مجموع الأصوات: 11
نشر قبل 10 أشهر
القراءات: 937

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

القرآن خارطة طريق الحياة الطيبة

قبل نصف قرن من الزمن كان القرآن كتاب المقابر، يُتلى على الأموات بحثا عن الثواب ليس أكثر، وكان القليل من الناس يجيد قراءة كتاب الله، والأقل كان يحفظ آياته أو بعضاً منها.
أما اليوم، فقد أصبحنا – والحمد لله – نشاهد الكثير الكثير من حلقات تعليم قراءة القرآن وتحفيظه، وتعليم الأطفال الترتيل والتجويد، وذلك في المساجد والمدارس والحسينيات والمراكز التربوية.

ولكن، هل هذا هو كل الإهتمام المطلوب بالقرآن؟

هل القرآن هو مجرد كتاب للتلاوة والترتيل؟ هل هو كتاب الإستشفاء به فقط؟ هل هو كتاب الإستخارة لا غير؟ أم هو كتاب مجالس تكريم الأموات؟ أو هو كتاب التبرّك به عند الإنتقال لبيت جديد، وعند الزفاف، وعند السفر، وللتعليق في السيارة للحفظ؟ هل القرآن هو فقط للكتابة على الجدران، وحفر بعض آياته على القلائد الذهبية وتعليقها على الصدور؟
هل حقاً هذه هي كل فوائد القرآن، هذا الكتاب المنزل من الله تعالى والذي يصفه رب العالمين بأنه:﴿ ... هُدًى لِلْمُتَّقِينَ 1 ﴿ هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ 2 ﴿ ... هُدًى لِلنَّاسِ ... 3 ﴿ ... بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً ... 4.
إنّ هذه الآيات وعشرات غيرها تبيّن بوضوح أنّ القرآن هو خارطة الطريق لحياة الإنسان، فيه البصائر والهداية وشفاء القلوب، فيه برنامج السعادة في الدنيا والفلاح في الآخرة.
إذا كان كذلك - وهو كذلك – إذن، هل يصح أن نكتفي بتلاوته وترتيله وتجويده والتبرك السطحي به فقط؟
إنّ القرآن نفسه يدلّنا كيف علينا التعامل معه:
1- القراءة هي الخطوة الاولى للتعامل مع أي نصٍ مكتوب: ﴿ ... فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ... 5.
2- أن نبعد الشيطان ونبتعد عنه عند قراءة القرآن حتى لا يحرِّفنا عن معانيه وبصائره السامية الى الإهتمامات الجانبية: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ 6 .
3- أن نستمع له وننصت عند قراءته، لأنَّ هذا مقدمة ضرورية للفهم والتفكير في النص: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ 7 .
4- علينا أن نتذكر بالقرآن، أي أن نجعله المقياس الذي نعيد اليه كل الأمور ونوزنها بمعاييره: ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا ... 8 ، ﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ 9 .
5- التدبر في القرآن – وهذا من المفردات الهامة في التعامل مع القران – لاستنباط مفاهيمه وبصائره مقدمة للعمل بها: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ 10 ، ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ 11 12، ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ 13 .
6- إتباع الكتاب والعمل به: ﴿ وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ 14.
وهذا هو في الحقيقة أهم نقاط التعامل مع القرآن، إذ القرآن الكريم ليس هو إلّا كتاب عمل، إنه برنامج البشرية للتقدم والسعادة، لذلك علينا ان تنجاوز مرحلة الإكتفاء بالتلاوة والحفظ فقط، لنغوص في أعماق آيات الكتاب ونستلهم منها البصائر والرؤى وبرامج الحياة الموفّقة، والعيش السليم، والحياة الطيبة.