حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
فاطمة الزهراء تُعدّ من عجائب الخلقة
ما يمكنني قوله بشأن فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، هو إنّ هذه السيدة الجليلة وهذه السيدة الشابة تُعدّ من عجائب الخلقة. إذا استطاع الإنسان إحصاء الأبعاد الوجودية لفاطمة الزهراء (سلام الله عليها) ومشاهدتها، فإنّه سيُوقن بأنها ظاهرة مذهلة في خلق العالم، إنّها مخلوقٌ بهذا المستوى. لقد بلغت هذه الشابة، التي استشهدت في أوائل شبابها - إذْ يُقال وفقاً لبعض الروايات إنها كانت في سن الثامنة عشرة، وفي روايات أخرى يقال حتى في سن العشرين أو الاثنين وعشرين وما إلك ذلك، ولكن على أي حال، ما ورد بشأن هذه السيدة الجليلة عن النبي (ص) أو الآخرين يتعلق بشابة في السابعة عشرة أو الثامنة عشرة من عمرها - على الصعيد المعنوي ومرتبة الهوية الملكوتية والجبروتية، مقاماً إذ أصبح غضبها موجباً لغضب الله، ورضاها موجباً لرضا الله. نُقلت هذه الرواية عن الشيعة وعن السنة كذلك، ففي روايات كتب الشيعة، نُقلَ «إِنّ اللهَ يَغضَبُ لِغَضَبِ فَاطِمَةَ وَيَرضى لِرِضاها» 1، هذا التعبير الموجود في كتبنا. أما في كتب أهل السنة، فالرواية نفسها تأتي بصيغة خطاب من النبي (ص) إلى فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، إذْ قال النبي لفاطمة: «يا فاطِمَةُ، إِنّ اللهَ لَيَغضَبُ لِغَضَبِكِ وَيَرضى لِرِضاكِ» 2. إنه أمر عجيب جداً! ليس كما لو أننا نقول إن هذا الإنسان الرفيع المقام هو الذي يغضب لغضب الله؟ كلّا، القضيّة عكس ذلك، فالله يغضب لغضبها. انظروا إلى هذه العظمة!
كانت (س) المواسية للنبيّ (ص) في الشدائد، والمرافقة لأمير المؤمنين (ع) في الجهاد، والباعثة لدهشة الملائكة في العبادة، والمُلقيَة لتلك الخُطَب الفصيحة والبليغة والناريّة في السياسة. خُطب فاطمة الزّهراء (س)، سواء أكانت تلك التي ألقتها في المسجد أمام المهاجرين والأنصار، أم تلك التي شاركتها مع نساء المدينة، كانت تتضمن السياسة والمعرفة والشكوى والمناقب كذلك؛ [تتضمن] كلّ شيء. كانت حقاً أمراً استثنائيّاً صاغته أرقى الألفاظ وأبعدها مدى، كخُطب نهج البلاغة تماماً. هي مَن ربّت الإمام الحسن (ع) والحسين بن علي (ع) وزينب (س). لاحظوا! كيف أنّ هذه الخصائص حين يجتمع بعضها مع بعض، تُظهر للمرء - للحقّ والإنصاف - أمراً مُذهلاً وعظيماً. كانت طفولتها أسوة، وكذا شبابها وزواجها وسيرة حياتها، وهذه كلّها تُعَدُّ النماذج الأسمى التي تبرز أسمى مراتب المرأة المسلمة. هذه هي القمّة. الإسلام يدعو النساء نحو هذه القمّة، وصحيح أنّ النساء جميعهن لا يستطعن بلوغها، ولكن في مقدورهنّ السير في ذاك الاتجاه. طبعاً، يُعدّ هذا أجمل وأبلغ وأفصح تعبير عن أنموذج المرأة المسلمة 3 4.