، له جوامع الآثار والجامع الكبير، وكتاب الشرائع.
2- صفوان بن يحيى البجلي، الّذي كان أوثق أهل زمانه وصنّف 30 كتابا.
3 و 4 ـ الحسن والحسين ابنا سعيد بن حماد الأهوازي، صنّفا الكتب الثلاثين.
5- أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، المتوفّى 274 صاحب كتاب المحاسن وغيره.
6- محمّد بن أحمد بن يحيى الأشعري القمّي، صاحب نوادر الحكمة المتوفّى حوالي 293. صاحب الجامع المعروف.
7- أحمد بن محمّد أبي نصر البزنطي، المتوفّى 221، صاحب الجامع المعروف.
فقهاء الشيعة في القرن الرابع
هؤلاء هم فقهاء الشيعة في القرن الثالث ويليهم عدة اُخرى في القرن الرابع نذكر أسماءهم على وجه الاجمال:
1- الحسن بن علي بن أبي عقيل شيخ الشيعة وفقيهها صاحب كتاب المتمسك بحبل آل الرسول.
2- علي بن الحسين بن بابويه، المتوفّى 329، صاحب كتاب الشرائع.
3- محمّد بن الحسن بن الوليد القمي، جليل القدر، شيخ القميين وفقيههم ومتقدّمهم مات سنة 343 ولقد بلغ في الوثاقة والدقة على حد يسكن إليها الشيخ الصدوق في تصحيحاته وتضعيفاته.
4- جعفر بن محمّد بن قولويه. اُستاذ الشيخ الصدوق مؤلّف كامل الزيارات، يقول النجاشي: إنّه من ثقات أصحابنا وأجلاّئهم في الفقه والحديث. توفّي عام 369.
5- محمّد بن علي بن الحسين الصدوق 306 ـ 381، مؤلّف من لا يحضره الفقيه والمقنع والهداية.
6- محمّد بن أحمد بن الجنيد المعروف بالاسكافي، المتوفّي سنة 385.
قال النجاشي: وجه في أصحابنا ثقة جليل القدر صنّف فأكثر، ثمّ ذكر فهرس كتبه ومنها كتاب تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة. وكتاب الأحمدي للفقه المحمّدي.
مشاهير الفقهاء في القرن الخامس
وفي القرن الخامس نبغ فقهاء كبار، احتفل الفقه الشيعي بل الاسلامي بأسمائهم وآرائهم كالشيخ المفيد 336 ـ 413 والسيد المرتضى 355 ـ 436 والشيخ الكراجكي 449 والشيخ الطوسي 385 ـ 460 وسلاّر الديلمي مؤلف المراسم، وابن البراج 401 ـ 489 مؤلف المهذب، وغيرهم الذين ملأت أسماؤهم كتب التراجم والرجال، ومن أراد الوقوف على حياتهم وكتبهم فعليه بالرجوع إلى الموسوعات الرجالية وأخص بالذكر كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة.
هذا عرض موجز لمشاركة الشيعة في بناء الحضارة الإسلامية على المستوى الفقهي. وبعين اللّه انّ علماء الشيعة قاموا بهذه الجهود في ظروف قاسية ورهيبة، وكانت الحكومات ومرتزقة البلاط تطاردهم وتسجنهم وتقتلهم ومع ذلك نرى هذا الانتاج العلمي الهائل في مجال الفقه. ولو وقف عليها علماء الإسلام لا ندهشوا من سعة الفكر، وعمق النظر، وغزارة الانتاج.
هذا هو الشيخ الطوسي الّذي ألّف المبسوط في الفقه المقارن في 8 أجزاء في زمن كانت نار الحرب مشتعلة على الشيعة ولقد أحرقت داره، ومكتبته في كرخ بغداد فالتجأ سرّاً إلى النجف الأشرف تاركاً بلده الّذي عاش فيه قرابة نصف قرن، وأين هؤلاء من الفقهاء الذين تنعّموا بالهدوء والاستقرار، واستقبلتهم السلطات الحاكمة بصدر رحب، واُجيزوا بازاء شعر أو كتيب أو رسالة صغيرة بالهبات والعطايا 2.
تعليقتان
الفقه الشيعي
أضافه خليل محمد في
لو كان الفقه الشيعي عنده اتساع وشمول وعمق لاستطاع ان يساير متطلبات الحياة الحالية ولاننا اسسنا افشل دولة في العراق فهذا يدل على ان فقهنا فيه خلل كبير وانه لم يستطع ان يربي الجيل الحالي على اسس دينية واخلاقية والحقيقة تقال انه بالمجمل فان القوانين الحالية في الدول الغربية فيها ما يصبو الناس اليه من عدالة اجتماعية وحرية فردية ودينية وتسامح اكثر مما هو موجود في فقهنا الذي عفا عليه الزمن .
عن بعض المآسي في العراق
أضافه نعيم محمدي أمجد... في
سلام عليكم ورحمة اللّه
1- كان كلام سماحة الشيخ السبحاني عن الفقه والفقهاء كمنظومة علمية، ولم يتطرق للسياسيين من العلماء.
2- نحن أيضا لا نريد الخوض في السياسة، ولكن على سبيل الاختصار نقول:
أ- كان العراق لعقود من الزمن تحت وطأة دكتاتورية صدام، والتطور في العلم والرفاه والتقنيات بحاجة إلى الانفتاح وحرية الرأي وأجواء مؤاتية. ثم ما إن ولى صدام حتى حل محله الأمريكان، وبعد ذلك تكالب الغرب على المنطقة وأرسل ودعم الإرهابيين وكان العراق وسورية المتضرر الأكبر من وحشية هؤلاء، وقد دمروا ما دمروه...
ب- حينما احتل الإرهابيون بقاعا عديدة من العراق، وتوغلوا فيه، سجل التاريخ فتوى الجهاد للسيد السيستاني، وعلى إثرها هب الشعب العراقي وحرر المدن ودحر المجموعات المسلحة، وهذه الانتصارات كانت انطلاقتها فتوى فقيه حكيم، يساير متطلبات بلده.
ج- تلبية نداء المرجعية في جهاد الإرهابيين خير دليل على أن الجيل الحالي قد تربى على طاعة الله والتضحية والهمة.
د- الغرب الذي أسس مثل داعش الإرهابية، لتذبح الناس، وتنهب ثرواتها، وتحرق الأخضر واليابس فيها، ويرسل السلاح لإبادة الشعوب العزل، لا يمكنه أن بتبجح بالحرية والتسامح.
ه- العراق أيضا كسائر البلاد بحاجة إلى شيء من الوقت حتى يزدهر بإذن الله ويتطور، كما تطورت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعد أن تخلصت من براثن الشاه الدكتاتور والعميل للغرب.
وللمزيد يمكنك قراءة:
دور العراق في الحضارة الدينية
ونسأل الله الخير لكل البلاد الإسلامية والمسلمين جميعا