مجموع الأصوات: 83
نشر قبل 5 سنوات
القراءات: 7243

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

اسلام معدل

لا نجانب الحقيقة إذا قلنا أنه لا يمر يوم إلا ويُـنشر فيه مقالات أو تعرض مقابلات حول تحديث الإسلام وتطويره بما يناسب العصر.

وهذه الدعوات تلقى صداها في الأوساط التي أُصطلح على تسميتها مثقفة أو تقدمية أو النخب ويكثر الكلام والإجتهاد حول طريقة التحديث وآليتها.‏

والملفت للنظر أن الجميع يدخل في هذه العملية وهو واثق من نفسه ويدلوا بدلوه بلا رادع ولا تحفظ حتى بتـنا نسمع بعض الإجتهادات التي لم تكن معروفة من قبل ولا تستند إلى ثوابت الإسلام وأسسه.‏

مع لحاظ أن التحديث والتطوير أمرآن رافقا الإسلام بشكل طبيعي وبلا تكلف عبر تاريخه الطويل، وأدنى نظرة إلى علمائنا وما كتبوا يدل على أن عملية التطوير كانت مستمرة ً ومتصاعدة ضمن الضوابط والأسس العلمية المتبعة.‏

الغريب أن البعض يعطي رأيه في أمور لا يمكن الركون إليها بل لا يمكن السكوت عليها:‏

فذاك الصحفي يكتب أن "محمداً" يقبل من أتباعه أن يكونوا مسلمين أو غير مسلمين بل حتى ملحدين، وذلك لأن القرآن يقول "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"!!!‏

وتلك تدعو علنا ًفي جريدة عربية معروفة 28/11/2004 لأن يحمل المولود اسم عائلة أمه وليس أباه لسبب بسيط وهو قول الله في القرآن الكريم "ولقد كرمنا بني آدم" فهذا التكريم للمرأة هو تكريم لبني آدم ،ومن تكريمها نسبة ولدها إليهاحاملا اسم أسرتها... متـناسية قول الله تعالى﴿ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ... 1.‏

وثالث ينتقض الكثير من الفتاوى "المتزمته" والمتعصبة والتي لا تتناسب مع مقتديات العصر ولا حقوق الإنسان ولا المواثيق الدولية لأن القرآن الكريم يقول ﴿ ... يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ... 2وبما أن الكثير مما يتداول من فتاوى دينية وممارسات فيه حرج وعسر، خاصة أن هذه الآراء جاء بها "رجال الدين" بحسب تعبيره!‏

ورابع يُسهب في خلط الآراء بطريقة لا تُـعرف بداياتها ولا نهاياتها ويكثر من الأفكار والنظريات ذات اليمين وذات الشمال " بموازين" ليست بموازين ثم يُسوّق لفكرته بالآية القرآنية ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ... 3.‏

وخامسة تلحظ إنتشار البرقع في مصر وكأنه عادة أفغانية طارئة ومستوردة ، مع أن أدنى إطلاع على آراء الفقهاء، " وتراث" الأمة ، و حكايا جداتنا اللواتي ما زالوا أحياء يُـظهر أن الأمر ليس مستهجنا حتى في بلاد الشام بما فيها مدن لبنان في بيروت وصيدا وطرابلس وحتى أمد قريب ... ليس مستهجنا إلا بين أهل الثقافة المهجنة .‏

كل هذ الأمثلة ، فضلا ًعن أخرى مشابهة لن نستغرق في سردها لأنها ميسورة لمن أراد تحصيلها من وسائل إعلامنا كل يوم، تماما كالذي يروج للحوار حتى مع الأعداء تحت عنوان ﴿ ... تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ ... 4متغافلا ًعما قبلها وعما بعدها من جزء او آيات ومناسبتها...أما الذي نظّر للسلام مع الأعداء على أساس ﴿ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا ... 5والذي نظّر لترك الجهاد تطبيقاً للآية ﴿ ... وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ... 6فهؤلاء أصبحو من الموضة القديمة.‏

بعد كل هذا نسأل بألم: إلى أين؟!‏

أليس مؤسفاً أن يتجاهر أعداء الأمة بمنازلتها في شتى الميادين، وبيننا بعض طارئي الإجتهاد يخوضون "لجج الحداثة" يشككون ضعفة الناس ، وهم الأكثرية الساحقة ، مختصرين لأهداف أعداء الأمة من حيث يعلمون أو لا يعلمون؟!‏

أليس بيننا أختصاصيون وعلماء وفقهاء وحكماء، وهل أصبحت الأمة مجدبةً إلى هذا الحد، وهل أصبحت عقدة رضا الآخر أو حوار الآخر تتحكم حتى في مبادئنا العقائدية والدينية وخصوصيات الأمة؟!‏

إن هذه الفوضى لا تُـؤمن عقباها ،وإن أصابت أحياناً أو حملت عناوين مفيدة، لأن المُخاطر غير محمود ولو نجا.‏

في هذه العجالة لا يسعنا إلا الدعوة إلى القليل من الثقة بالنفس والثقة بتاريخ الأمة وبرجالها بعيدا عن أمواج التشكيك التي تحيط بنا فليس كل ما عندنا عِـهن وزبد7.‏