مجموع الأصوات: 121
نشر قبل 8 سنوات
القراءات: 8861

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

المراة بین النظرة السلبیة و الایجابیة

النظرة السلبية للمرأة

إذا نظرنا إلى الكون نظرة مادية (في حدود الطبيعة) التي عبّر عنها القرآن على لسان الملحدين فقال تعالى:﴿ ... مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ... 1، فلابدّ أن ننظر إلى الإنسان نظرة مادية ونقول: إنّه ليس إلاّ جسم فقط، فالبدن يشكّل حقيقة الإنسان، وهذا البدن يكون على شكلين: مرّة على شكل رجل، ومرّة على شكل امرأة. وحينئذ لا توجد فضائل عند الإنسان، بل الإنسان كالنبات والحيوان والمعدن مادة وجسم فقط.
وعلى هذا التفكير فلا يوجد تمايز بين الرجل والمرأة، وهذا ما يسعى إليه الإنسان الغربي في ما يسمّى بعصر النهضة (بين منتصف القرن السابع عشر وحتى القرن الثامن عشر) ورواج الروح العلمية والعقلية في الابتعاد عن الدين، وقد وافقت الاُمم المتحدة في 3 سبتمبر 1979م على اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضدّ المرأة. وتعدّ هذه الاتفاقية تتويجاً للحركة الفيمنيّة التي انطلقت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في الغرب لغرض استرجاع المرأة حقوقها.
وعلى هذه النظرة، فلابدّ أن تلاحظ المرأة على أنّها أداة لتأمين غريزة الشهوة، لذا كثرت الدعوات من هذا الفريق لإزالة الحجاب كمقدّمة لإشباع الغريزة منها، وتصوّروا أنّ سرّ تخلّفها كامن في الحجاب والعفّة. وفي هذا الفريق من البشر تُنتزَع الرحمة ويزول العطف وتضمحل الرقة; لأنّ نصف المجتمع ـ وهو المرأة ـ ينظر إليها نظرة سلبية، وتربّى المرأة على إشباع الغرائز، وبهذا تفقد المرأة مكانتها في تربية المجتمع على العاطفة والرأفة والرقة التي كانت المرأة هي مصدر تزريقها في المجتمع الإنساني، فلايوجد في هذا الفريق غير القوّة والشهوة والقمع.

نظرة الإسلام للمرأة

إنّ الإسلام نظر إلى الإنسان على أنّه مكوّن من روح ومادة، والإنسان رجل وامرأة، فالمرأة أيضاً تتكون من روح ومادة.
والروح: لا امتياز فيها بين الرجال والنساء، وهي التي تتكامل بالمعارف والعلوم والأخلاق والمزايا الفاضلة التي تتلخص كلّها في التقوى. وهذه الامتيازات للروح تكون بمثابة الملك لها، لا يمكن سلبها عنها إذا حصلت عليها الروح، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ 2.
وقال تعالى: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي 3.
والمكافاة لهذه الامتيازات الروحية هي الجنة التي هي مقسّمة حسب مراتب هذا التفاضل، فالأكثر إيماناً وعلماً وعقيدة (أي الأكثر تقوى) له مراتب أعلى من غيره الذي هو عالم مؤمن متقي.
وأمّا المادة: وهو الجسم، فليس له إلاّ التنفيذ.
وفي المادة توجد امتيازات وتوجد فوارق، إلاّ أنّها ليست من باب الكمال وإن كانت فضيلة ومزية، إلاّ أنّها ليست معياراً للتفاضل، فتأتي هنا قضية قواميّة الرجل على المرأة التي قلنا سابقاً: إنّها فضيلة القوة، بينما تحوز المرأة فضيلة العاطفة والرحمة والرقة (المتمثلة في جمال المرأة) التي قال عنها الإسلام إنّها ريحانة وليست قهرمانة.
وقد أراد الله تعالى أن يسخّر المجتمع لعواطف المرأة ورقتها ورحمتها، بمعنى أنّه أراد للمجتمع أن يتربّى على العواطف والرحمة، فإدخلها إلى المجتمع مع الحجاب والعفة ليستفيد من عاطفتها ورقتها ولطفها وصفائها ووفائها.
فالتفاضل موجود في جسم الإنسان (الرجل والمرأة) ولكنّه ليس هو التكامل المنشود، فالرجل عادةً وغالباً فيه امتياز على جسم المرأة بالقوة، وجسم المرأة عادة وغالباً فيه امتياز على جسم الرجل باللين والعاطفة، وأراد الإسلام أن يمزج بين القوة واللين أو بين العقل والعاطفة; ليتم صرح بناء المجتمع من مادة لينة ومادة صلبة، فيكون بناء المجتمع بناء محكماً وقوياً.
ولكن إذا نظرنا إلى المرأة على أنّها مادة فقط خُلقت لاشباع الغريزة الجنسية فقط، فقد سلبنا من المرأة لينها وعاطفتها ورقتها (جمالها) وتربّت على غير وظيفتها، فتحوّل المجتمع كلّه إلى صرح كلّه قوّة وكلّه حجر وكلّه صلابة، والصرح لا يقوم على الصلابة من دون مادة ليّنة، فيكون عرضة للسقوط.
إذاً الإسلام أراد من الامتيازات بين جسم الرجل وجسم المرأة تقسيم المناصب التنفيذية، والمناصب التنفيذية هي أمانة، فالرجل له مناصب معينة ينفذها، والمرأة لها مناصب معينة تنفذها، ولا حقّ للاعتراض على تقسيم هذه المناصب حسب الامتيازات البدنية; لأنّه ليس شيئاً يكون فارقاً بين الرجل والمرأة في الفضيلة.
وهذه المناصب التنفيذية تقابلها مسؤوليات.
فإذا ثبت أنّ الرجل له هذا المنصب الخاص، والمرأة لها هذا المنصب الخاص، فلا يوجب هذا تفاضلاً، بل هو من تقسيم المسؤوليات حسب اختلاف الأجسام.
وكمثال على ذلك إعطاء القيمومة للرجل على زوجته، وهذه القيمومة هي عبارة عن تنظيم اُمور المرأة ورعايتها، ممّا فضّل الله الرجل على المرأة في قوة البدن، وبما أنفق من ماله لترتيب المسكن الذي يوجب سكناً لهما، فلا اعتراض على ذلك; لأنّه وظيفة يقابلها مسؤولية، كما أنّ المرأة لها وظيفة الرضاعة والحضانة والرعاية والقيام بشؤون الأولاد، وهذا يقابله مسؤولية على المرأة في وظيفتها، فلا يعتبر هذا فارقاً في التفاضل.
هذا كلّه في الوظائف الخاصة بكلّ منهما، أمّا الأعمال العامة في المجتمع فهي مشتركة بينهما إذا وجدت المؤهلات اللازمة لها، وكان هناك وقت كافي بعد إنجاز المهام الخاصة بكلّ واحد منهما 4.