الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
تنبيهات حول اللطف
1 ـ إنّ الإنسان قد يخطىء في تشخيص اللطف، فيحكم على ما فيه مفسدة بأنّه من اللطف، وهو غير ملتفت إلى وجود المفسدة فيه.
ولهذا ينبغي أن لا يحكم الإنسان على شيء بأ نّه من اللطف إلاّ بعد بلوغ مرحلة اليقين بانتفاء المفسدة من ذلك الشيء 1.
2 ـ إنّ اللطف لا ينحصر تحقّقه دائماً في فعل معيّن، بل قد تكون مجموعة أفعال تؤدّي كلّ واحدة منها دور اللطف المطلوب 2.
3 ـ إنّ للّه تعالى لطفاً لا يمنحه إلاّ لمن ينتفع منه.
وأمّا الّذين لا ينفعهم هذا النمط من اللطف، ولا يؤدّي بهم إلى فعل الطاعة وترك المعصية، فإنّه تعالى سيحرمهم من هذا اللطف 3.
بعبارة أخرى:
إنّ اللطف الإلهي ينقسم إلى قسمين:
أوّلاً: لطف عام وهو من قبيل إرسال الرسل لهداية الناس.
وهذا اللطف يفعله اللّه لجميع المكلّفين إتماماً للحجّة عليهم.
ثانياً: لطف خاص
وهو من قبيل دعم المكلَّفين بما يجعلهم أقرب إلى فعل الطاعة وأبعد عن فعل المعصية.
ويكون هذا اللطف للعباد الذين ينتفعون منه، وأمّا الذين لا ينتفعون منه فإنّهم هم الذين يحرمون أنفسهم من هذا اللطف، لأ نّه تعالى لو يعلم انتفاعهم من لطفه هذا لفعله بهم .
قال تعالى:﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ 4.
أي: لو علم اللّه انتفاع هؤلاء المشركين من اللطف، لألطف عليهم وأسمعهم الجواب عن كلّ ما يسألونه، ولكنه علم بأنّهم لا ينتفعون ولا يفيدهم هذا اللطف، فلهذا أهملهم.
وقال الشيخ الطبرسي حول تفسير هذه الآية: "وفي هذا دلالة على أنّ اللّه تعالى لا يمنع أحداً من المكلّفين اللطف، وإنّما لا يلطف لمن يعلم أنّه لا ينتفع به"5.
ورد عن الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) حول قوله تعالى:﴿ ... وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ ﴾ 6.
قال(عليه السلام): "إنّ اللّه تبارك وتعالى لا يوصف بالترك كما يوصف خلقه، ولكنه متى علم أنّهم لا يرجعون عن الكفر والضلال، منعهم المعاونة واللطف وخلّى بينهم وبين اختيارهم"7 8.
- 1. انظر: كشف المراد، العلاّمة الحلّي: المقصد الثالث، الفصل الثالث، المسألة(12)، ص445. مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج السادس، البحث الخامس، ص253.
- 2. انظر: الاقتصاد، الشيخ الطوسي: القسم الثاني، الفصل الرابع، ص133.
- 3. ذهب المحقّق الحلّي والشيخ سديد الدين الحمصي إلى حرمان الكافر من اللطف بصورة مطلقة، ولكن التقسيم المذكور لاحقاً أكثر دقّة وشمولية. انظر: المسلك في أصول الدين، المحقّق الحلّي: النظر الثاني، البحث الرابع، المطلب الأوّل، ص102. المنقذ من التقليد، سديد الدين الحمصي: ج1، القول في اللطف و...، ص303.
- 4. القران الكريم: سورة الأنفال (8)، الآية: 23، الصفحة: 179.
- 5. مجمع البيان، الشيخ الطبرسي: ج4، تفسير آية 23 من سورة الأنفال، ص 818.
- 6. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 17، الصفحة: 4.
- 7. عيون أخبار الرضا، الشيخ الصدوق: ج1، باب 11، ح16، ص113.
- 8. المصدر: كتاب العـدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) لـشيخ علاء الحسّون.