الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

التاريخ في القرآن

المتأمل في القرآن الحكيم يجد أنه كثيرا ما يتحدث عن قصص الماضين ... وبلا شك هذا ليس لغوا زائدا ولا هو كما يدعي البعض لتسلية النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقط ، بل هو بيان لثبات السنن الإلهية فيما يخص الصراع بين الحق والباطل ، ولو كانت هذه القصص خاصة بالرسول صلى الله عليه و آله و سلم فقط لما كان منها فائدة تذكر بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى.
والله تعالى يقول ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ... 1 ويقول ﴿ كَذَٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا ﴾ 2 ويقول ﴿ ... فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ 3 ويقول عز وجل ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ... 4.
وغيرها من الآيات الواضحة التي تلفت انتباهنا للتفكر والتدبر في التاريخ ، وهذه النتيجة لا تحتاج إلى تفكر بل هي من البديهيات المسلمة ولكن البعض يرفضها بحجة أنها إثارة للفتن وكأنما القرآن هو المثير للفتنة ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ 5.
وإنني على يقين بأنه لو كان هنالك كتاب منزل من السماء بعد القرآن لقص علينا ما جرى بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم على أهل بيته من ظلم واضطهاد وتنحية عن مراتبهم التي رتبهم فيها الله عز وجل ، ولكن شاء الله بحكمته وإرادته أن يكون محمد صلى الله عليه و آله و سلم خاتم الأنبياء والمرسلين والقرآن هو الدستور الحاكم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وبما أن الأمة تفرقت شيعا وطوائف وجب البحث في قضايا التاريخ عن جذر هذه الانحرافات الموجودة في الأمة ، وفي نهاية هذا الفصل سنذكر أمثلة من الانحرافات التي حدثت في الأمم السابقة والتي يمكن أن نجد لها مصداقا في واقع الأمة الإسلامية 6.